لماذا سمي جبل أحد بهذا الاسم
أسباب تسمية جبل أحد بهذا الاسم
يُعدّ جبل أحد أكبر جبال المدينة المنورة، وإليه تُنسَب إحدى غزوات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهي غزوة أحد التي وقعت في السنة الثالثة من الهجرة، ويعود سبب تسميته بجبل أحد لثلاثة أسباب وهي:
- سُمّيَ جبل أحد بهذا الاسم بسبب بُعدِه وتوحُّده وانقطاعه عن بقية الجبال من حوله.
- قال السهيلي إن سبب هذه التسمية تعود لنصرة أهل هذا الجبل -وهم الأنصار من أهل المدينة- للتوحيد ودين الإسلام، فكان هذا الاسم موافقاً للعقيدة التي نصروها، وذلك من باب موافقة الاسم للمسمى.
- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُفضِّل الأسماء التي فيها معاني الوترية والأحدية التي لا يوصَف بها إلّا الله -تعالى-، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ حركات الرفع في لفظ أُحُد ما كانت إلّا لِتوحي بعلوّ ورفعة دين الله -تعالى-.
أسماء أخرى لجبل أحد
من الأسماء التي تُطلق على جبل أُحُد جبل الرُّماة وسبب هذه التسمية تعود بسبب وضع النبي مجموعة من الرجال الرٌّماة لحماية ظهور المسلمين في غزوة أحد وللاحتياط لأي هجوم مفاجئ قد يبدر من قريش.
وكان يهدف رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من ذلك تأمين الجيش بالحماية اللازمة وعدم تمكين المشركين من اختراق صفوفه، لِذا أمر الرماة بقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تَبْرَحُوا، إنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عليهم فلا تَبْرَحُوا، وإنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فلا تُعِينُونَا).
وظل الرماة على الجبل حتى بدت الغلبة للمسلمين في بدايتها فقد تراجع المشركون إلى مؤخرة الجيش، وفي تلك اللحظة نزل الرماة عن الجبل مغادرين مواقعهم ومتجاهلين تذكير قائدهم لهم بما أمرهم به.
موضع جبل أحد
يقع جبل أحد كسلسلة جبلية مُمتدّة من الشرق إلى الغرب على بعد ميل واحد من شمال المدينة المنورة ، بحيث يَبعد عن المسجد النّبويّ قرابة الخمسة كيلو متر، وهو بذلك يعدّ أقرب الجبال إلى المدينة المنورة.
ويَبلغ طوله سبعة كيلو متر، ويتراوح عرضه بين الكَيلَين والثلاثة كيلو متر، وتُشكِّل صخور الجرانيت ذات اللون الأحمر معظم صخوره، بينما تميل البقية منها إلى لونَي الأخضر الداكن والأسود.
وهناك تجويفات طبيعية تُسمّى بالمهاريس تتخلل الجبل وتَحفظ مياه الأمطار داخلها معظم أيام السَنّة لِكونها محجوبة عن أشعة الشمس، ويَقرُب جبل أحد عدّة جبال صغيرة كجبل ثور الذي يقع في شماله الغربيّ، وجبل عينين الذي يقع في الجنوب الغربيّ منه.
فضل جبل أحد
لا شكّ بأنّ جبل أحد من المعالم الإسلامية التي شهدت العديد من الأحداث التاريخية وكانت سبباً فيما حظي به من المكانة والفضل، ويظهر ذلك من خلال ما يأتي:
- الجبل الذي دُفِن عنده شهداء أُحُد حمزة بن عبد المطلب ، ومصعب بن العمير، وأنس بن النضر وغيرهم -رضي الله عنهم- وهم من خيرة أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
- الجبل الذي ذهب إليه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قبل وفاته للصلاة على شهداء غزوة أحد.
- الجبل الذي كان عنده التقاء جيشا الإيمان والكفر حيث قال -تعالى-: (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ).
- الجبل الذي كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يَذكره في ضرب المثل والتشبيه، ومن ذلك قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (والذي نفسي بيدِه لَهُمَا أَثْقَلُ في الميزانِ من جَبَلِ أُحُدٍ)
- الجبل الذي أمره رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالثبات وعدم الاهتزاز عندما صعد عليه مع أبي الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان -رضي الله عنهم- بقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اثْبُتْ أُحُدُ فإنَّما عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهِيدَانِ)، ويدلّ هذا الحديث على أمرين:
- أوّلهما استجابة الجبل لِأمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مع أنّه من الجمادات وذلك من معجزاته.
- وثانيهما ولاء الجبال للمؤمنين وحبهم والبراء من الكافرين وبغضهم ومن ذلك قوله -تعالى-: (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرنَ مِنهُ وَتَنشَقُّ الأَرضُ وَتَخِرُّ الجِبالُ هَدًّا* أَن دَعَوا لِلرَّحمـنِ وَلَدًا).
- الجبل الذي قال عنه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وهذا أُحُدٌ، جَبَلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّهُ)، (وَإِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ وَلـكِن لا تَفقَهونَ تَسبيحَهُم)، وقد ذهب بعض العلماء إلى أنّ سبب محبة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لِجبل أحد الأسباب الآتية:
- أنّه كان إذا رآه أو لاح له في طريق عودته من السفر استبشر-صلّى الله عليه وسلّم- باقترابه من أهله.
- أراد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- تعزيز وترسيخ إحدى عقائد الدين وهي عدم التشاؤم بالأماكن والأشياء التي شهدَت حزن أَحد وأساه؛ لِأنّها لا تملك جلب الضرّ أو دفعه، ومن ذلك عدم التشاؤم بجبل أحد لِاستشهاد سبعين صحابياً عنده.
- أراد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- تغيير مشاعر المسلمين عند رؤيتهم لِجبل أحد الذي يحبهم من تذكّر الحزن والأسى إلى تذكّر الشهداء -رضي الله عنهم- والنعيم الذي كافأهم الله -تعالى- به.