كيفية صلاة التسابيح
كيفيّة أداء صلاة التسابيح
عدد ركعات صلاة التسابيح أربع ركعات، إلّا أنّ هناك روايتَين في طريقة أدائها، وذلك على النحو الآتي:
- الرواية الأولى
ما رُواه ابن عبّاس في حديث الرسول -صّلى الله عليه وسلّم- لأبيه العبّاس -وقد تمّ ذِكره سابقاً-؛ وبيانه أن تُصلّى أربع ركعات مُتتالية لا يُفصَل بينها بتسليم؛ فيُصلّي المسلم أربع ركعات، يقرأ في كلٍّ منها الفاتحة ، وسورة من القرآن.
وعندما ينتهي من القراءة يُسبّح خمس عشرة تسبيحة، هي: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"، وعند الركوع يُسبّح عشر تسبيحات، وعند الرفع منه يُسبّح عشر تسبيحات، وعند كلّ سجدة يُسبّح عشر تسبيحات، وعند الرفع منها يُسبِّح عشرَ تسبيحات، فيكون مجموع ذلك خمساً وسبعين تسبيحة في كلّ ركعة، ويفعل ذلك في الركعات الأربعة.
- الرواية الثانية
عمل ابن المبارك، وقوله؛ إذ قال إن صلّاها ليلاً يُستحَبّ أن يُصلّيها ركعتَين ركعتَين، وإن صلّاها نهاراً صلّاها أربعاً، وإن شاء سلّم بينهما، والظاهر أنّ هذا الرأي جاء من حديث: (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى).
فيُصلّي المسلم أربع ركعات يبدأ فيها بالتسبيح قبل القراءة؛ فيُسبّح خمسَ عشرة تسبيحة، هي:" سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"، ثمّ يقرأ في كلّ ركعة الفاتحة، وسورة، وعند الركوع يُسبّح عشر تسبيحات، وعند الرفع منه يُسبّح عشر تسبيحات.
وعند كلّ سجدة يُسبّح عشر تسبيحات، وعند الرفع منها يُسبّح عشر تسبيحات، فيكون مجموع ذلك خمساً وسبعين تسبيحة في كلّ ركعة، ويفعل ذلك في الركعات الأربعة.
عدد التسبيحات في صلاة التسابيح
ويُشار إلى أنّ عدد التسبيحات في صلاة التسابيح يبلغ ثلاثمئة تسبيحة في الصلاة كاملة؛ ففي كلّ ركعة خمسٌ وسبعون تسبيحة، هي: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" جملة واحدة، فيكون بعد الانتهاء من الصلاة قد ذكر الله -تعالى- بثلاثمئة تسبيحة، وثلاثمئة تحميدة، وثلاثمئة تهليلة، وثلاثمئة تكبيرة.
وقد جاء عن أحد السلف أنّ من أتمّ هذا العدد ولو في العمر مرة، فإنّه يدخل في قوله -تعالى-: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ).
بالإضافة إلى أنّ المسلم إن صلّى نهاراً، فيُستحَبّ له أن يُصلّيها أربع ركعات مُتتالية، وإن صلّاها ليلاً أن يُصلّيها بتسليمتَين، فإذا صلّاها أربعَ ركعات، كلّ ركعة بتشهُّد وسلام، فإنّ ذلك يصحّ؛ إذ لا يُشترَط عدم الفصل بين تسليماتها حتى وإن طال هذا الفصل.
السور التي يستحب قراءتها في صلاة التسابيح
وجاء في معظم الطرق أنّ السورة التي تُقرأ في صلاة التسابيح بعد الفاتحة مُطلَقة؛ أي يقرأ المُصلّي ما يشاء، إلّا أنّ بعض العلماء ذكروا أنّ المُصلّي يقرأ من قصار المفصل*، وقِيل: "يقرأ من طوال المفصل"، وقال أبو محمد الحلبي: "يُستحَبّ أن يقرأ المُصلّي بعد الفاتحة في الركعة الأولى (سورة الأعلى)، وفي الركعة الثانية (سورة الزلزلة)، وفي الركعة الثالثة (سورة الكافرون)، وفي الركعة الرابعة (سورة الإخلاص).
وذكر بعض المُتأخِّرين أن يقرأ المُصلّي بعد الفاتحة في الركعة الأولى (سورة الواقعة)، وفي الركعة الثانية (سورة الملك)، وفي الركعة الثالثة (سورة الزلزلة)، وفي الركعة الرابعة (سورة الإخلاص)؛ لما في هذه السُّوَر من فضائل.
دعاء صلاة التسابيح
يُستحَبّ للمُصلّي إذا فرغ من صلاة التسابيح أن يدعو بعد التشهُّد، وقبل السلام بهذا الدعاء : "اللهمّ إنّي أسألك توفيق أهل الهدى، وأعمال أهل اليقين، ومناصحة أهل التوبة، وعزم أهل الصبر، وجِدَّ أهل الخشية، وطلب أهل الرغبة، وتعبد أهل الورع، وعرفان أهل العلم حتى أخافك، اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك، حتى أعمل بطاعتك عملا أستحق به رضاك وحتى أناصحك ب التوبة خوفا منك، وحتى أخلص لك النصيحة حياءً منك، وحتى أتوكل عليك فى الأمور، حُسن ظنٍ بك، سبحان خالق النور"، ولم يرد سوى هذا الدعاء في صلاة التسابيح، وهو ضعيف الإسناد.
وقت صلاة التسابيح
تُصلّى صلاة التسابيح في الأوقات جميعها ما عدا أوقات الكراهة؛ والأوقات التي تُكره فيها الصلاة لخّصها أهل العلم بما يأتي:
- أولاً
الوقت من بعد صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس مقدار رمح، ويقدّر ذلك بربع ساعة تقريباً بعد طلوعها، ويستثنى من ذلك من فاتته فريضة وسنة الفجر في وقتها.
- ثانياً
وقت الظهيرة عندما تكون الشّمس في كبد السّماء، أي وقت منتصف النّهار، وهو وقت لا يتعدّى ثلث السّاعة.
- ثالثاً
الوقت من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، ويستثنى من ذلك صلاة الفرائض؛ كأن يكون المسلم قد فاته أداء صلاة العصر في أوّل وقتها فيصلّيها في هذا الوقت بلا كراهة.
صلاة التسابيح
تعريف صلاة التسابيح
شرع الله -تعالى- لعباده صلاة النوافل لتوثيق صلة العبد بربّه، ولكسب المزيد من الأجر والثواب، ومن هذه الصلوات صلاة التسابيح ؛ وهي صلاة نافلة مخصوصة تحتوي على ثلاثمئة تسبيحة، وسُمِّيت بهذا الاسم؛ لكثرة التسبيح غير المعتاد في الصلوات الأخرى.
حُكم صلاة التسابيح
اختلفت آراء الفقهاء في حُكم صلاة التسابيح؛ نظراً لاختلاف مواقفهم من ثبوت صحّة الحديث الوارد بشأنها، وذلك على أقوال، هي:
- القول الأول
يرى الشافعية أنّ صلاة التسابيح من النوافل الحسنة المُستحَبّة.
- القول الثاني
يرى الحنفيّة أنّ صلاة التسابيح مُستحَبّة في كلّ وقت، باستثناء الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، ويستحبّ صلاتها ولو مرّة في العمر؛ لعظيم الثواب الوارد في فضلها.
- القول الثالث
يرى المالكيّة أنّ حديث صلاة التسابيح لم يبلغ درجة الحديث الصحيح ولا الحَسَن، وأنّ ذِكر الإمام الترمذيّ له كان من باب التنبيه على ضَعفه؛ حتى لا يعتقد الناس أنّه صحيح.
- القول الرابع
يرى الحنابلة أنّ صلاة التسابيح لم يثبت فيها حديث، وبالتالي هي غير مُستحَبّة عندهم.
وقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للعبّاس في صلاة التسابيح: (يا عمِّ ألا أصلُكَ، ألا أحبوكَ، ألا أنفعُكَ، قالَ: بلى يا رسولَ اللهِ، قالَ: يا عمِّ، صلِّ أربعَ رَكعاتٍ تقرأُ في كلِّ رَكعةٍ بفاتحةِ الكتابِ وسورةٍ، فإذا انقَضتِ القراءةُ، فقلِ: اللَّهُ أَكبرُ، والحمدُ للَّهِ، وسبحانَ اللهِ، خمسَ عشرةَ مرَّةً قبلَ أن ترْكعَ، ثمَّ ارْكع ...)،وذكر كيفية أدائها.
واختلف العلماء في صحّة حديث صلاة التسابيح على آراء، هي:
- الرأي الأول
أنّه حديث حسن ، وممّن قال بذلك ابن الصلاح.
- الرأي الثاني
أنّه حديث صحيح ، وممّن قال بذلك تاج الدين السبكي.
- الرأي الثالث
أنّه حديث ضعيف، وممّن قال بذلك النوويّ في بعض كُتبه.
حكم الجماعة في صلاة التسابيح
وصلاة التسابيح ليست من النفل الذي تُشرَع فيه الجماعة ، إلّا أنّ ما ورد في المذهب الشافعي أنّها إذا صُلِّيت جماعة لا يأثم فاعلها، وإنّما يحصل على ثواب النفل، ولا يحصل على ثواب الجماعة.
ولا تُكرَه الجماعة لها؛ لأنّه لا يوجد في المذهب الشافعيّ نفلٌ تُكرَه الجماعة له، وإذا أُقِيمت جماعة بقَصد تعليمها للعوامّ، كان هذا حَسَناً، وتُكرَه في حال كانت صلاتها جماعة تُؤدّي إلى فَهم سُنّية صلاتها جماعة.
فضل صلاة التسابيح
يتطلّب الحديث عن فضل صلاة التسابيح ذِكر الأحاديث الواردة في فضلها، وأسباب تكفيرها للذنوب ؛ "وقد تعدّدت الرّوايات في فضلها، ومن ذلك:
- قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لمَن يُصلّي صلاة التسابيح: (غفرَ اللَّهُ لَكَ ذنبَكَ أوَّلَهُ وآخرَهُ قديمَهُ وحديثَهُ خطأهُ وعمدَهُ صغيرَهُ وَكَبيرَهُ سرَّهُ وعلانيتَهُ).
- قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لمَن يُصلّي صلاة التسابيح: (فإنَّكَ لَو كنتَ أعظمَ أهْلِ الأرضِ ذنبًا غُفِرَ لَكَ بذلِكَ).
- قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لمَن يُصلّي صلاة التسابيح: (فلو كانت ذنوبُكَ مثلَ رملِ عالجٍ غفرَها اللَّهُ لَكَ)، والعالج: هو اسم لمكان الرملُ فيه كثير، أو اسم للرمل المُتراكم بعضه فوق بعض.
وتتلخّص أسباب تكفير صلاة التسابيح للذنوب في أنّها تجمع بين أجر الصلاة، و أجر الذكر والتسبيح الوارد فيها، واللذان ذُكِرا في كثير من الأحاديث النبويّة الشريفة، ومنها ما يأتي:
- ما رواه البخاريّ: فقد روى (أنَّ رَجُلًا أصابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فأتَى النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فأخْبَرَهُ فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ)،فقالَ الرَّجُلُ: يا رَسولَ اللَّهِ ألِي هذا؟ قالَ: لِجَمِيعِ أُمَّتي كُلِّهِمْ).
- ما رواه الترمذي: إذ روى في سننه: (أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مر بشجرةٍ يابسةِ الورقِ فضربها بعصاهُ فتناثر الورقُ فقال إنَّ الحمدُ للهِ وسبحانَ اللهِ ولَا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ لتساقط من ذنوبِ العبدِ كما تساقطَ ورقُ هذه الشجرةٍ).
- ما رواه مسلم: فقد روى في صحيحه أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ)، وكلّ حديث ورد في فضل هذا الذكر يُعَدّ دليلاً على فَضلها.