ما الفرق بين الكرامة والمعجزة
الفرق بين الكرامة والمعجزة
كرَّم الله -تعالى- عباده بأمورخارقة للعادة منها ما يخص رسله وانبيائه تسمى معجزة، ومنها ما يختص بعباده الصالحين وتسمى بالكرامة، ونُبيِّن كلٍّ منهما على وجه التحديد.
مفهوم المعجزة والكرامة
المعجزة أمرٌ خارق للعادة والسُّنن المألوفة، والقوانين الطَّبيعية، خارجة عن مقدور البشر، يُجريه الله -تعالى- على يد نبيٍّ مُرسَل، لتكون دليلاً على صدق نبوَّته، والكرامة ما يُظهره الله ويُكرم به اولياءه الصالحين، الاتقياء المُقربين من الله تعالى، ليست خارجة عن مألوف النَّاس، الاصل فيها الاخفاء والكتمان، ولايُتحدى بها.
وايضاً المعجزة: أمورخارقة للعادة تتحقق بظهورها وعلى وجه العموم، حتى تكون الدليل على صدق النبي المُرسَل، وحُجَّةً على اقوالهم، وتقع بجميع خوارق العادات، والكرامة تقع على أيدي الصالحين الاتقياء، فيها الكتمان والاخفاء، على وجه الخصوص، وكثيراً ما يكون ظهورها فتنةً للناس، فلو تكرَّرت الكرامة وظهرت على وجه العموم فيُعتاد عليها في حقِّ الاولياء، وتكون عادةً وليست كرامة، فاذا ظهر نبيِّ في زمنهم فيَصُد النَّاس عن تصحيح النَّظر بتلك المعجزة لذلك النبيِّ.
الأمور التي تفصل بين المعجزة والكرامة
تختلف المعجزة عن الكرامة في كثير من الجوانب لعلَّنا نوضِّح ابرزها وهي كالتالي:
- المعجزة تكون مقرونة بدعوى النُبُّوة، وهي على وجه العموم، بينما الكرامة حصلت باتباع النبيِّ والاستقامة على شرعه، وصاحبها لا يدَّعي النُّبُوة،وليست عامَّة ولكنهما يتفقان بأنهما من الامور الخارقة للعادة.
- معجزة الانبياء تسمى بالمعجزات الكبرى، التي اجراها الله على يديه واصطفاه بالعصمة في اعماله وعباداته، بينما كرامة الوليِّ، هي من معجزات رسوله الذي يعبد الله بشرعه وتسمى بالمعجزات الصغرى، لان كرامته تدل على صدق النَّبيِّ الذي آمن به هذا الولي واتَّبع شريعته وهو غير معصوم لانه يُخطىء في بعض اعماله وعباداته.
- المعجزات تكون لحاجة الخلق وهدايتهم لشرع الله تعالى، بعكس الكرامة فانها تحدث بحسب حاجة الوليِّ، يأتيه منها ما يكفيه لتقوية ايمانه، او فك ضيق عنه اوعن من يدعو له، وتفريج كربته، فهي تدل على الولاية، وهو مجتهد ولم يُصطَف من الله لهذا الغرض.
وايضاً ثبت عند اهل السُّنةِ والجماعة حصول الكثير من الكرامات لبعض أولياء الله الصالحين، والأتقياء المُقربين من الله -تعالى-، ومن ذلك ما يأتي:
- كرامات أهل القبورمن أولياء الله من نزول الانوار والملائكة، وحصول السكينة عندهم، واندفاع النَّار عن قبورهم، وشفاعة بعضهم كالشهداء، فهذه وان كانت حق لكن لا يُستحسن من ممارسة اي عبادة من نُسك معين اودعاء عند قبورهم لما يترتب عليها مفاسد.
- الإمام البخاري عندما دُفن فاح من تراب قبره رائحة اطيب من المسك، فبقي ذلك ايَّاماً، ثم علت سواري بِيضٌ في السماء مستطيلة بحذاء قبره ،فتعجب الناس من ذلك.
أمثلة المعجزات
امَّا المعجزات فهناك العديد منها ذُكرت في القرآن الكريم، منها:
- معجزة سيدنا عيسى عليه السلام ، في قوله -تعالى-: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾.
- معجزة موسى عليه السلام، قال -تعالى-: ﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ۖ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، ، وقوله -تعالى-: ﴿ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ﴾ ، ، وغير ذلك من شق البحروالطوفان والسنين ونقص الثمرات.
- معجزات سيدنا ـ محمد صلَّى الله عليه وسلم ـ مثل القرآن الكريم المعجزة الكبرى، الاسراء والمعراج، انشقاق القمر، مخاطبته لقتلى بدر، وحنين جذع النخلة، قال -تعالى-: ﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ .
وقوله -تعالى-: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ، قال -تعالى-: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) ، فمعجزة القرآن هي اعظم معجزة نزلت على سيدنا محمد ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ تحدَّى بها البشر جميعاً.