ما آثار محبة الله للعبد
آثار محبّة الله للعبد
تترتّب العديد من الآثار للعبد على محبّته لله -تعالى-، في حياته الدُّنيا والآخرة، وفيما يأتي بيان البعض منها:
- اتّباع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد قال -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، ممّا يدلّ على أنّ محبّة الله -تعالى- تُوجب على المحبّ اتّباع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيما ورد عنه من الأقوال والأفعال، وبذلك تُنال محبّة الله -سُبحانه-.
- الالتزام بما نصّ عليه القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، من الأوامر والفرائض، مع الحرص على إخلاص النيّة لله -تعالى-، والسّعي في نَيْل الدرجات الرفيعة في الدار الآخرة، وتحقيق الغاية التي من أجلها خلق الله الخَلْق، المتمثّلة بعبادة الله وحده، قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).
- نَيْل مغفرة الله -سُبحانه-، والحرص على التوبة والإنابة إليه، دون النّظر إلى عِظَم الذّنوب، قال -تعالى-: (يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)، بالإضافة إلى تحقيق المودّة والمحبّة للعبد في الأرض بين المخلوقات، فقد أخرج الإمام مُسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: ( إنَّ اللَّهَ إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فقالَ: إنِّي أُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، قالَ: فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماءِ فيَقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ).
- تحقيق حماية ورعاية الله -تعالى- للمؤمن الذي يحبّه، بالإضافة إلى إجابة الدّعاء والسؤال، وتحصينه من الشرور، إذ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).
- محبّة أولياء الله، وعباده المؤمنين الطائعين، وكراهة معصية الله، وارتكاب الذّنوب والمعاصي ، وإيثار محبّة الله، وطاعته، والتقرّب إليه.
- استعظام ذِكْر الله، والإكثار منه، والإعراض عمّا سواه، أي الانشغال دائماً بما يحقّق رضا الله -سبحانه-، وبذلك تتحقّق محبّته.
حبّ الله سبيلٌ للنّجاة
يجدر بالمُسلم أن يُحيي قلبه بمحبّة دِينه الإسلام، ومحبّة الله -تعالى-، ومحبّة القرآن الكريم ، فإنّ لك يؤثّر على ما يتبع من الحبّ؛ فيسلك المُسلم ما أمره الله به، والمحبّة من مقامات العبادة العظيمة، إذ إنّ الطاعة تقوم وتعتمد عليها، كما أنّها ترغّب المُؤمن في الإقبال لله، والسَّير على ما أمر به، وبسببها تهون المشقّات، ويسهل عَناء العبادات، في سبيل نَيْل رضا الله، ودخول جنّته ، وقد قال -تعالى- في وصف عباده المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)، كما أنّ المحبّة من منازل الخضوع والاستسلام بالطاعة والعبادة لله -تعالى-، ولذلك كانت من المنازل التي يُتنافس عليها.
أقوال الصالحين في حبّ الله
وردت العديد من أقوال السلف الصالح -رحمهم الله- في حبّ الله؛ منها: ما قاله الحَسَن: "اعْلَم أَنَّك لن تحب الله حَتَّى تحب طَاعَته"، وقال البِشْر بن سَرّيّ: "لَيْسَ من أَعْلَام الْحبّ أَن تحب مَا يبغض حَبِيبك"، وقال ذو النّون: "مَتى أحب رَبِّي قَالَ إِذا كَانَ مَا يبغضه عنْدك أَمر من الصَّبْر"، وقال أبو يعقوب: "كل من ادّعى محبَّة الله وَلم يُوَافق الله فِي أمره فدعواه بَاطِلَة"، وقال يحيى بن مُعاذ: "لَيْسَ بصادق من ادّعى محبَّة الله وَلم يحفظ حُدُوده"، وقال إدريس بن عبدالله المرزويّ: "مَرِضَ أَعْرَابِيٌّ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ تَمُوتُ، قَالَ: وَأَيْنَ أَذْهَبُ؟ قَالُوا: إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَمَا كَرَاهَتِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى مَنْ لَا أَرَى الْخَيْرَ إِلَّا مِنْهُ"، وسُئل الفُضيل بن عيّاض عن بلوغ محبّة الله، فقال: "إِذَا كَانَ عَطَاؤُهُ وَمَنْعُهُ إِيَّاكَ عِنْدَكَ سَوَاءٌ فَقَدْ بَلَغَتَ الْغَايَةَ مِنْ حُبِّهِ".