لماذا تزوج النبي تسع زوجات
الحكمة من تزوج النبي تسع زوجات
الحِكَم العامة من زواج النبي تسع زوجات
تزوّج النبي -عليه الصلاة والسلام- بأكثر من أربع نساء، فقد تزوّج بإحدى عشر زوجة، وهذا من خصائصه التي لا يُشاركه فيها أحد، وذلك لمجموعةٍ من الحِكَم العامة والخاصة، ومن الحِكَم العامة ما يأتي:
- الإكثار من عدد الذين يُشاهدون أحواله في بيته ؛ وذلك لنشر صفاته وأخلاقه، وصدق نبوّته.
- نشر الأحكام الشرعيّة التي لا يراها الصحابة -رضي الله عنهم- وهو في بيته؛ وتعليم النساء العديد من الأحكام من خلال زوجات النبي -رضي الله عنهنّ-، كما يُساعد ذلك على البُعد عن الخطأ في نشرها وتوضيحها.
- إثبات حُسن خُلقه؛ من خلال زواجه باثنتين من بنات أعدائه، وكُنّ من أحبّ زوجاته إليه، كزواجه من صفية -رضي الله عنها-، وكان أبوها وعمّها وزوجها قد قُتلوا في غزواتٍ ضدّ المُسلمين، وتزوّج حبيبة بنت أبي سفيان الذي كان عدواً للإسلام والمسلمين، ومع ذلك فقد كانوا يحبّون النبيّ كثيراً، وكان النبيّ كثير الإحسان إليهنّ.
- تشريف بعض قبائل العرب، وتكثير أعوانه، بالإضافة إلى تأليف قُلوب بعض أعدائه.
- إكمال التشريع؛ فقد كان أمر تعدّد زوجات النبي -عليه الصلاة والسلام- لتحقيق بعض الأغراض التشريعيّة؛ كإبطال عادة التبنيّ، حيث كان مُنتشراً بين العرب أن يتّخذوا أبناءً لهم ويُلحقونهم بأنسابهم، ويُعاملونهم كأبنائهم في الحقوق من حيث الميراث وعدم زواج المحارم وغير ذلك، وسيأتي في المقال عند زواجه من السيّدة زينب بنت جحش تفصيلٌ لذلك.
- نشر السُنة النبويّة؛ وذلك بنقل كل فعلٍ أو قولٍ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقد ذكر أهل الحديث أن الأحاديث التي روتها نساء النبي -عليه الصلاة والسلام- تجاوزت الثلاثة آلاف حديث، وأكثرهُنّ روايةً عائشة -رضي الله عنها-.
- تحقيق التكافل، وإعفافهنّ، والإنفاق عليهنّ، من خلال الرعاية والاهتمام ببعض الأرامل وأولادهنّ اليتامى؛ كزواجه بسودة بنت زمعة -رضي الله عنها- بعد وفاة زوجها، وهذه من الأعمال الصالحة والحِكَم الاجتماعيّة، بالإضافة إلى توثيق الروابط مع صحابته ؛ كزواجه بعائشة -رضي الله عنها- بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وبحفصة بنت عُمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.
الحكمة من زواج كل واحدة من زوجات النبي
تزوّج النبي -عليه الصلاة والسلام- بأكثر من أربع زوجات، وكان لِكُل زواجٍ حِكمة خاصةً به، وفيما يأتي بيان ذلك:
- خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-: تزوّجها النبيّ بسبب ذكائها، وسداد رأيها، ونقائها، بالإضافة إلى مُساعدته في حمل الدعوة وأعبائها معه بعد أن أصبح نبيّاً، فكانت أوّل من أسلم به من النساء.
- سودة بنت زمعة -رضي الله عنها-: تزوّجها النبيّ للوقوف معها بعد وفاة زوجها؛ مخافة الفتنة والردّة بعد وفاته ورُجوعها إلى أهلها في مكة، بالإضافة إلى السّتر عليها، وتحقيق مقاصد دعويّة؛ بإسلام عددٍ كبير من قومها بعد زواجه بها، وردّ أقوال الطاعنين بشخصيّته؛ حيث اختار زوجةً كبيرةً في سن الخامسة والخمسين، وذلك بعد وفاة خديجة -رضي الله عنها-، فعرضت خولة بنت حكيم -رضي الله عنها- على النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يتزوّج، فقال: (ومن؟ قالَت: إن شئتَ بِكرًا وإن شئتَ ثيِّبًا. قالَ: منِ البِكرُ ومَنِ الثَّيِّبُ. فقالت: أمَّا البِكرُ فعائشةُ بنتُ أحبِّ خلقِ اللَّهِ إليْكَ، وأمَّا الثَّيِّبُ فسودةُ بنتُ زمعةَ قد آمنَت بِكَ واتَّبعتْكَ).
- عائشة وحفصة -رضي الله عنهما-: تزوّج النبيّ بهما إكراماً لأبيهما وصاحبيه؛ أبو بكر وعُمر -رضي الله عنهما-.
- زينب بنت خُزيمة -رضي الله عنها-: فقد تزوّج من زينب -رضي الله عنها- بسبب حالتها بعد وفاة زوجها، وتضحيتها في سبيل الله -تعالى-؛ حيث كانت تقوم بإسعاف الجرحى في الجهاد، بالإضافة إلى صبرها وإخلاصها، وكان عمر النبيّ حينها خمس وخمسين سنة.
- أُم سلمة هند المخزوميّة -رضي الله عنها-: فكان زواجه منها تقديراً لظروفها الصعبة بعد وفاة زوجها واستشهاده في غزوة أُحد، ورعايته لأطفالها الأيتام، والحاجة إلى من يكفُلها ويرعاها.
- زينب بنت جحش -رضي الله عنها-: فقد تزوّجها النبي لإبطال عادة التبنيّ، والقضاء على عادة التفاخر بالحسب والنسب، فقد كان زيدٌ يُنادى بزيدٍ بن مُحمد، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما كُنَّا نَدْعُو زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ إلَّا زَيْدَ بنَ مُحَمَّدٍ حتَّى نَزَلَ في القُرْآنِ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هو أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} الأحزاب:5)، فجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- لخِطبتها لزيد بن حارثة -رضي الله عنه-، فرفضت الزواج منه؛ لفضلها عليه في الحسب والنّسب، فلما نزل قول الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)، رضيت بالزواج به؛ طاعةً لله ورسوله، وبقيت عنده سنة، ثُمّ جاء يشكوها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ بسبب لسانها، وتعاظمها عليه بحسبها، فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصبر عليها وعدم طلاقها، حتّى نزل في القرآن ما يأذن بذلك فطلّقها، وتزوّجها النبيّ؛ لإزالة عادة التبنيّ بزواجه من مُطلقّة مُتبنّاه بعد انقضاء عدّتها.
- جويريّة بنت الحارث -رضي الله عنها-: تزوّجها النبيّ لرفع المُصاب الذي حلّ بها بعد وفاة زوجها؛ من العُبوديّة، وقتال قومها، وسبي نسائهم وذراريهم، فطلبت مُكاتبة نفسها؛ لإطلاق سراحها، وعجزت عن ذلك، فجاءت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقالت له: (يا رسولَ اللَّهِ، أَنا جوَيْريةُ بنتُ الحارثِ بنِ أبي ضرارٍ سيِّدِ قومِهِ، وقد أصابَني منَ البَلاءِ ما لم يخَفَ عليكَ، فوقَعتُ في السَّهمِ لثابتِ بنِ قيسِ بنِ الشَّمَّاسِ، أو لابنِ عمٍّ لَهُ، فَكاتَبتُهُ على نَفسي، فَجِئْتُكَ أستَعينُكَ على كِتابَتي)، فأشفق النبي -عليه الصلاة والسلام- لحالها، وطلب منها أن يدفع عنها كتابها ويتزوّجها؛ ليُعيد لها كرامتها وعزّتها، ويزيل عنها الأسى الذي حلّ بها، فقبلت بذلك، ولما سمع المُسلمون بهذا الزواج قاموا بإطلاق جميع الأسرى من بني المُصطلق؛ لأنهم أصهار النبي -عليه الصلاة والسلام-.
- أُم حبيبة، وصفية، وميمونة -رضي الله عنهنّ-: فزواجه من أُم حبيبة بنت أبي سُفيان كان لكفالتها، ورعايتها، ومُساعدتها في البقاء على الإسلام ، حيث هاجرت مع زوجها إلى الحبشة وتوفّي هُناك؛ فخشي النبي -عليه الصلاة والسلام- برجوعها أن تُجبر على الردّة، فخطبها النجاشيّ للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وفرحت بذلك ووافقت على هذا الزواج، مما ساعد إلى ميل قلب أبيها للإسلام والصُّلح، وأمّا زواجه بصفيّة فكان بعد مقتل زوجها في غزوة خيبر ؛ لدعوة قومها من اليهود للإسلام، وعدم تآمُرهم على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأمّا زواجه بميمونة فكان لتهدئة الأوضاع بين المُسلمين وبين قومها الذي قتلوا سبعين من فُقهاء الصحابة، وكسبهم للإسلام، وليس على سبيل الضعف واتّقاء شرهم.
نبذة عن زوجات النبي
أكرم الله -تعالى- نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بعددٍ من الزوجات من خيرة النّساء، وشرّفهنّ بالانتساب إليه، وجعلهنّ أُمّهاتٍ للمؤمنين؛ من حيث الاحترام والتقدير، وتحريم الزواج بهنّ بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، تكريماً لنبيّه الكريم ولهنّ، لقول الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلكم كَانَ عِندَ الله عَظِيماً)، وهُنّ: السيدة خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفصة بنت عُمر بن الخطاب ، وزينب بنت جحش، وزينب بنت خُزيمة، وأُم سلمة هند بنت أُميّة المخزوميّة، وأُم حبيبة رملة بنت أبي سُفيان، وميمونة بنت الحارث، وجويريّة بنت الحارث، وصفية بنت حُيي بن أخطب -رضي الله عنهنّ وأرضاهنّ-.