لماذا سمي تفسير الجلالين بهذا الإسم
سبب تسمية تفسير الجلالَين بهذا الاسم
سُمِّي تفسير الجلالَين بهذا الاسم؛ نسبةً إلى مُؤلِّفَيه -رحمهما الله-، وهما: جلال الدِّين السيوطيّ، وجلال الدِّين المحلّي؛ إذ إنّ كلّاً منهما يُسمّى جلال الدِّين، والجلالَين مُثنّى جلال، أمّا الكتاب فهو يُعَدّ من الكُتُب القيّمة التي اختصّت بالتفسير، والتي انتشرت انتشاراً كبيراً بين المسلمين، وكان ما فيه من علومٍ مُفيداً في شتّى النواحي؛ ويرجع ذلك لِما في الكتاب من عباراتٍ مُختَصرةٍ، وأسلوبٍ واضحٍ بَيّنٍ؛ لا غموض فيه، ولا تعقيد، وجلال الدين المحلّي هو محمد بن أحمد الذي وُلِد سنة سبعمئةٍ وواحدٍ وتسعين للهجرة، وتُوفِّي سنة ثمانمئةٍ وأربعةٍ وستّين للهجرة، أمّا جلال الدين السيوطيّ، فهو عبدالرحمن بن أبي بكرٍ الذي وُلِد سنة ثمانمئةٍ وأربعةٍ وتسعين للهجرة، وكانت وفاته سنة تسعمئةٍ وإحدى عشرة للهجرة، وكان جلال الدين المحلّي قد بدأ تفسير القرآن الكريم من سورة الكهف ، وخَتَمه بتفسير سورة الناس، كما فسَّرَ سورة الفاتحة أيضاً، إلّا أنّه تُوفِّي بعد ذلك، ليُكملَ جلال الدِّين السيوطيّ ما بدأ به جلال الدين المحلّي، والذي كان قد اتَّبَع نَهْجه، فبدأ تفسيره القرآن الكريم من سورة البقرة، وخَتَمه بسورة الإسراء.
نبذةٌ عن تفسير الجلالين
يُعَدّ تفسير الجلالَين كتاباً قَيِّماً، سهلاً بعض الشيء، عباراته مُختصرةٌ، وهو من أكثر كُتُب التفسير انتشاراً، كما أنّه كبيرٌ ونافعٌ، مع أنّه في الأغلب من أصغر الكُتُب من حيث الحجم، والشَّرح، تمّ تناقُله بين أجيالٍ مختلفةٍ من أهل العِلم، وله العديد من الطبعات المُتنوِّعة؛ إذ طُبِعَ مرّةً مُجرَّداً، ومرّةً بحاشية المصحف، كما طُبِع مرّةً مع حاشية الصاويّ، ثمّ طُبِعَ مع حاشية الجمل، وكانت من أوسع الحواشي، وقد خصّه الكثير من كبار العلماء بتدريس التفسير في أعلى المراحل؛ باعتباره مادّةً أساسيّةً للبحث فيها، والأخذ من علومها القَيِّمة.
مُميِّزات تفسير الجلالَين
لاقى كتاب تفسير الجلالَين اهتماماً كبيراً من أهل العلم منذ تأليفه، وشَرَحه العديد منهم، وتمّ توضيح ما فيه من أمورٍ دقيقةٍ في مُؤلَّفاتٍ، وحَواشٍ وصل بعضها إلى أربعة مُجلَّداتٍ، وذكر كنعان في المُقدّمة أنّ تفسير الجلالَين مُفيدٌ لطُلّاب العلم الذين انتهَوا من الدراسة، وليس للمُبتدِئين؛ إذ إنّ المُبتدئ بحاجةٍ إلى مَن يساعده في شَرحه؛ لفَهْمه؛ ولهذا لا بُدّ له من أن يقرأ التفسير على أحد المُختَصّين بعلم التفسير ؛ للوقوف على ما فيه من حقائق وخفايا، وقد أُلِّفت العديد من الشروحات، والحواشي فيه، ومنها: حاشية الشيخ محمد بن عبدالرحمن العلقميّ، والتي سُمِّيت (قبس النيّرَين على تفسير الجلالين)، وحاشية الحافظ علي القاريّ، والتي سُمِّيت (حاشية الجمالَين على الجلالَين)، وحاشية الشيخ سليمان الأزهريّ، والتي اشتُهِرت باسم (حاشية الجمل)، وسُمِّيت (الفتوحات الإلهيّة لتوضيح تفسير الجلالَين للدقائق الخفيّة)، وكانت في أربعة مُجلَّدات، بالإضافة إلى حاشية الصاويّ على الجلالَين، وتجدر الإشارة إلى أنّ حاشيتَي الجمل، والصاويّ تُعدّان من أكثر الحواشي شُهرةً على تفسير الجلالَين.
أمّا الأمور التي امتاز بها تفسير الجلالَين، فمنها: احتواؤه على تفسير المفردات الغريبة الموجودة في القرآن الكريم، والتي وُجِدت فيه بسهولةٍ ويُسرٍ، ويُقصَد بذلك غريبُ القرآن، كما وردت فيه أسباب النزول ، والناسخ والمنسوخ، وما اشتُهِر من القراءات ، بالإضافة إلى أحكام القرآن ، والإعراب، وما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من الأحاديث المرفوعة في تفسير بعض الآيات، إضافة إلى العديد من المُميِّزات الأخرى.
ثناء العلماء على المُؤلِّفَيْن
جلال الدين المحلّي
كان جلال الدين المحلّي -رحمه الله- إماماً علّامةً من المُحقِّقين، وقد عُرِف بشدّة ذكائه، كما كان سليم الذِّهْن، وكان يقول عن نفسه إنّ فَهمه لا يُمكن أن يقبل الخطأ، وإنّه قويٌّ في البحث، وكان مُتَّبِعاً للمذهب الشافعيّ، بالإضافة إلى براعته في العديد من العلوم، كالفقه، والنَّحو، وعلم المَنطق، وعلم الكلام، والأصول، وغيرها من العلوم، ويُشار إلى أنّه تلقّى العِلم عن عددٍ من كبار العلماء، مثل: البدر محمود الأقصرائي، والبرهان البيجوريّ، والشمس البساطيّ، والعلاء البخاريّ، وغيرهم من العلماء.
جلال الدين السيوطيّ
وردت العديد من الأقوال الحَسَنة في الإمام جلال الدِّين السيوطيّ -رحمه الله-؛ فقد قال فيه تلميذه الداووديّ: "عاينت الشيخ، وقد كتب في يومٍ واحدٍ ثلاثة كراريس تأليفاً وتحريراً، وكان مع ذلك يُملي الحديث، ويُجيب عن المتعارض منه بأجوبةٍ حسنةٍ"، كما كان السيوطيّ -رحمه الله- أكثر أهل زمانه عِلماً بالحديث النبويّ، وما يتعلّق به من حيث المَتن، والسَّند، والغريب منه، بالإضافة إلى استخراج الأحكام من نصوصه، وورد عنه أنّه حَفِظَ مئتَي ألف حديثٍ، وقال أيضاً إنّه لو وجدَ أكثر من ذلك لَحَفظ، وقد تفرّغ للعبادة والطاعة حين بلغ من العُمر أربعين سنةً.
كما يُشار إلى أنّه كان غزيرَ العِلم؛ إذ قال عن نفسه أنّه تبحَّرَ في سبعة أنواعٍ من العلوم، وهي: الحديث، والتفسير ، والفقه، والبيان ، والمعاني ، والنَّحو، والبديع، وكان على علمٍ بأصول الفقه، والجَدَل، والتصريف، والمواريث، والطبّ، والقراءات، وقال عنه تلميذه عبدالقادر بن محمّد: "الأستاذ الجليل الكبير، الذي لا تكاد الأعصار تسمع له بنظيرٍ، شيخ الإسلام، وارث علوم الأنبياء -عليهم السلام-، فريد دهره، ووحيد عصره، مُميت البدعة، ومُحيي السنة، العلاَّمة البحر الفهامة، مفتي الأنام، وحسنة الليالي والأيام، جامع أشتات الفضائل والفنون، وأوحد علماء الدين، إمام المرشدين، وقامع المبتدعة والملحدين، سلطان العلماء ولسان المتكلمين، إمام المحدِّثين في وقته وزمانه".