كيفية كتابة مقدمة بحث أدبي
كيف تُكْتَبُ مقدمة البحث الأدبي
يُعرف البحث الأدبي بأنّه طلب الحقيقة الأدبية فيما حفظ لنا التراث من مصادر وإذاعتها، ويَعني ذلك التَّوصل إلى المعلومة الأدبية أو الغاية الَّتي يَبحث عنها الباحث الأدبي بأفضل المناهج والطرق وذلك حسب المصادر والمراجع ذات العلاقة، والباحث الأدبي يَلتقي مع الباحثين من التخصصات الأخرى في الهدف، فكلُّ باحث بصرف النظر عن مجال اختصاصه له غايةٌ وهي التَّوصل إلى الحقيقة.
لا بدّ من مقدمةٍ لكلِّ بحث أدبي، والمقدمة لا تُكتب بشكل عشوائيّ وإنّما لها خطواتٌ محدّدة من أجل أنْ ينجح البحث، فالمقدمة هي واجهة البحث الأدبي وأساسه، وتَتلخص هذه الخطوات بالآتي:
تحديد مادة الموضوع المبحوث
يبدأ الباحث أولًا بتحديد موضوع بحثه قبل أنْ يَبدأ بالكتابة، وتحديد الموضوع ليس أمرًا سهلًا، وإنَّما لا بدَّ من شروط يأخذها الباحث بعين الاعتبار عند تحديد موضوعه، ومن أهمِّ هذه الشُّروط الدِّقة والوضوح، والجدّة بحيث يكون البحث غير مُتطرقٍ له من قَبْل ولا مُبتذل كي تظهر شخصية الباحث فيه.
كما أنّ على الباحث اختيار موضوع تتوافر له مراجع ومصادر كافية ليتمّ البحث على أكمل وجه ولا يَكون أقرب للتلخيص، وأنْ يختار ما يناسب مرحلته العمرية فإنْ كان طالب مدرسة يأخذ ما يناسبه وكذلك إنْ كان طالباً جامعياً أو دكتوراً وهكذا، وأخيرًا يُفَضّل أنْ يختار الباحث ما هو أقرب إلى رغبته لكي يُقبل على العمل والتضحية ويكتب بمتعة.
يجب أنْ يكون الموضوع مُخْتصًا بجانب معين من العمل الأدبي، وهو ما ذكر سابقًا بالدِّقة والوضوح، فموضوع البحث لا يكون مُتشعّبًا وإنَّما ينصبّ بمجال معيّن لكي يأخذ حقّه في البحث، ولنتجنب تشتيت قارئ العمل الأدبي، ومثال على تحديد الموضوع: "العنصريّة في فيلم Lord Of The Files"
بيان المنهج المتبع في البحث
لا يُمكن كتابة بحث أدبي دون اتباع منهج معيّن، يُلزم الباحث بتحديد المنهج الَّذي سيتبعه في دراسته بتوضيح أساليبه وأدواته وأسباب اختياره وذلك في المقدمة، حسب التخصص والحاجة بحيث يتم من خلال قواعد هذا المنهج دراسة المُشكلة البحثيَّة وتحليل الأبعاد المتعلقة بها ومسبّباتها وجوانبها وتأثرها بالظواهر المحيطة بها، بتسلسل معين من أجل الوصول للحقيقة ونتائج بحثية سليمة.
من أهمِّ مناهج البحث الأدبي : المنهج الوصفي، طريقة دراسة الحالة، طريقة المسح أو الحصر، التَّحليل، المنهج الاستنباطي أو الاستدلالي المعتمد على المنطق، المنهج الاستقرائي المعتمد على دراسة الجزئيات وتحليلها، المنهج التاريخي، المنهج المتكامل، المنهج التجريبي، المنهج المقارن.
توضيح خطة سير البحث
يجب على الباحث أنْ يُحدد الخطة الَّتي يسير عليها في البحث، سواء أكانت خطة موجزة أم مفصّلة مُلِمّة بالموضوع ومصادره وخفاياه، ومن أهمِّ الخطوات الَّتي يسير عليها الباحث في تحديد خطته تبويب أو تقسيم الموضوع وتجزئته من أجل تسهيل العمل، بحيث يتم توزيع المادة المُجهزة والأفكار ويُوضع كل منها في مكانه المناسب.
تُرسم الخطة على أساس الأبواب: الباب الأول، الباب الثَّاني، الباب الثَّالث، ويُقسم كلُّ بابٍ إلى وحدات أصغر تُسمى فصول: الفصل الأول، الفصل الثَّاني، الفصل الثَّالث وهكذا، وقد يحتاج الكاتب إلى وحدات أكبر من الأبواب هي الأجزاء، حسب الحاجة ثمَّ تُقسم الأجزاء إلى أبواب وهكذا.
أثناء رسم خطة البحث وقَبْلَ التَّبويب يذكر الكاتب المقدمة والتَّمهيد أوالمدخل، وقد تُضاف قائمة المصادر بعد المقدمة، ثمَّ بَعْدَ ذِكْرِ الفصول تُوضع الخاتمة والفهارس ، ومن أهمِّ ما يجب على الكاتب أنْ يتجنبه الخطط الجاهزة الَّتي تُعوّد على الكسل والجهل، فالتَّبويب هو أساس المقدمة، وبعد الانتهاء من وضع الخطة ينظر الباحث فيها ويُعدّل ويُبدّل فيها بالإضافة والحذف والتَّبديل.
تحديد أسباب اختيار موضوع البحث
الحاجة إلى حلّ مشكلة معينة، وهي ليست مشكلة بالمعنى الحقيقي وإنّما ظاهرة أدبية تحتاج إلى تفسير وتحليل، وتكمن أهمية الموضوع عندما يُؤثر في قضيَّة مهمّة أو إذا كانت القضيَّة جديدة ولم يتمّ البحث فيها من قَبْل أو كان البحث يُضيف فائدةً علميةً ، كما أنّ الميول الشخصيَّة للباحث وحبّ المعرفة واكتساب المهارات يُعد دافعًا لاختيار الموضوع.
تحديد الفَجوات المعرفيَّة المتصلة بالبحث
الفجوة المعرفيَّة قضية بحثية لم يتم التَّطرق لها سابقًا بحيث تُشكّل نقصًا في حقل ما فيتطرق لها الباحث من أجل حلّها، ويتم تحديدها في المقدمة بعد أنْ يقوم الباحث بقراءة الأبحاث المُحَكْمَةِ والمنشورة سابقًا في مجال البحث، ويركز على المنهجيات المطبقة في البحوث الَّتي بحثت في نفس المجال، ويهتم ب الخطط الَّتي يكتبها الباحثون الَّتي يناقشون فيها المشكلات البحثية المستقبليَّة.
يقوم الباحث باستخدام البحوث السَّابقة الأكثر بحثًا لفكرة الفجوة البحثيَّة للبحث قيد الإجراء، والهدف من تحديد الفجوات المعرفيَّة توضيح المشكلة الَّتي تَوصّل إليها الباحث، والعمل على توضيح الفارق بين البحث الحالي والبحوث السَّابقة الَّتي تناولت نفس المجال، ممّا يُساعد في النهاية على إبراز القيمة المعنويَّة للبحث.
الإشارة إلى الأبحاث العلميَّة المتصلة بالموضوع
يحتاج الباحث أحيانًا للإشارة إلى مَن سبقه من الكُتَّاب والباحثين في البحث فيما هو من موضوعه أو ذو علاقة به، وقول كلمة فيه إيجابًا أو سلبًا ليعلم القارئ ما السبب الَّذي دفعه للبحث في موضوع قد تمّ البحث فيه سابقًا، على أن يتمّ ذلك بكلِّ تواضع وشفافية وترك الحكم للقارئ في النهاية.
الأفضليَّة في أن تَكون المقدمة موجزة
آخر جزئية في خطوات كتابة المقدمة هي أنّ المقدمة يُستحب أنْ تكون مختصرةً وموجزةً قدر الإمكان، وذلك لنجنّب القارئ التشتّت والملل أو أنْ يترك الدِّراسة، والطول المناسب للمقدمة هو من 500-1000 كلمة، فالمقدمة تُقدّم لمحةً سريعةً عن البحث وملخَّصاً للبحث وأفكاره، وتتضمن لفتات لما سيأتي في البحث.
هذه هي أهمُّ الخطوات الَّتي يُمكن للباحث اتباعها لكتابة مقدمة مقال أدبي ناجحة، وكما أشرت سابقًا يجب الابتعاد عن المقدمات الجاهزة لأنَّها إنْ كانت جيّدة لن تكون أفضل من مقدمة كتبها الباحث اعتمادًا على ما عنده من معطيات وأفكار، ويجب الاهتمام بصياغة المقدمة لأنَّها واجهة البحث وأهمّ جزئيّة فيه، وكلّما كانت قويّة كان البحث أكثر نجاحًا.