كيفية علاج خوف الاطفال من المدرسة
مقدمة
يعاني الكثير من الآباء والأمهات من خوف أطفالهم من المدرسة وعدم رغبتهم بالذهاب إليها، خصوصاً في السنوات الأولى من الدراسة، وهنا يحتار الآباء والأمهات فيما يمكن أن يفعلوه، وقد يخطئ بعضهم في التصرف في هذا الموقف ويجعل طفله أكثر خوفاً وأكثر نفوراً من المدرسة. فلماذا يخاف بعض الأطفال من الذهاب للمدرسة وكيف يمكن حل هذه المشكلة؟ في هذا الموضوع ستجدون الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها.
الأسباب
يحتار الكثير من الآباء في البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى خوف أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة، ويرجع المختصون الأسباب عادة إلى أحد هذه العوامل:
- التنشئة الاجتماعية: تلعب التنشئة الاجتماعية دوراً كبيراً في تقبل الطفل للمدرسة أو خوفه منها، فأحياناً عندما يقوم الطفل بسلوك خطأ، فإنّ الأم تقوم بتهديده بأنّه إن لم يطع كلامها، فإنها ستجعله يذهب للمدرسة، من هنا تنشأ لدى الطفل أفكار مخيفة عن المدرسة، ويعتقد الطفل أنّ المدرسة مكان للعقاب، وقد يحصل الطفل على هذه الأفكار بطريقة غير مباشرة أحياناً كأن يسمع أحد الوالدين أو أحد إخوته يتذمر من المدرسة ومن الواجبات، لذلك على الأم والأب أن ينتبهوا لما يقولونه، ولما يقوله أبناؤهم عن المدرسة، وأن يحرصوا على جعل المدرسة مكاناً محبباً وجميلاً بالنسبة لأطفالهم عن طريق وصفهم لها.
- الإعلام: يقضي الأطفال وقتاً طويلاً أمام شاشات التلفاز وأمام الأجهزة المختلفة، وقد لا يتمكن الآباء من مراقبة كل ما تبثه هذه الوسائل، فبعض الرسوم المتحركة يمكن أن تصور المدرسة على أنها مكان غير لطيف وبه الكثير من الشجار والعنف، أو أنه مكان ملل وأن الأطفال في الرسوم المتحركة يفضلون ادعاء المرض على الذهاب إلى المدرسة، لذلك من المهم أن تراقب الأم ما يشاهده الأطفال بحكم أنّها قد تقضي وقتاً أطول في المنزل وأن تعزّز لدى الطفل حب المدرسة، وأن تقوّم ما يشاهده الطفل باستمرار.
- ظروف البيت: هناك العديد من الأشياء التي قد تحدث في البيت والتي تؤثر على مدى حب الطفل للمدرسة، فإن كان البيت مكاناً للشجار الدائم، فإنّ الطفل عادة يأبى أن يتركه، ويذهب إلى المدرسة لسببين: الأول أنّه قد يظن أن المدرسة أيضاً مكان مليء بالشجار والعنف، والثاني أنه قد يخشى أن يتشاجر والداه في غيابه، فيصاب أحدهما بضرر ما، بينما يكون هو بعيد عنهما، ناهيك عن الآثار النفسية السلبية الأخرى لشجار الوالدين أمام الأطفال. وهناك أسباب أخرى قد تجعل الذهاب إلى المدرسة أمراً مريراً بالنسبة للطفل كأن يرزق هذا الطفل بأخ صغير، فيكره أن يترك البيت، وينفرد المولود الجديد بالاهتمام من والدته بينما هو في المدرسة، لذلك احرصي على التحدث مع طفلك بصراحة وبشكل منفرد لتفهمي أسبابه واحرصي على تهدئته وشرح الأمور له.
- المواقف داخل المدرسة: من الممكن أن يكون سبب خوف طفلك من المدرسة هو ما مر به من تجارب سيئة، وقد تشمل هذه التجارب أن لا تعامل المعلمة طفلك باحترام وحنان، أو أن يتعرض طفلك للضرب من المعلمة أو من أحد الطلاب، أو أن يضيع طفلك أو أن يتأخر الوالدان في اصطحابه إلى البيت، لذا ابحث جيداً على المواقف التي تعرض لها طفلك وتأكد أن تهدأ من روعه وأن تعالج المشاكل وأن تشرح له أن هذه الأمور لن تتكرر.
- عدم التمهيد المسبق: من المهم أن يمهد الوالدان لذهاب الطفل للمدرسة قبل فترة كافية من التحاقه بها، ويجب أن يكون هذا التمهيد عن طريق إخبار الطفل عن المدرسة ووصفها كمكان جميل وآمن، ويمكن للوالدين أن يعرضا صوراً لأطفال يستمتعون بوقتهم في المدرسة، ومن المهم إظهار الجوانب التي تجذب الأطفال في المدرسة كالألعاب واللوحات الملونة وغيرها.
الحلول
لا بدّ من العلاج المبكر لمشكلة خوف الأطفال من المدرسة، ويكون ذلك بمعرفة الأسباب؛ ومن ثمّ إيجاد الحلول المناسبة لها، وهنا بعض النصائح التي يمكن للوالدين اتباعها:
- الحوار: من المهم أن يتصارح الطفل والوالدان وأن يتم الحديث عن هذه المشكلة ومناقشتها بهدوء وتأن، فهذه هي الطريقة الأمثل لمعرفة الأسباب التي أدت إلى خوف الطفل من المدرسة ورفضه الذهاب إليها، وهذه الطريقة أيضاً تعزز ثقة الطفل بنفسه حيث يجد أنّ والديه يعاملانه كشخص كبير وناضج، ومن المهم عدم إجراء هذا الحوار أمام إخوة الطفل أو أحد من أقاربه، بل يجب أن يكون على انفراد، ويجب على الوالدين بعدها اتخاذ خطوات لحل المشكلة.
- الصبر: فلا يعقل أن يصبح الطفل محباً للمدرسة بين ليلة وضحاها، بل يجب أن يأخذ الوقت الكافي، وفي هذه الفترة يجب على الوالدين أن يشجعا طفلهما وأن يعزّزا ثقته بنفسه وأن يبثوا فيه الأفكار الإيجابية عن المدرسة، ويمكن للأم أن تذهب مع طفلها إلى المدرسة، وتقضي اليوم برفقته خصوصاً إذا كان هذا أول يوم للطفل في المدرسة، فبذلك يشعر الطفل أن المدرسة مكان آمن، ويكتشف أنه لا يوجد شيء يدعو للخوف أو القلق من المدرسة.
- إذا كان سبب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة هو غيرته من المولود الجديد فيجب عندها أن يقوم الوالدان بإعطاء الطفل ما يحتاجه من انتباه وعطف ورعاية وعدم الانشغال عنه أو إهمال متطلباته، ويستحسن أن تتحدث الأم إلى طفلها، وتخبره بمقدار حبها له واهتمامها به كي لا يشعر بالغيرة من المولود الجديد وبالتالي يرفض الذهاب إلى المدرسة.
- يمكن للوالدين أن يتواصلا مع معلمة الطفل أو مع المسؤولة في المدرسة لتراقب الطفل، وتمنحه الاهتمام اللازم وتشجعه على حب المدرسة، ويمكن للمعلمة أن تمدح الطفل أمام أقرانه وزملائه، أو تجعله قائداً في الصف مما يساعد على شعوره بالأهمية والاستحقاق، فتصبح المدرسة بالنسبة إليه مكاناً يحب الذهاب إليه.
- يجب على الوالدين أن لا يتأخّرا على الطفل في المدرسة، بل من المستحسن أن يصطحبه إلى البيت مبكراً خصوصاً في بداية التحاقه بالمدرسة، أما في الأيام العادية، فيجب الالتزام بمواعيد الانصراف؛ لأنّ التأخر على الطفل يؤدي إلى خوفه ورهبته من المدرسة.
- يمكن أن ينشأ الخوف من المدرسة إذا تم نقل الطفل إلى مدرسة جديدة، لذلك يجب أن يتم التواصل مع المدرسة للتأكد من ارتياح الطفل فيها، ويجب تشجيع الطفل على تكوين صداقات جديدة في المدرسة لتشجيعه للذهاب إليها.
- يستحسن أن يتم إلحاق الطفل بروضة قبل إلحاقه بالمدرسة بحيث تكون الروضة مكاناً للعب والتعلم في ذات الوقت، فهذا يهيئ الطفل لجو المدرسة ويجعله اجتماعياً فلا يرهب المدرسة.
- يفضل أن يقرأ الوالدان في العلوم النفسية والتربوية، فهذا الأمر مهم جداً لمراحل نمو طفلهم المختلفة، فكل عمر يحتاج رعايةً خاصةً ويستلزم عنايةً من الوالدين، وسن الالتحاق بالمدرسة سن حساس جداً، وسيكون أسهل على الوالدين أن يتعاملا معه إذا كانا مطلعين على الكتب التربوية.
خاتمة
من المهم أن تتم معالجة خوف الأطفال من الذهاب إلى المدرسة مبكراً، فالعلاج المبكر يساعد على تفوق الطفل في الدراسة والإبداع في المدرسة، أما إهمال المشكلة فإنه لن يزيد إلا من كره الطفل للمدرسة مما يؤدي إلى تدهور أدائه فيها، وقتل إبداعه وثقته بنفسه، وقد يؤدي إلى فشله لاحقاً.