ما كفارة الغيبة
كفارة الغيبة
كفّارة الغيبة هي التوبة النصوحة إلى الله -تعالى-، والتي تكون بترك الغيبة، والحذر من الوقوع فيها، والندم على الغيبة الّتي وقع فيها، والعزم على ألّا يعود إليها، وهذه هي كفارة الاعتداء على حقّ الله -تبارك وتعالى-.
أمّا كفّارة الاعتداء على حقّ المسلم؛ فإذا علم المغتاب أنّ كلامه قد وصل إلى الشّخص الّذي اغتابه، فإنّ عليه أن يذهب إليه، وأن يتحلّل منه؛ بحيث يعترف أمامه بخطئه، ويقوم بالاعتذار منه، ويطلب منه السماح، والعفو، والصفح.
أمّا إذا لم يصل الكلام إلى الشخص الّذي اغتابه فإنّ عليه أن يستغفر لذلك الشّخص، وأن يدعو له، وأن يثني عليه، وأن يذكر صفاته الحميدة في المجلس الذي اغتابه فيه؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات.
وقد كان السلف ينكرون على أصحاب المجالس التي يذكر فيها مساوئ المسلمين وعيوبهم؛ فقد كانوا منشغلين بعيوب أنفسهم ومحاسبتها عن عيوب الآخرين.
مفهوم الغيبة
الغيبة هي من الذنوب والمعاصي الّتي نهى عنها الله -تعالى-؛ حيث جاء النهي عنها في العديد من النصوص الشرعيّة في الكتاب والسنة، قال الله -تبارك وتعالى-: (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).
أما عن تعريف الغيبة؛ فقد جاء في الحديث الّذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-؛ حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَتَدْرُونَ ما الغِيبَةُ؟ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ، قيلَ: أفَرَأَيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقُولُ؟ قالَ: إنْ كانَ فيه ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فيه فقَدْ بَهَتَّهُ).
وفي الحديث السابق بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّ-م معنى الغيبة الّتي لا يجوز أن يقع بها المسلم؛ فالغيبة هي أن يذكر المسلم أخاه المسلم بشيء يكرهه ممّا هو فيه، أمّا إذا مدحه وأثنى عليه، فإنّ هذا لا يعدّ من الغيبة المحرّمة، وكذلك إذا ذكر كافرًا أو مسلماً ضالاً ليحذر الناس منه؛ فإنّ هذا الذّكر لا يعدّ من الغيبة المحرّمة.
أمّا إذا ذكر المسلم أخاه المسلم بشيءٍ ليس فيه، فهذا هو البهتان الّذي أشار إليه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث السابق، والبهتان أشدّ حرمة من الغيبة، فالواجب على كلّ المسلمين الحذر من الغيبة والبهتان.
حكم الغيبة
لقد بيّن الكثير من العلماء أن الغيبة من المعاصي العظيمة؛ التي توجب العذاب يوم القيامة، وأن الّذي يغتاب أخاه المسلم يتعدّى بهذه الغيبة على حقّين، وليس حقًا واحدًا، وهذا ممّا يزيد في حرمة الغيبة، والحقّان هما:
- حقّ الله تبارك وتعالى
فقد نهى الله عباده عن الغيبة في محكم تنزيله، وعلى لسان رسوله، ولا شكّ أنّ في الغيبة تعدٍ على حق الله، وعصيان له، ومخالفة لأمره.
- حقّ المسلم الّذي اغتابه، وتكلّم فيه، وأساء إليه بالكلام.