ما هو التعصب المذهبي؟
تعريف التعصب المذهبي
يمكن تعريف التعصب المذهبي كما يأتي:
- يعرف بأنه مبالغة الشخص في صحة المذهب الذي يعتقد به ويرى نفسه الصواب، وأن غيره خطأ، فيقوم بالمعاداة والمخاصمة، ويدعو إلى ضلال من كان معارضًا له في مذهبه، ويسعى إلى تفريق كلمة المسلمين، فيتجه للتحاكم بالمذهب عند حدوث الخلاف، كما يخالف النصوص الصحيحة الصريحة، وذلك تعصبًا منه لمذهبه.
- يعني التعصب نصرة الرجل لعصبيته والوقوف ضد كل من يخالفها ظالمة كانت أو مظلومة، كما يعرف التعصب المذهبي بذلك الاختلاف الذي ينشأ بين المذاهب الفقهية للأئمة الأربعة، مما يؤدي إلى تأثيره على جوانب الحياة الإسلامية والمسلمين، على صعيد المذاهب الفقهية والطوائف.
- يعد التعصب المذهبي من الأمور التي تؤدي إلى نبذ روح التسامح، وتتسبب في وجود العداوة والشحناء والكره بين المسلمين، فيؤثر التعصب المذهبي على صورة الإسلام والمسلمين ويؤدي إلى ظهور الفتن والنزاعات بينهم، كما يؤدي للفرقة والغلو والتعصب لأشخاص معينين وتقليدهم في أفعالهم وأقوالهم.
أسباب التعصب المذهبي
اتباع الهوى
يعد اتباع الهوى من أسباب عدم قبول الحق، كما أنه يوقع صاحبه في الضلال، فمن يتعصب للمذاهب الفقهية من أجل مسألة معارضة لما جاء في الكتاب والسنة، أو أحدهما هو شخص يتبع هواه، فقال ابن تيمية "من الواجب إثبات النصوص، وإن لم يفعل كان متبعًا للظن، وما تهوى الأنفس، لا وكان أكبر العصاة لله ورسوله".
التقليد المطلق
فالقيام بتقليد الأشخاص لأحد الأئمة في جميع الأمور يؤدي إلى التعصب الأعمى، فالشخص المتعصب يزيد من تمسكه بما توارثه عن مذهب الإمام المتعصب له، أو عن مذهب أبيه أو أهل بلده، إلى أن يصبح هذا المذهب حجة شرعية يتقيد بها ولا يخالفها، وذلك ظنًا منه بأنها الحق المطلق، لكن إذا جاءه الدليل والحجة الشرعية ابتعد عنها وتعصب لمذهبه، إما نصرة لمذهبه وإما اتباعًا للهوى.
اعتناق الولاة لأحد المذاهب
فبعض الولاة الذين اعتنقوا المذاهب قاموا بفرضها على الناس وألزموهم بالعمل بها، كما أنهم قاموا باشتراطها على من يتولى السلطة لديهم، وتقريبهم إلى مجالسهم، فنتج عنه تعميق مبدأ التقليد والتعصب الأعمى في المجتمع المسلم.
دعوى لكل مجتهد مصيب
فقد أنكر هذا القول العديد من العلماء، وعلى رأسهم " أبو عمر بن عبد البَرِّ " في كتابه (جامع بيان العلم وفضله)، وذكر فيه قول الصحابة الذين أنكروا مسألة لكل مجتهدٍ مصيبٍ، فليس لكل مجتهد مصيب في الحق، بل مصيبٌ للأجر الواحد إذا أخطأ، ومصيبٌ للأجرين إذا اجتهد وأصاب الحق.
ظهور التحاسد بين العلماء في المذاهب
فيؤدي إلى حدوث الطعن ببعضهم البعض، وقد تصل للطعن بالمذاهب ذاتها، وذلك تعصبًا لمذاهبهم ولو أدى هذا الأمر لقيامهم بالاستدلال بواسطة أحاديث ضعيفة أو موضوعة، والتي تعمل على تقوية مذهب على حساب الآخر، فقد شاعت في كتب الفقه أقوالٌ لا تمت للصحة بشيء عن الأئمة، ويعود السبب في ذلك إلى عدم التوثيق الدقيق والعلمي لهذه الأقوال، كما ثبت أن البعض من علماء المذاهب لجأ إلى تحريف أو إنقاص أو زيادة ألفاظ الحديث، تعصبًا لمذهبه.
الغلو في تعظيم الأئمة
يعد الغلو أمرًا مذمومًا، قال تعالى "يا أهلَ الكِتَابِ لا تَغلُو فيْ دِينِكُم"،كما قال ابن كثير "نهى الله تعالى المسلمين عن التشبه باليهود والنصارى الذين عمدوا إلى تغيير كتاب الله، ونبذوه خلفهم، واتجهوا إلى الآراء المتنوعة، وقاموا باتخاذ أربابهم ورهبانهم أربابًا لهم من دون الله".
تعصب الفرد لمذهب معين دون غيره
بسبب عدم تمسك الفرد بالجماعة الإسلامية، بالإضافة إلى الاختلاف بمسائل الفروع بين المذاهب الإسلامية.
تنزيل الإمام المتبوع منزلة النبي
إعطاء الإمام منزلة كمنزلة الرسول صلى الله عليه وسلم عند الأمة الإسلامية، ويظهر ذلك في اتباع الأشخاص المتعصبين لإمامهم في كل ما يقول.
حكم التعصب المذهبي
إن حكم التعصب المذهبي غير جائز شرعًا، وقد وردت عن الأئمة المشهورين العديد من الأقوال التي تحث على نبذ التعصب وأمرت بالانتهاء عنه، علاوة على حثهم على الأخذ بالدليل الشرعي حتى إذا جاء مغايرًا لأقوال الأئمة،وقد جاء الإسلام ليحارب كافة أشكال التعصب ، كما حث على الألفة والوحدة والأخوة بين البشر، وإن جميع المضامين الفكرية لأقوال الأئمة الأربعة تدعو إلى نبذ التطرف، وتدعو إلى التقيد بكتاب الله وسنة نبيه.