ما فائدة النكاح
النكاح
يعرّف النكاح في اللغة بأنّه الضمّ والتداخل، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فهو: عقدٌ بين رجلٍ وامرأةٍ بموافقة وليّها، يقصد منه استمتاع كلٍّ منهما بالآخر، وتكوين أسرةٍ صالحةٍ ومجتمعٍ سليمٍ، وهو من السنن التي سار على نهجها المرسلون، فقد قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ)، وهو من الأوامر الّتي أمر بها الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
فوائد النكاح
للنكاح فوائد عديدةٌ، يظهر أثرها على الفرد والمجتمع ، ومنافع كثيرةٌ جاء بها الشرع ورتّب عليها الثواب، ومن هذه الفوائد:
- الزواج امتثالٌ لأمر الله تعالى، وأمر رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فلن يكون خائباً من تبع أمرهما، فقد قال الله تعالى: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ)، وقال رسوله عليه السّلام: (يا معشرَ الشبابِ، منِ استَطاع الباءَةَ فلْيتزوَّجْ، فإنه أغضُّ للبصَرِ وأحصَنُ للفَرْجِ، ومَن لم يستَطِعْ فعليه بالصَّومِ، فإنه له وِجاءٌ).
- الزواج فيه اتّباعٌ لسنن الأنبياء المرسلين؛ فجميع شرائعهم متّفقةٌ على مشروعيّة الزواج، وفي العزوف عن الزواج عزوفٌ عن سننهم.
- الزواج متضمّنٌ لعباداتٍ كثيرةٍ، منها: أن يعفّ الإنسان نفسه وزوجته عن الوقوع في الحرام، وفيه الإنفاق وطلب النسل ، فمن حرّم نفسه من الزواج فقد حرم نفسه من القيام بعباداتٍ كثيرةٍ.
- الزواج نعمةٌ من نعم الله تعالى على الإنسان، فبه يشكر الإنسان ربّه على أن منحه القدرة على الزواج وغيره غير قادرٍ عليه، فإن عزف عنه فقد امتنع عن شكر الله تعالى فيما رزقه.
- الزواج زيادة عددٍ للذرّيّة، وبقاءٌ للذِّكر والأثر، فمن مات وليس له ذرّيّةٌ؛ فقد انقطع نسله وذكره وقلّ من يدعو له، بخلاف من مات تاركاً وراءه ذرّيّةً يدعون له مع كلّ الصلاة .
- الزواج فيه تكثيرٌ لأمّة سيّدنا محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وهو ما طلبه من أمّته، حيث قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأْمُرُ بالباءَةِ ويَنْهَى عنِ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شديدًا ويقولُ تَزَوَّجُوا الودودَ الولودَ فَإِنِّي مكاثِرٌ بِكُمُ الأنبياءَ يومَ القيامَةِ).
- الزواج سكنٌ للزوجين، وذلك منصوصٌ عليه في قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فمن المعلوم أنّ راحة الإنسان النفسيّة أهمّ من راحته الجسديّة، والزواج فيه سكن القلوب والأرواح.
حكم النكاح
من الأمور الّتي اعتنت بها الشريعة الإسلاميّة ؛ النّكاح، فقد وردت نصوصٌ كثيرةٌ مبيّنةٌ لأهميّة هذا العقد ومكانته، فقد جاء الإجماع من جميع الشرائع السماويّة على مشروعيّته، وأمّا عن حكمه؛ فيختلف باختلاف حال المتزوّج من قدرته الماليّة والجسمية واستعداده لتحمّل المسؤوليّة، فقد يكون النكاح واجباً، وقد يكون مستحبّاً، أو حراماً، أو مكروهاً، او مباحاً، وبيان هذه الحالات بشكلٍ مفصّلٍ على النحو الآتي:
- يكون النكاح واجباً؛ إن خاف الإنسان على نفسه من الوقوع في الحرام؛ فيصون نفسه ويعفّها عن طريق النكاح، وقد ذكر بعض أهل العلم أنّه لا فرق في هذه الحالة بين أن يكون المتزوّج غنيّاً أو فقيراً؛ لأنّ الله تعالى وعد الفقير بالغنى إن تزوّج، فقال: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
- يكون النكاح مستحبّاً في حال وجود الشهوة مع عدم الخوف على نفسه من الوقوع في الحرام، فيحقّق بزواجه مصالح كثيرةً، فقد قال بعض العلماء: إنّ الزواج في هذه الحالة أولى له من أداء النوافل .
- يكون النّكاح مباحاً في حال عدم وجود الشهوة والميل إليه؛ كالعنّين والكبير، وقد يكون مكروهاً في هذه الحالة؛ لأنّه يلحق الضّرر بالزوجة، إلّا إن رضيت الزوجة بذلك، فيكون مباحاً.
- يكون النكاح محرّماً إذا كان في دار الحربيّين، فيخاف على ذرّيته من استيلائهم عليهم، ولا يأمن على زوجتهه منهم.
- يكون النكاح مكروهاً إن لم يأمن على نفسه من أداء حقوق الزوجة ، وخاف من ظلمه لها.
شروط عقد النكاح
إنّ لعقد النكاح بين الرجل والمرأة شروطاً عديدةً، لا يصحّ العقد إلّا بها، وإن فُقد واحدٌ منها؛ فالعقد غير صحيحٍ، ومن هذه الشروط:
- تعيين كلّ واحدٍ من الزّوجين؛ فعقد الزواج من العقود التي تترتّب عليها أمورٌ عظيمةٌ، كما لا بدّ فيه من الإشهاد، والإشهاد لا يصحّ أن يكون على أمرٍ مبهم، فلا يصحّ أن يقول مثلاً: زوّجت أحد هذين الرجلين، أو يقول: زوّجتك ابنتي، مع كونه له بناتٌ عدّةٌ، فلا بدّ من أن يتعيّن كلّ واحدٍ من الزوجين بالاسم أو الوصف أو غيره ممّا يتميّز به عن غيره.
- رضا كلٍّ من الزّوجين بالآخر؛ فلا يصح العقد إن كان أحدهما مكرهاً، والصحيح من أقوال العلماء أنّه لا يصحّ إجبار المرأة على الزواج، سواء كانت بكراً أم ثيّباً، فإن أُجبرت على الزواج ممّن لم ترض به كان لها الحقّ في أن تمتنع عن زوجها، وأن تطالب بفسخ العقد ، أمّا الفتاة الصغيرة فيحقّ لوليّها أن يزوّجها دون إذنٍ منها، بشرط أن يكون الزوج كفؤ، وألّا يزوّجها غير أبيها إن كان وليّها غيره، ولا يستلزم من عقد النكاح أن تُسلّم لزوجها ويتمكّن منها؛ فالشرع يراعي مصالح الناس وحاجاتهم، وقد يكون في تزويج هذه الصغيرة ما فيه مصلحةٌ معتبرةٌ.