ما هو طريق الجنة
وصف الجنّة
خلق الله تعالى الجنّة ؛ لتكون جزاءً لعباده الصالحين، وأمرهم بالعمل الصالح حتى يدخلوها، وجعل مفتاحها لا إله إلا الله محمّدٌ رسول الله، وأسنانه شرائع الإسلام، فلا يفتح باب الجنّة إلا بذلك المفتاح وأسنانه الكاملة، ومن الجدير بالذكر أنّ للجنة أبواباً ثمانيةً بين مصراعي الباب الواحد، منها كما بين مكّة المكرّمة وهجر، فيُدعى أهل الجنّة من أبوابها كلٌّ حسب عمله، ويدخل أهل الجهاد الجنّة من باب الجهاد، ويدخل أهل الصلاة الجنّة من باب الصلاة، ويدخل أهل الصيام الجنّة من باب الريان، ومن المسلمين من يُدعى من كلّ أبواب الجنّة، فيدخل من حيث يشاء، فإذا دخلوا الجنّة وجدوا فيها العجب العجاب، فترابها الزعفران، وحصاها الياقوت واللؤلؤ، وأمّا شجرها فيسير الجواد المضمر في ظلّ الواحدة منها مئة عامٍ لا يقطعها، وفيها أنهارٌ من عسلٍ، وأنهارٌ من ماءٍ لا يتغير طعمه، وأنهارٌ من لبنٍ، وأنهارٌ من خمرٍ لذّةٍ للشاربين، والفاكهة فيها لها نفس الأسماء، كالنخل، والرمان، ولكنّها ليست كفاكهة الدنيا، وقد ذلّلت قطوفها تذليلاً؛ فتكون في متناول من يرغب في أكلها سواءً كان واقفاً، أو قاعداً، أو مستلقياً، وكلّما ذاقوا طعم الفاكهة فيها وجدوه قد تغيير، مع أنّ الشكل نفسه، وينعمون مع الحور العين في مساكنهم، وأمّا الحور فكلّ ما جامعها زوجها عادت بكراً، ثمّ يطوف لخدمتهم ولدان مخلّدون كالؤلؤ في جمالهم، يحملون أكواباً وأباريق من معينٍ لذّةٍ للشاربين، فيحيا أهل الجنّة فيها خالدين فلا يموتون، وأصحاء فلا يمرضون، وشبابٌ فلا يهرمون.
طريق الجنّة
إنّ الجنّة هدف كلّ مسلمٍ وحلم كلّ مؤمنٍ؛ ففيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، فيها قصورٌ وغرفٌ بناؤها لبنةٌ من ذهبٍ ولبنةٌ من فضّةٍ، وملاطها المسك، وأخرى جوهريّةٌ شفّافةٌ يُرى من داخلها ما في خارجها، وتجري من تحتها الأنهار، وتجدر الإشارة إلى أنّ لها ثمانية أبوابٍ وهي: باب الصلاة، والزكاة ، والريان، والحجّ، والصلة، والجهاد ، والعمرة، وتتفاوت فيها الدرجات ، فأعلى درجةٍ فيها هي: جنّة الفردوس، وأعلى الفردوس؛ المقام المحمود الذي جعلهُ الله تعالى لنبيه محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، ويرى أهل الجنّة أهل هذه الدرجة كما نرى الكواكب والنجوم في السماء، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ أهلَ الجنَّةِ يرَوْنَ أهلَ الغُرَفِ كما ترَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ الغابرَ في الأفقِ مِن المشرقِ والمغربِ لتفاضُلِ ما بينهما، قالوا: يا رسولَ اللهِ تلك منازلُ الأنبياءِ لا يبلُغُها غيرُهم؟ قال: بلى والَّذي نفسي بيدِه رجالٌ آمَنوا باللهِ وصدَّقوا المرسَلينَ، قالوا: يا رسولَ اللهِ تلك منازلُ الأنبياءِ لا يبلُغُها غيرُهم؟ قال: بلى والَّذي نفسي بيدِه رجالٌ آمَنوا باللهِ وصدَّقوا المرسَلينَ)، وأقلّ أهل الجنّة منزلةً له من الملك كمثل ملك عشرة ملوكٍ من ملوك الدنيا، فإن كان هذا حال الجنّة، فلا بُد من ثمنٍ لدخولها، وأعمالٍ تقود إليها، ومن الأعمال التي تعتبر طريقاً إلى الجنّة:
- الإيمان بالله تعالى وبرسوله صلّى الله عليه وسلّم، واجتناب الشرك بالله، والتزام أوامره، حيث قال النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (من آمن باللهِ وبرسولِه، وأقام الصَّلاةَ، وصام رمضانَ، كان حقًّا على اللهِ أن يُدخِلَه الجنَّةَ)، بالإضافة إلى قوله عليه السّلام: (من لقيَ اللهَ لا يشركُ بهِ شيئًا دخلَ الجنةَ).
- اجتناب الغلول والكبر، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من ماتَ وَهوَ بريءٌ منَ الْكبرِ والغُلولِ والدَّينِ دخلَ الجنَّةَ).
- اجتناب الوقوع في فاحشة الزنا ، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من يضمَنْ لي ما بين لَحيَيْه وما بين رِجلَيْه أضمنُ له الجنَّةَ).
- التقرّب إلى الله تعالى بالنوافل، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن أحَدٍ يتوضَّأُ فيُحسنُ الوضوءَ ويصلِّي رَكعَتينِ يُقبِلُ بقلبِه ووجهِهِ عليهِما إلَّا وجبَت لَه الجنَّةُ)،
- الصدق، فلا شكّ أنّ الصدق طريقٌ نهايته الجنة، فلذلك ينبغي للعاقل أنّ يكون صادقاً مع الله تعالى ومع نفسه، فقد قال النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (عليكم بالصِّدقِ، فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّةِ، وما يزالُ الرَّجلُ يصدُقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ صِدِّيقًا).
- أعمال أخرىى؛ كإطعام الطعام، وقيام الليل ، وإفشاء السلام بين الناس، وزيارة المريض، وطلب العلم ، والتسبيح، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ).
- كفالة اليتيم، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (كافلُ اليتيمِ له أو لغيرِه، أنا وهو كهاتينِ في الجنةِ، وأشار مالكٌ بالسبابةِ والوسطَى).
مفتاح الجنّة
يظن البعض أنّ مجرد نطق كلمة التوحيد يكفيه لدخول الجنّة؛ لأنّ الشهادتين هي مفتاحها، وفي الحقيقة أنّ مجرد النطق بها لا يكفي لفتح أبواب الجنّة، بل لا بُد من تحقيق شروطها ومقتضياتها، وانتفاء موانعها، فقد شبّه العلماء الشهادتين بالمفتاح الذي له أسنان و الشروط أسنانه، فإنّ جاء الإنسان بالمفتاح من غير أسنانٍ فلن يغني عنه شيئاً، وكذلك الأمر إنّ جاء بالأسنان ناقصة، وفي ما يأتي بيان تلك الشروط:
- العلم: وهو العلم المنافي للجهل، فلا بُد من العلم بمعنى الشهادتين، وأنّها نفيٌ للألوهية عن غير الله تعالى، وإثباتها له سبحانه وتعالى، فلا معبود بحقٍّ إلا الله.
- اليقين: وهو اليقين المنافي للشكّ، ويتحقق هذا الشرط بزوال أيّ شكٍّ أو تردّدٍ، أو ظنٍّ، بمدلول كلمة التوحيد، والتيقّن منها بشكلٍ قاطعٍ جازم.
- القبول: أي قبولٌ لما اقتضته كلمة التوحيد بالقلب واللسان.
- الصدق: وهو الصدق المنافي للكذب والنفاق، فلا بُد من قول كلمة التوحيد بصدقٍ، ويكون ذلك بموافقة القلب لما يقوله اللسان، وإلا فإنّ المنافق يقول بلسانه الشهادتين، ولكنّ قلبه مكذّبٌ بها.
- المحبّة: ويتحقّق هذا الشرط بحب الله تعالى ورسوله والمؤمنين وموالاتهم ومعاداة من عاداهم، وبحب ما اقتضته كلمة التوحيد.
- الانقياد:ويتحقّق هذا الشرط بالعمل بما شرعه الله تعالى، وترك ما نهى عنه.
- الإخلاص:ويتحقّق هذا الشرط باجتناب الشرك ، والتوجّه بالنيّة إلى الله تعالى وحده لا شريك له.