ما هو أول ما خلق الله تعالى
ما هو أوَّلُ ما خلق الله تعالى
تعدًَّدت أقوالُ العلماء في بيانهم لِما خلقه الله -تعالى- أوَّلاً ، ونذكر أقوالهم فيما يأتي:
- العرش: وجاء هذا القول عن أبي جعفر الطبريّ فيما رواهُ عن ابن عباس -رضي الله عنه- في قوله: "أوَّل ما خلق الله تعالى العرش فاستوى عليه".
- الماء: لِقولهِ -تعالى-: (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ)، وهذا يعني وجود الماء قبل العرش؛ لأنَّ الله -تعالى- خلق العرش على الماء، وهذا يؤكّدهُ قول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (قدَّرَ اللهُ مقاديرَ الخلائقِ قبل أن يخلقَ السمواتِ والأرضَ بخمسين ألفَ سنةٍ وكانَ عرشُه على الماءِ)، وهذا يعني أنَّ العرش والماء كانا أوَّلَ ما خلق الله -تعالى-.
- وقال الحافظ ابن حجر إنّ الإمام أحمد والترمذي أخرجا عن رزين العقلي حديثاً مرفوعاً صحيحاً يفيد أنّ الماء خُلقت قبل العرش كذلك، وذكر بعضُ أهل العلم أنَّ الماء والعرش هما أوَّل ما خلقه الله -تعالى-، ثُمَّ خلق القلم، ثُمَّ السماوات والأرض، ولكن تعدَّدت أقوالهم في السَبق، الماء أم العرش، فرجّح ابن تيميّة خلق العرش أوّلاً، ورجّح ابن القيّم وبدر العيني خلق الماء أولا.
- القلم: لِقولهِ -تعالى-: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)، واستدلّوا بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أولُ ما خلق اللهُ القلَمَ فقال: اكتُبْ، قال: وما أكتُبُ يا ربِّ؟ قال اكتُبْ القدَرَ، قال: فجرى القَلَمُ في تلْكَ الساعَةِ بِما كانَ و بما هو كائِنٌ إلى الأبَدِ).
- البيت الحرام أو الكعبة: لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ)، وقيل هو أوَّل ما خلق الله -تعالى- من الأرض ؛ أي موضع البيت الحرام من الأرض.
أول من خُلق من البشر
إنّ آدم -عليه السلام- هو المخلوق الأوَّل من البشر، أو ما يُسمَّى بالجنس البشريِّ، وهو الإنسان، وإن كان هُناك قَبله من المخلوقات من الأجناس الأُخرى، ومن الأدلة التي تُثبت أنَّ آدم -عليه السلام- أوَّل المخلوقات من الإنس، قولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً)؛ أي خلق جميع البشر من نفسٍ واحدة، وهي نفسُ آدم -عليه السلام-، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (النَّاسُ بنو آدمَ، وآدمُ من ترابٍ).
وخصَّ الله -تعالى- خلق الإنسان بِالذِّكر من بين سائر الأجناس والمخلوقات الأُخرى؛ إعلاءً لشأنه، وبياناً بأنَّه أشرف المخلوقات، واستقلاله ببدائع الصُنع والتدبير، وقد قال الله -تعالى-: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)، وهذا يبيّن أهمية حياة الإنسان، فمنها يبدأ في انطلاقهِ نحو الهدف الذي من أجلهِ خُلق، وهو عِبادتهِ لربه.
الحكمة من خلق الكون قبل الإنسان
إنّ من رحمة الله -تعالى- بالإنسان أنَّهُ خَلَقَ الكون قبله؛ فخلق الشَّمس قبله وهيّأ له الكون؛ لِيَجد فيه قوام حياته، وهو ما يُسمَّى بالهداية في قولهِ -تعالى-: (قالَ فَمَن رَبُّكُما يا موسى* قالَ رَبُّنَا الَّذي أَعطى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدى)، فخَلَقَ الكون وهيّأهُ للإنسان، ثُمَّ هداهُ إلى الطَّريق المُحدّد ليسير فيه، ثُمّ ليتفكّر في الكون وما فيه، فيسير مما يُذكِّر الإنسان بوظيفته التي خُلق من أجلها وهي عِبادة الله -تعالى- وحده، وهي نفس الغاية من خلق الكون، وكذلك جعلها بساطاً وفِراشاً، وصالحةً للاستقرار والنَّوم والرَّاحة، لِتُناسب حياة الإنسان.