كيفية قيام الليل في شهر رمضان
كيفيّة قيام اللّيل في شهر رمضان
أجمع أهل العلم على مشروعيّة قيام اللّيل جماعةً في شهر رمضان ، وجمع عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الصحابة الكِرام على عشرين ركعة من غير الوتر، وتُصلّى في الحرمين كذلك، ويُسمّى قيامُ رمضان بصلاة التّراويح؛ لأنها من الصلوات التي يُسنّ التطويلُ فيها، ولأنّ المصلّون يستريحون فيها بعد كُلّ أربعِ ركعات، وتُصلّى ركعتين ركعتين، لِقول النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام-: (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى).
وقد قال الإمامُ ابن تيميّة: "إنّ عدد ركعات القيام في شهر رمضان يختلفُ باختلاف المُصلّين، ولكن الأفضل ما قام به النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بصلاته ثلاثةَ عشر ركعة مع الوتر"، ثم قال: "وإنّ عدد الرّكعات ليس له حدٌ مُعين"، واتّفق الفُقهاء على مشروعيّة الاستراحة بعد كُلّ أربع ركعات؛ لأنّ ذلك مما ورد عن الصحابة، ويجوزُ للمُصلّي إشغالها بِالسُّكوت أو التّسبيح، وقال الحنابلة بجواز تركها، ويُسلّم من كُلّ ركعتين، ويُسنّ مُراعاة التيسير فيها، أمّا الحنفيّة فقالوا بجواز صلاتها بتسليمٍ واحد؛ لإتيان المصلّي بجميع الأركان والشُّروط الخاصّة بالصّلاة، مع كراهة صلاتها بالكيفيّة هذه، وذهب بعضهم إلى القول بفسادها، وقال المالكيّة: يُندب لمن يُصلّي التراويح أن يُسلّم من كُلّ ركعتين، ويُكره له تأخير التّسليم بعد الأربع ركعات، ويرى الشافعيّة عدم صحّة الصلاة لمن صلّى أربع ركعات بتسليمةٍ واحِدة، وتبطُل عندهم لمن فعل ذلك عامداً.
ويُصلّيها الإمام بالناس جهراً؛ لِوقوعها في وقت الجهر، أما المُنفرد فيُخيّر بين الجهر والإسرار؛ لأنّها من النّوافل المُكمّلةِ للفرائض؛ فيُخيّرُ فيها كما يُخيّر في الفرائض، وأمّا بالنسبة للقِراءة فيها؛ فقد ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى القول بِسُنيّة ختم القُرآن فيها؛ ليسمع الناس جميع القرآن في تلك الصلاة، وقال المالكيّة والشافعيّة إنّ ختم القُرآن فيها من المندوبات للإمام، ويجوزُ قراءة سورة فيها خلال كامل شهر رمضان وإن كان ذلك خلافاً للأولى، والأصل أنّه لم يرد في السُّنة ما يُحدّد القِراءة فيها، ولكن يُسنُّ للإمام ألّا يطيل على الناس.
عدد ركعات صلاة قيام اللّيل في رمضان
جُمهور الفقهاء من الحنفيّة والشافعيّة والحنابلة قالوا بأنّ أفضل عددٍ لركعات التّراويح هو عشرون ركعة من غير صلاة الوتر ، فيكونُ مجموعها ثلاثٌ وعشرون ركعة، ونُقل عن الإمام الشّافعيّ أنّه قال: وأحبُّ إليَّ عشرون ركعة؛ لِفعل عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وذهب الإمامُ مالك إلى القول بأنّها تسعُ ترويحات؛ أي ستٌّ وثلاثون ركعةً من غير الوتر، واستدلّ بعمل أهل المدينة في خلافة عُمر بن عبد العزيز؛ حيثُ كانوا يُصلّون ستاً وثلاثين ركعةً من غير الوتر، وقال الإمام مالك في روايةٍ أُخرى بأنّها إحدى عشرة ركعةً، والأصلُ فيها عدم تحديدها بعددٍ مُعيّن؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- لم يُحدّدها، بل بيّن كيفيّتها فقط، وهي ركعتين ركعتين.
وقال الإمام السيوطيّ بأنّ الأحاديث الصّحيحة يُفهمُ منها الأمر بقيام رمضان والتّرغيبُ فيه من غير تخصيص عددٍ معينٍ من الركعات فيها، وقال ابن حجر الهيثميّ بأنّه لم يصحّ عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- صلاته عشرين ركعة، وما ورد في ذلك فهو ضعيف، وجُمهور الفُقهاء من الحنفيّة والشافعيّة والحنابلة وبعضُ المالكيّة على أنّها عشرون ركعة؛ استدلالاً بعمل الصحابة والتابعين.
الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام
تُعدُّ صلاةُ التراويح قيامٌ للّيل، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، حيثُ إن المقصود من القيام؛ هو القيام في الصلاة، وقيامُ رمضان هو صلاةُ التّراويح، فالجُمهور يُسمّون قيام رمضان بالتراويح.
فضل صلاة التراويح
توجد العديد من الفضائل المُترتّبة على قيام رمضان وصلاة التراويح، وإحدى هذه الفضائل هي: أنّ ذلك سببٌ مغفرة ما تقدّم من صغائر الذُّنوب لمن صلّى التراويح طلباً للآخرة بعيداً عن الرّياء، وذلك لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (من قامَ معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ فإنَّهُ يعدلُ قيامَ ليلةٍ)، كما أنّ صلاتها في جماعة والبقاء حتى انصراف الإمام يعدلُ قيام اللّيل كله، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ الرجُلَ إذا صَلَّى مع الإِمامِ حتى يَنصَرِفَ كُتِبَ له قِيامُ ليلَةٍ).