ما حكم الاحتفال بعيد الحب
الحب في الإسلام
الحبّ من المعاني الجميلة في حياة الإنسان، ومن المشاعر التي إذا خالطت القلوب فرحت وأشرقت، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الحبّ من الصفات الفطرية للبشر، فلا تنفكّ عنهم، كالغضب، والحزن، والفرح، والكره، والرضا، وقد تفاوتت نظرة الإسلام للحبّ بتنوّع صوره، فمن الحب ما هو واجب؛ كحبّ الله تعالى، وحبّ رسوله صلّى الله عليه وسلّم، بل ينتفي الإيمان عمّن يقدّم حبّ أي شيءٍ على حبّ الله ورسوله، ومن صور الحبّ في الإسلام حبّ الزوجة، فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يحبّ أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وقد صرّح بذلك عندما سأله عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قائلاً: أيُّ الناسِ أحَبُّ إليك؟ فأجابه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قائلاً: (عائشة)، وكان الصحابة يعلمون بحبّ النبي -عليه الصلاة والسلام- لزوجته عائشة رضي الله عنها، ولذلك كانوا إذا أراد أحدهم أن يقدّم هديةً لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أخّرها، فإذا كان النبي في بيت عائشة -رضي الله عنها- أرسل الهدية إليه.
الاحتفال بعيد الحب
هناك العديد من المسائل المستجدة التي ظهرت بسبب تطور المجتمعات وتوسّع علاقات الناس فيما بينهم، ومن هذه المسائل حكم الاحتفال بعيد الحب، حيث يحتفل العديد من الناس في يوم معيّن يطلقون عليه اسم عيد الحب، فيظهرون فيه حبّهم ويعبّرون عنه بالعديد من الطرق؛ كالهدايا، والورود، والبطاقات، وفي هذا المقال بيان وتوضيح لآراء العلماء فيما يتعلق بحكم الاحتفال في يوم عيد الحب.
حكم الاحتفال بعيد الحب
هناك رأيان للعلماء في حكم الاحتفال بعيد الحب بين مانعٍ وبين مجيزٍ بضوابط؛ ويجدر بالذكر أن لكل فريق منهجه وأدلته، حيث تعدّ هذه الآراء ذات تأصيل فقهي معتبر، وفيما يأتي بيان وتوضيح كل رأي بالتفصيل.
المجيزون
هناك العديد من العلماء الذين أجازوا الاحتفال بيوم الحب وذلك بوجود عدة ضوابط قاموا ببيانها وتوضيحها، وتفصيل رأيهم على النحو الآتي:
- دائرة الإفتاء الأردنية في حكم الاحتفال بيوم الحب للمتزوّجين: أجازت دائرة الإفتاء الأردني إهداء الزوج لزوجته أو العكس في أي يوم من أيام العام، سواء كان ذلك بمناسبة أو بغير مناسبة، وأضافت إن الأفضل عدم اختصاص ذلك بيومٍ معيّن له علاقة بعقيدة غير المسلمين وعاداتهم.
- دائرة الإفتاء المصرية: لا مانع أن تتفق الناس على أيامٍ معينة ترتبط بمناسبات اجتماعية طالما أنها لا تخالف الشريعة الإسلامية ولا تعارضها، فلا حرج على سبيل المثال من اتخاذ يومٍ لتكريم الأم، أو تكريم العامل، أو تكريم المعلّم، أو إظهار مشاعر الحب والودّ في حدود العلاقات المباحة، وأضافت دائرة الإفتاء المصرية أن مفهوم الحب أوسع من حصره بالعلاقة التي تكون بين الرجل والمرأة فقط، بل هو أعم من ذلك؛ فقط يعبّر الأب في هذا اليوم عن حبّه لأبنائه، وقد يعبّر فيه الإنسان عن حبّه وودّه لصديقه أو أهله، فهو ليس مختصّاً بالعلاقة التي تكون بين الرجل والمرأة، وكل ذلك مقيّد بأن لا يكون في ذلك اليوم أمور تخالف الشريعة الإسلامية، وسمّى الناس هذا اليوم بالعيد لأنه يعود ويتكرّر، فهو ليس عيداً بالمعنى الشرعي كالفطر والأضحى، بل هو مما تعارف عليه الناس وشاع بينهم.
المانعون
هناك العديد من العلماء الذين منعوا الاحتفال بيوم عيد الحب، وتفصيل آرائهم على النحو الآتي:
- المجلس الإسلامي للإفتاء - بيت المقدس: إن الاحتفال بعيد الحب من البدع المحرّمة، إذ لا أصل له في الشريعة الإسلامية، ويترتب عليه العديد من المفاسد والمحظورات؛ كالتبرّج، والاختلاط المحرّم بين الرجل والمرأة، والعلاقات غير الشرعية، ولا يجوز بيع وشراء الهدايا والورود إذا كانت مخصصة للاحتفال بهذا اليوم، وذلك ما اعتمده المجلس الإسلامي للإفتاء في بيت المقدس.
- اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: إن المعتبر في دين الإسلام عيدان فقط هما: عيد الفطر وعيد الأضحى، وما سوا ذلك من الأعياد فهي مبتدعة لا أصل لها، سواء ارتبطت بشخصٍ أم حدث أم مجموعة من الناس، وهو ما صدر عن اللجنة الإفتاء في السعودية، وعلى إثر ذلك فلا يجوز إظهار الفرح والاحتفال والتهنئة فيها أو الإعانة عليها بأي شيء سواء بالهدايا أم البيع والشراء أم تقديم الطعام وغيره، لأن ذلك من قبيل التعاون على الإثم.
- الشيخ ابن عثيمين: قال الشيخ ابن عثيمي أنه لا يجوز الاحتفال بهذا اليوم، إذ إن الأعياد يجب التقيّد فيها بالنص، وعيد الحب من الأعياد التي لا أصل لها ولا نص عليها، وقد قال الشيخ ابن عثيمين إن الاحتفال بهذا اليوم محرّم لعدّة أسباب أخرى كذلك؛ فهو يدعو إلى الانشغال واللهو بأمورٍ مخالفة لهدي السلف الصالح، كما يدعو إلى الحب والغرام المحرّم، فلا يجوز إظهار الفرح فيه بتبادل الهدايا أو لبس اللباس المعيّن أو تقديم الطعام فيه.
تنويه
تجدر الإشارة إلى أن الذين منعوا وحرّموا الاحتفال بعيد الحب عدّوه عيداً وليس مناسبة اجتماعية؛ حيث إن للمسلمين عيدين في الشرع هما: عيد الفطر وعيد الأضحى، ويوم الجمعة عيدٌ كذلك بنص الحديث، وما سوى هذه الأعياد الثلاثة مبتدعٌ لا أصل له، أما المجيزون فقد عدّوه مناسبة اجتماعية؛ كيوم الأم، ويوم المعلّم، ويوم الاستقلال، وغيره من المناسبات الاجتماعية المرتبطة بأحداث معيّنة والتي اتّفق على تاريخها الناس، ويجدر التنبيه إلى أنهم لا يجيزونه في العلاقات المحرّمة شرعاً، بل هو في العلاقات المباحة.