ما هي نتائج فتح القسطنطينية
ما هي نتائج فتح القسطنطينية
نتائج الفتح على الدولة العثمانية
كان لفتح القسطنطينية العديد من النتائج على الدولة العثمانية، ومن أبرزها ما يأتي:
- ارتفاع شأن السلطان محمد الفاتح ورفع مكانته ونفوذه، ووقوف حزب الحرب في صفّهِ ضدّ الصدر الأعظم الذي عُيّن في عهد مراد الثاني.
- تسليم مدينة جنوة للسلطان محمد الفاتح لتُصبح تحت إمرة العثمانيين، وذلك من قِبل محافظ مدينة جنوة الذي عُرف بحكمته.
- توحيد الأتراك في الأناضول تحت الراية العثمانية.
- مضاعفة اهتمام العثمانيين بالقوة البحرية، حيث بنوا أُسطولاً بحرياً عظيماً في القسطنطينية.
- حدوث نقلة نوعيّة لنمط حياة العثمانيين من نمط الحياة البدوية.
- ضمّ مدينة بيرا التي تُحاذي القسطنطينية إلى مناطق نفوذ الدولة العثمانية، وذلك بعد تسليمها من قِبل حُكّامها للسلطان محمد الفاتح.
- تحسّن أوضاع حكم القسطنطينية، حيث إنّ أهل القسطنطينية تمتعوا بعد الفتح العثماني بحكمٍ أفضل ممّا كانت عليه في السابق، وأصبحوا ينعمون بالسخاء والرخاء والحرية الشخصية.
- الإطاحة بالإمبراطورية البيزنطية أكبر إمبراطوريات العصور الوسطى، وانتقال مكانة الحضارة البيزنطية في العالم إلى العثمانيين، حيث إنّ فتح القسطنطينية يُعدّ بمثابة القضاء على الدولة البيزنطية التي استمرّت ما يُقارب 11 قرناً. والتي أشار سقوطها إلى نهاية العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة.
- اتخاذ القسطنطينية عاصمةً للعثمانيين بصفتها أقوى المراكز التجارية عالمياً، حيث إنّها أصبحت عاصمةً للتجارة، والعلوم، والفنون، كما احتضنت العديد من الأصول والديانات المختلفة وأصبحت مجتمعاً متعايشاً يسوده الأمن والأمان.
- فرْض العثمانيون حُكمهم على الغالبية العظمى من العالم، من خلال سيطرتهم على ثُلث أوروبا، وغالبية شمال أفريقيا، والشرق الأوسط بالكامل.
- حصول السلطان محمد على لقبيّ الفاتح ولقب قيصر الروم، وذلك لِكون القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الرومانية.
نتائج الفتح على العالم الإسلامي
تعددت نتائج فتح القسطنطينية على العالم الإسلامي، ومن أبرز هذه النتائج ما يأتي:
- إطلاق اسم اسلامبول، أو استانبول على القسطنطينية، والذي يعني عاصمة الإسلام.
- اختلاط العادات والتقاليد ما بين المسلمين والأوروبيين.
- تحوّل القسطنطينية لتُصبح مركزاً لنشر الثقافة الإسلامية، وطباعة المصاحف بالرسم العثماني، ومجمّعاً لعلماء وشيوخ المسلمين، ونقطة انطلاق الفتوحات الإسلامية تجاه أوروبا.
- استفادة الحضارة الإسلامية من العديد من الحضارات بفتح القسطنطينية، مثل الحضارة البيزنطية وحضارة السلاجقة، حيث احتفظ المسلمون بعلمهم وعلومهم، كما أنّهم استفادوا من نُظم إدارة المماليك، والإيلخانيين، والصقالية.
- تحقيق وحدة الأراضي في آسيا بأجزائها مع أوروبا وانتشار الفكر الإسلامي في البقع الجغرافية المتعددة من العالم الغربي وبالتحديد في الداخل الأوروبي.
- توسّع رقعة الدولة الإسلامية ووصولها إلى صربيا، والمورة اليونانية، وألبانيا، والنمسا، والمغرب، والفقاس، وبولندا، والحبشة، وبعض المناطق الإيطالية، بالإضافة إلى بلاد فارس وما حولها، والمحيط الهندي، والبحر الأبيض المتوسط، والبحر الأسود، والخليج العربي، ومضائق إيطاليا والبلقان، وجُزر البندقيّة، والكثير من المناطق الأُخرى.
نتائج الفتح على العالم الأوروبي
أثّر الفتح الإسلامي على العالم الأوروبي، فكانت نتائج هذا الفتح ما يأتي:
- تشكيل الدولة العثمانية خطراً حقيقياً على العالم الأوروبي لمدّة قرنين من الزمن بتقّدم الفتوحات ووصولها إلى فيينا.
- توجّه الأوروبيين إلى استخدام البحار الواسعة لتمرير سُفنهم التجارية، والبحث عن طرق أُخرى غير المعتادة لتمرير بضائعهم لاسترداد خسائرهم ونقصهم من الذهب.
- هجرة العلماء البيزنطيين إلى إيطاليا وفرنسا التي أدّت إلى قيام النهضة الأوروبيّة الحديثة.
- تعليم الحكومات الأوروبية جنودها أنظمة القتال التي يتّبعها الجيش العثماني سواء النظام الانكشاري أو نظام قوات المشاة الخفيفة.
- تعجيل ظهور الاستكشافات الجغرافية؛ وذلك بسبب سيطرة العثمانيين على الخط التجاري الرئيسي بين الشرق والغرب ممّا دفع الدول الأوروبية للبحث عن طُرق تجارية بديلة، وأدّى ذلك إلى اكتشاف القارة الأمريكية بالإضافة إلى طريق رأس الرجاء الصالح التجاري.
ردود الفعل اتجاه خبر فتح القسطنطينية
العالم الإسلامي
أثار وصول خبر الفتح الإسلامي للقسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح وجيشه الفرح والسرور العميق على المسلمين متفاخرين بهذا الانتصار العظيم، الأمر الذي جعلهم يشعرون بقوة الإسلام وعظمة جيشه، واحتفاءً بهذا النصر قدّم زعماء عواصم البلدان الإسلامية التهاني والتبريكات للسلطان محمد الفاتح بنصره العظيم، وسرد بعض المؤرخين احتفال أهل القاهرة بعدما وصلهم وفد الفتح، ومدى فرح السلطان في مصر بذلك وإرسال برسباي أمير آخور ثاني وكيلاً عنه لتهنئة الفاتح.
العالم الأوروبي
أثارت أنباء فتح القسطنطينية الهلع والرعب في أوروبا، فعقد الأوربيون الاجتماعات بهدف التوحّد للقتال ضدّ الدولة العثمانية، حيث عُقد مؤتمر في روما ونادى بالدول التي عزمت المشاركة في الحرب ضدّ الدولة العثمانية، لكن وبعد مناقشات بين الدول الأوروبية أدركوا أنّ الخطر العثماني كبير فتراجعوا عن فكرة الحرب.
ابتعدت إنجلترا وفرنسا عن مواجهة العثمانيين بسبب خسائرهما في حرب المئة عام، وبسبب حروب إنجلترا الأهلية ومنازعات فرنسا الداخلية آنذاك، كما أنّ إسبانيا كانت لا تزال تُكافح لاسترداد وحدتها، كما تجنّبت إيطاليا الحرب مع الدولة العثمانية، ويجدر بالذكر وجود محاولات غربية عدةّ لإبقاء الإمبراطورية البيزنطية وعدم قضاء العثمانيين عليها؛ وكان ذلك بهدف الدفاع عن أوروبا الكاثوليكية وانتزاع السيطرة على الأراض المقدسة من يد العثمانيين، إلّا أنّ محاولاتهم باءت بالفشل.
أسباب فتح القسطنطينية
يُمكن توضيح أسباب فتح القسطنطينية كالآتي:
- أسباب سياسية استراتيجية أمنية:
- الرغبة في زيادة مناطق النفوذ لتأمين حدود الدولة العثمانية ونشر الإسلام.
- تشديد الحماية والأمن، حيث إنّ القسطنطينية كانت تُعدّ بوابةً لدخول الحملات البيزنطية والأوروبية على الأراضي العثمانية لمحاربتهم، ووكراً تُحاك فيه المؤامرات ويُعتقل فيه الأمراء العثمانيين.
- إنهاء التهديد البيزنطي، حيث إنّ البيزنطيين استمروا بتحريض الغربيين على الدولة العثمانية، وتنظيم الحملات الصليبية ضدّهم، كما أنّهم حرّضوا ورثة الحُكم في الدولة العثمانية على التمرّد على بعضهم البعض الأمر الذي أدّى إلى إراقة الكثير من الدماء وإعاقة طريق الفتوحات الإسلامية.
- إيقاف تهديد القسطنطينية لأمن الدولة العثمانية كونها توجد داخل أراضيهم الأمر الذي كان يُمكن أنّ يُشكّل ثورةً ضد السلطان.
- تحرُّك البابا في الفاتيكان للسيطرة على الكنيسة الأرثوذكسية في الشرق بعد قُبول البيزنطيين بشروطه لمواجهة خطر العثمانيين.
- أسباب جغرافية:
- وقوع القسطنطينية في مكان جغرافي يجعلها بوابة أوروبا من الجهة الشرقية.
- تشكيل القسطنطينية عائقاً أمام وحدة الدولة العثمانية بعد قيامها في آسيا الشمالية إلى شبه جزيرة البلقان.
- وقوع القسطنطينية عند نقطة التقاء ما بين آسيا وأوروبا من خلال مضيق البوسفور الذي يربط البحر الأبيض بالبحر الأسود.
- وقوع القسطنطينية على طرق المواصلات والملاحة البحرية .
- أسباب دينية:
- تحقيق البشارة النبوية بفتح القسطنطينية.
- تحقيق حلم الأسلاف من القادة والسلاطين المسلمين بفتح القسطنطينية.
- إثبات جدارة السلطان محمد الثاني بخلافة المسلمين.
تاريخ محاولات فتح القسطنطينية
حاول المسلمون فتح مدينة القسطنطينية لأكثر من 8 قرون لتحقيق البشارة النبوية ، حيث وصلت محاولات فتح القسطنطينية إلى ما يُقارب 11 محاولة قبل أن تُفتح، منها 7 محاولات في أول قرنين للإسلام، ثمّ ازداد الأمل بفتحها في عهد العثمانيين، فحاصر كلّ من السلطان بايزيد الأول والسلطان مراد الثاني القسطنطينية إلّا أنّ محاولاتهما لم تنجح وبقيت المدينة على حالها إلى أن قاد السلطان محمد الثاني المسلمين إلى الانتصار وفتح القسطنطينية في القرن الخامس عشر.
أسباب نجاح الفاتح في فتح القسطنطينية
يوجد العديد من الأسباب التي دعت إلى نجاح فتح القسطنطينية، ومن أهمّها ما يأتي:
- عقد المعاهدات: وقّع الفاتح بعد وصوله للحكم في مدينة أدرنه العديد من الاتفاقيات الدبلوماسية حتّى يضمن حياد أعدائه عن طريقه خلال الفتح، ومن هذه الاتفاقيات، اتفاقيته مع الوصي على عرش المجر، ومع إمارة غلطة، والأفلاق، وجزر مديللي، وساقز، ورودس، والبندقية، كما أنّه جدّد الصلح مع الصرب، وحافظ على المعاهدة مع قسطنطين.
- الاهتمام بالأسطول: أراد الفاتح عزل القسطنطينية وقطع الإمدادات البحرية التي يُمكن أن تأتي لنجدتها وكان ذلك من خلال الأسطول البحري؛ حيث بلغ عدد سفن الأسطول البحري العثماني ما يقارب 400 سفينة مختلفة في الأحجام والوظائف، منها 12 سفينة مُحملة بالأسلحة بشكل كامل، وكانت القوات البحرية تحت قيادة بلطة أوغلو سليمان بك.
- بناء قلعة روملي: أمر السلطان الفاتح ببناء قلعة الروملي في الضفة الأوروبية كقاعدة للعمليات العسكرية على بعد 8 كم فقط من القسطنطينية، وامتلأت القلعة بالأسلحة والقذائف؛ حيث كانت تُفتَّش كلّ سفينة أجنبية تمرّ من مكان القلعة وتدفع ضرائب أيضاً.
- اختيار الوقت المناسب للفتح: وصلت الإمبراطورية البيزنطية قبل فترة الفتح إلى أسوء أوضاعها، بسبب الانشقاقات والنزاعات الدينية والسياسية ممّا أدّى إلى إضعاف قوة البيزنطيين وتقليل نفوذهم بعدما احتلت القوى الأوروبية بعض أراضيهم، فاستغل السلطان محمد الفاتح ضعف أوروبا بسبب حرب المئة عام التي استنزفت القوى الأوروبية عسكرياً واقتصادياً.
- عدم تدخل الأوروبيين: كان من الصعب على دول أوروبا إرسال النجدة للقسطنطينية بسبب بُعد المسافة عنها وعدم توفّر المواصلات، كما أنّ دراساتهم أشارت إلى استحالة هزيمة الجيش العثماني في تلك الواقعة في ظلّ ذكريات معركة نيقوبولس التي هُزم فيها الأوروبيون من الجيش العثماني.
- اختراق السلسلة الحديدية: أوجد السلطان محمد الفاتح حلاً ناجحاً لاختراق السلسلة الحديدية حول ميناء القرن الذهبي، فكان نقطةً مهمّةً جداً في هزيمة البيزنطيين.
- السيطرة على مضيق البوسفور: استغل السلطان محمد الفاتح أهمية مضيق البوسفور لفرض حصار اقتصادي وعسكري على البيزنطيين، حيث إنّه شيّد قلعة الأناضول على ساحل مضيق البوسفور باعتبارها حامية للعثمانيين من إمدادات طرابزون القادمة.
- الاهتمام بالجيش أسلحته: ركّز السلطان الفاتح على بناء الجيش بأفضل الوسائل، وقُدّر عدد جيش السلطان الفاتح بما يُقارب 250,000 مقاتل، شارك منهم 70,000 – 150,000 في الحرب، وأنشئ مدفع الهاون العملاق؛ وهو أحدث المدافع في ذلك الوقت ولُقّب بالمدفع السلطاني، صمّمه المجري أوربان خلال ثلاثة شهور ووصل وزن قذيفته لما يُقارب 5443.1084 كغ.
أعمال الفاتح بعد فتح القسطنطينية
فيما يأتي أبرز أعمال الفاتح بعد فتح القسطنطينية:
- أمر بالبدء ببعض أعمال البناء في القسطنطينية في 2 حزيران عام 1453م.
- نقل العديد من السكّان إلى العاصمة الجديدة القسطنطينية لإعادة الحياة إليها من جديد.
- بنى 10 مساجد اكتمل بناؤها عام 1459م، وخصّص جزء من هذه المساجد لتكون مكتبات تحتوي على الكثير من الكتب الإسلامية.
- بنى المدارس، والمستشفيات، والمطاعم لإعالة الفقراء وغيرهم، كما بنى الخانات، والحمامات، وآبار المياه، وقلعة الأبراج السبعة بمحاذاة بحر مرمرة، وأعاد بناء أسوار المدينة من جديد، وخصّص بعض الأماكن لصناعة السفن والأسلحة، وشيّد قصراً شرق العاصمة عام 1464م.
- قَبِلَ بعودة الروم الذين نزحوا عن القسطنطينية بسبب الحرب، كما أُطلق سراح الجنود الأسرى وكانت فديتهم العمل الجاد مع المسلمين لإعادة إعمار المدينة مجدداً.
- أعاد للأرثوذوكس حق انتخاب رئيس لهم ليهتمّ بشؤونهم، وبعدما انتُخب جناديوس قام السلطان الفاتح بالتعهد بحمايته وجعله وزيراً في دولته، وتعهد السلطان بأن ينظر في أمور الأرثوذوكس المدنية والدينية.
- قدّم الدعم للكنيسة الأرثوذوكسية ومنحها بعض الامتيازات.
- أمر بإرجاع امتيازات الجالية المسيحية وترفيعهم، وذلك اتباعاً لمبدأ التسامح الديني، ودعم ولاء النصارى له.
من هو محمد الفاتح؟
ولد السلطان محمد الفاتح في مانيسا عام 1429م، وترعرع في ظل والده السلطان مراد الثاني وتلقّى أفضل العلوم السياسية والعسكرية والثقافية على أيدي نخبة من العلماء في المجالات السابقة، أشهرهم العالم أحمد بن إسماعيل الكوراني، والشيخ آق شمس الدين الذي علّمه وثقّفه وغرس محبّة الجهاد والفتح في قلبه في صِغره، وتولّى الحُكم بعد والده عام 1451م، ويُعدّ أشهر السلاطين العثمانيين، واشتهر بلقب الفاتح لفتحه القسطنطينية.
اتّصف السلطان الفاتح بالنُّبل رغم صغر سنه، فانتقل حماسه وشغفه للفتح لجيشه الإسلامي كاملاً، وتميّز بحنكته بوضع الخطط للجيش، كما أنّه اهتم بعلوم الجغرافيا والتاريخ والعلوم العسكرية، عدا عن قدرته على التكلّم باللغات العربية، والتركية، واليونانية، والفارسية، كما اختص الفاتح في الشؤون الدولية، واختلط بالعلماء، والأدباء، والشعراء، وتوفي عام 1481م وهو يستعد لفتح روما.
فيديو عن مدينة القسطنطينية
تعرف على مدينة القسطنطينية في الفيديو.