للشهيد عند الله ست خصال
الخصال الست للشهيد
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (للشهيد عند الله ست خصال: يُغفر له في أول دَفعة ويَرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبرِ، ويوضع على رأسه تاج الوقار؛ الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحورِ العِين، ويشفّع في سبعين من أقاربه)، وللشهيد فضائل عديدة، منها ما ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث السابق، وفي ما يأتي توضيحها:
- يغفر الله -تعالى- ذنوب الشهيد الذي يُقتل في سبيل الله، عند تدفّق الدم من جرحه.
- يُري الله -تعالى- الشهيد ما أعدّ له من النعيم في الجنّة.
- يؤمّن الله -تعالى- الشهيد من عذاب القبر، ويحفظه منه.
- يُنجي الله -تعالى- الشهيد من الفزع الأكبر، كما قال الله تعالى:(لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ)، وقد اختُلف في معنى الفزع الأكبر، فقيل: هو النفخة الأخيرة في الصور، وقيل: هو عند ذبح الموت، وقيل: عندما يؤمر أهل النار بدخولها، وقيل: عند إطباق النار على الكفار.
- يُلبس الله -تعالى- الشهيد تاج الوقار، وهو تاج العزّة والعظمة، وفي ذلك التاج أحجار الياقوت ؛ وهي أحجار كريمة، شفافة، شديدة الصلابة، تستعمل للزينة، ولكنّ الحجر الواحد من تلك الحجارة أفضل من نعيم الدنيا جميعه.
- يتزوّج الشهيد من اثنتين وسبعين من الحُور العِين ، والحور هو شدة سواد العَين وبياضها، والعِين؛ أي واسعة العَين، وهذا من أهمّ ميزات الجمال في النساء.
- يقبل الله شفاعة الشهيد في سبعين من أهله؛ وأهله هم: أبويه، وأولاده، وزوجاته، وغيرهم من الأقارب، بالإضافة إلى الأحباب والمقرّبين منه، وتجدر الإشارة إلى أنّ المقصود من الرقم سبعين؛ قد يكون تحديداً، وقد يكون تكثيراً لا تحديداً، حيث إنّ العرب تستعمل مضاعفات العدد سبعة للدلالة على الكثرة، ومثال ذلك قول الله تعالى : (إِن تَستَغفِر لَهُم سَبعينَ مَرَّةً فَلَن يَغفِرَ اللَّهُ لَهُم)، فمن الممكن أن يشفع الشهيد لأكثر من سبعين من أقاربه .
الشهادة في سبيل الله
تعدّدت الأسباب في تسمية الشهيد بهذا الاسم، فقيل: إنّ سببها يرجع إلى أنّ الشهيد حيٌ وحاضرٌ عند الله تعالى، أو لأنّه عندما يُقتل يسقط على الشاهدة؛ وهي الأرض، وقيل: لأنّ الله -تعالى- وملائكته شهدوا له بالجنّة، وممّا يدلّ على عظيم فضل الشهادة في سبيل الله، أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- تمنّى أن يُقتل في سبيل الله، حيث قال: (والذي نفسي بيدِه، وددتُ أنّي أقاتِل في سبيل الله فأُقتل، ثمّ أُحْيا ثمّ أُقتل، ثمّ أُحْيا، ثمّ أُقتل، ثمّ أُحيا، ثمّ أُقتل، ثمّ أحيا)،
بالإضافة إلى أنّ الشهيد لا يُفتن في قبره ، حيث روى راشد بن سعد رضي الله عنه، أنّ رجلاً سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن سبب عدم فتنة الشهيد في قبره، فقال :(كفَى ببارقةِ السُّيوفِ علَى رأسِهِ فتنةً)، كما أنّ الشهيد حيّ عند الله تعالى، كما قال الله تعالى:(وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَـٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ)، ومن الجدير بالذكر أنّ للشهادة في سبيل الله صور مختلفة؛ منها: الرجل الذي يقول كلمة الحقّ عند السلطان الظالم، فيغضب منه ذلك السلطان ويقتله؛ حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:(سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، ورجلٌ قام إلى إمامٍ جَائِرٍ فأمرَهُ ونَهاهُ، فَقَتَلهُ)، والموت دون الأهل، والدين، والدم، والمال، والمظلمة، ومن طلب الشهادة بصدق، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مَن طَلَب الشَّهادَةَ صادِقاً، أُعطِيَها، ولو لم تُصِبْه).
مواقف الشهداء
كان الصحابة -رضي الله عنهم- يتسابقون للشهادة في سبيل الله، وفي ما يأتي قصص لبعض الذين أكرمهم الله -تعالى- بالشهادة:
- حنظلة بن أبي عامر: عندما نادى منادي الجهاد، كان حنظلة بن أبي عامر -رضي الله عنه- في صبيحة عرسه، فخرج مُسرعاً، وبعد انتهاء معركة أحد، وجد الناس حنظلة بين الشهداء، فأخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الصحابة -رضي الله عنهم- أنّ الملائكة غسّلته، ولمّا سأل رسول الله زوجته عن أمره، أخبرته بأنّه لمّا سمع النداء خرج، حتى قبل أن يغتسل من جنابته، فعلم رسول الله -صلّى االله عليه وسلّم- سبب تغسيل الملائكة له، وسميّ بعدها بغسيل الملائكة.
- عمرو بن الجموح: لمّا حضر يوم أحد ، كان عمرو بن الجموح -رضي الله عنه- كبير السن، بالإضافة إلى أنّه كان أعرجاً شديد العرج، وكان له أربعة أولاد يقاتلون في سبيل الله، مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا استعدّوا للخروج أراد عمرو بن الجموح الخروج للقتال، فقال له أبناؤه: (إنّ الله قد جعل لك رخصةً، فلو قعدت ونحن نكفيك القتال، فقد وضع الله عنك القتال)، فذهب عمرو إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأخبره بأنّ أولاده يمنعوه من الجهاد في سبيل الله بسبب عرَجه، وأنّه يطمع بالشهادة ليطأ الجنة بعرجته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أمَّا أنتَ فقدْ وضَعَ اللهُ عنكَ الجهادَ، وقال لبنيه: وما عليكم أن تدعوه لعلّ اللهَ -عزّ وجل- أن يرزقه الشهادة)، فخرج عمرو بن الجموح للجهاد في سبيل الله ، وقد بلغ من العمر الستين سنة، ورزقه الله -تعالى- الشهادة في تلك المعركة.