ما هو الثلث الأخير من الليل
إلى ماذا يشير الثلث الأخير من الليل؟
الثلث الأخير من الليل هو الوقت الذي تعمّ فيه البركات ورحمات الله، والثلث الأخير من الليل هو أفضل أوقات الليل، إذ تهدأ فيه النفوس، ويُستجاب فيه الدعاء، وتلذّ به نفس المؤمن بالعبادة. فحين تضيق بالمرء الدنيا وتثقل كاهله أعباء الحياة، يتقرب من الله بالعبادات في جوف الليل، وقيام الليل شرفٌ للمؤمن يرفع قدره عند الله -عز وجل-، ويرفع درجته في الجنة، وعلى المرء أن يصبر نفسه في طريق الطاعة، ويأخذها بالرفق حتى لا تضعف أو تمل أو تنقطع عن العبادة.
متى يبدأ الثلث الأخير من الليل؟
يتمّ معرفة وقت بداية الثلث الأخير من الليل من خلال معرفة عدد ساعات الليل كاملة؛ أي عدد الساعات من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ثم يتمّ تقسيم عدد الساعات على ثلاث، فيكون القسم الأخير منها هو الثلث الأخير من الليل.
متى ينتهي الثلث الأخير من الليل؟
ينتهي الثلث الأخير من الليل بطلوع الفجر، فبطلوع الفجر يكون وقت صلاة الفجر قد حان، ويكون وقت ثلث الليل قد انتهى.
كيفية حساب الثلث الأخير من الليل
يبدأ الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ويتمّ معرفة وقت ابتداء ثلث الليل من خلال معرفة عدد ساعات الليل كاملة، مع الإشارة إلى أنّ ذلك يختلف من مكانٍ إلى آخر، فقد يكون طويلاً في بعض المناطق، وقصيراً في غيرها، كما يختلف من فصلٍ إلى آخر، فلو كانت الشمس تغرب على الساعة السابعة مثلاً، ويطلع الفجر عند الخامسة، فعدد ساعات الليل كاملة هو عشر ساعات، بعد ذلك يتمّ تقسيم الليل إلى ثلاثة أقسام، فيكون الثلث الأخير منه هو القسم الأخير؛ أي آخر ثلاث ساعات قبل الفجر تقريبا.
ومثلاً لو كان الوقت بين غروب الشمس وطلوع الفجر هو تسع ساعات؛ تُقسّم حينئذٍ على ثلاثة، وبطريقة حسابية: (9 ÷ 3 = 3)، فتكون الساعات الثلاثة الأولى هي الثلث الأول من الليل، والساعات الثلاث الثانية هي الثلث الثاني من الليل، أما الثلث الأخير من الليل فيكون بعد انقضاء 6 ساعات، أي في آخر ثلاث ساعات قبل طلوع الفجر.
الثلث الأخير من الليل في القرآن الكريم
وردت العديد من الآيات القرآنية التي تبيّن فضل وقت الليل والذّكر والعبادة فيه، وثلث الليل مشمولٌ فيها ضمنياً، وفيما يأتي ذكر بعضها:
- قال تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
- قال تعالى: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
- قال تعالى: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).
- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا).
الثلث الأخير من الليل في السنة النبوية
ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فضل قضاء ساعات الليل بالقيام والعبادة، والثلث الأخير جزء منها بلا شك، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:
- قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (وأحبُّ الصلاةِ إلى اللهِ صلاةُ داودَ، كان ينام نصفَ الليلِ، ويقومُ ثُلُثَه، وينامُ سُدَسَه).
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَنْزِلُ رَبُّنا -تَبارَكَ وتَعالَى- كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟).
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أقربُ ما يكونُ الربُّ من العبدِ في جوفِ الليلِ الآخرِ فإِنِ استطعْتَ أن تكونَ ممن يذكرُ اللهَ في تلْكَ الساعَةِ فكُنْ).
- قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد).
- قال النبي في شأن عبد الله بن عمر: (نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل).
- قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنَّ في الجنةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُها من باطِنِها، و باطِنُها من ظَاهِرِها . فقال أبو مالِكٍ الأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هيَ يا رسولَ اللهِ ؟ قال: لِمَنْ أَطَابَ الكَلامَ، و أَطْعَمَ الطَّعَامَ، و باتَ قائِمًا و الناسُ نِيامٌ).
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ، أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يَغْفِرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ).
ملخّص المقال: تتنزّل رحمات الله عز وجلّ كلَ ليلة في الثُلثِ الأخير من اللّيل، فيقول -سبحانه-: (هل من داعٍ فأستجيبُ لهُ هل من سائلٍ فأعطيهُ، هل من مستغفرٍ فأغفرُ له)، ومن هنا يتضح ما لهذا الوقت من قدسية وخصوصية كبيرة في حياة المسلم، وحري بكل مسلم الحرص على اغتنام هذا الوقت للاقتراب من بارئه بقيام الليل، والدعاء، وتلاوة القرآن، وقراءة الأذكار، ويُحيب من خلال تقسيم عدد ساعات الليل على ثلاثة، فيكون الجزء الأخير هو الثلث الأخير من الليل.