كيفية أداء صلاة عيد الفطر
كيفيّة أداء صلاة عيد الفِطْر
تُصلّى صلاة العيد مَثنى؛ أي ركعتَين تليهما خُطبةٌ كخُطبة الجمعة ؛ فهي سُنّةٌ مأثورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، حيث يُوضّح الإمامُ للمسلمين أحكام العيد، ويُرغّبهم بسننه وآدابه، وقد فصّل العلماء في بيان كيفيّة صلاة عيد الفِطْر، وبيان تفصيل كلّ مذهبٍ فيما يأتي:
صلاة العيد عند المذهب الشافعي
قالوا بأنّ صلاة العيد كغيرها من النوافل؛ وتُؤدّى ركعتَين، وفيما يأتي شرح كيفية صلاة العيد:
- يُندَب للمُصلّي أن يُكبّر سبع تكبيراتٍ بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح، ويُشترَط أن تكون تلك التكبيرات قبل الاستعاذة والقراءة، ويرفع يدَيه في كلّ تكبيرةٍ.
- يُسَنّ له أن يفصل بين كلّ تكبيرتَين بمقدار آيةٍ مُعتدلةٍ، وأن يضع يدَيه تحت الصدر بين كلّ تكبيرتَين، وأن يقول سرّاً: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر"، وفي الركعة الثانية يزيد خمس تكبيراتٍ على تكبيرة القيام، ويفعل كما فَعل في الركعة الأولى.
- تجدر الإشارة إلى أنّ التكبيرات الزائدة سُنّةً؛ فلو نَسِيها، أو تركها، فإنّه لا يسجد للسَّهو، وإن وقع لديه شكٌّ في العدد، فإنّه يبني على الأقلّ، ويُسَنّ الجهر في التكبير للإمام والمُصلّين.
- يُسَنّ للإمام والمُنفرد الجهر في القراءة، أمّا إن تابع المأموم الإمام في صلاته، ودخل معه في الركعة الثانية، فإنّه يُتابعه في عدد التكبيرات إلّا إن زادت عن خمسٍ، ويُكبّر خمس تكبيراتٍ أيضاً في الركعة التي يُؤدّيها وحده بعد سلام الإمام، ويترك المأموم التكبيرات الزوائد إن لم يفعلها الإمام، ويقتدي بإمامه أيضاً إن كبّر أقلّ من سبع تكبيرات، أو خمس.
- تُسَنّ قراءة سورة ق، أو سورة الأعلى، أو سورة الكافرون في الركعة الأولى بعد الفاتحة، وقراءة سورة الإخلاص، أو سورة القمر في الركعة الثانية.
صلاة العيد عند المذهب الحنفي
- ينوي المُصلّي صلاة العيد بِقلبه، فيقول: "نويت أن أصلّي صلاة العيد"، وينوي متابعة الإمام إن أراد الاقتداء به، ويُكبّر.
- يبدأ بالثناء على الله -سبحانه-، ويُكبّر التكبيرات الزائدة على تكبيرة الإحرام، وتبلغ ثلاث تكبيراتٍ دون تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع.
- يسكت بين كلّ تكبيرةٍ وأخرى بمقدار ثلاث تكبيراتٍ، ويُردّد: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر"، ويُسَنّ رَفع اليدَين عند كلّ تكبيرةٍ؛ سواء للإمام، أو المُقتدي، أو المنفرد.
- يقرأ سورة الفاتحة وسورةً بعدها، ويُسَنّ أن تكون سورة الأعلى، أمّا الركعة الثانية، فتبدأ بالبسملة، وسورة الفاتحة، وسورة أخرى، ويُندَب أن تكون سورة الغاشية، وبعد القراءة يُكبّر ثلاث تكبيراتٍ دون تكبيرة الركوع، ويُكمل صلاته.
صلاة العيد عند المذهب المالكي
- اعتبروا صلاة العيديَن كصلاة النوافل إلّا أنّ المُصلّي يأتي بستّ تكبيراتٍ قبل القراءة وبعد تكبيرة الإحرام، وبخمس تكبيراتٍ بعد تكبيرة القيام في الركعة الثانية، ويُكرَه رَفْع اليدَين حين التكبير إلّا تكبيرة الإحرام؛ إذ يُندَب رَفْع اليدين فيها.
- يُندَب تقديم التكبير على القراءة، ولا حَرج في تأخيره إلى ما بعد القراءة، ولا تصحّ مُتابعة الإمام إن كان يزيد أو ينقص في عدد التكبيرات، أو يُؤخّرها إلى ما بعد القراءة، وتُندَب لغير الإمام المُوالاة في التكبيرات مع عدم ترديد أيّ شيءٍ بينها.
- يُندب للمُصلّي قراءة سورة الأعلى، أو نحوها في الركعة الأولى بعد الفاتحة، وقراءة سورة الشمس، أو نحوها في الركعة الثانية، مع ندب الجَهْر بالقراءة.
- تجدر الإشارة إلى أنّ كلّ تكبيرةٍ زائدةٍ سُنّة مُؤكدةٌ؛ فإن نَسِيَ منها المُصلّي شيئاً وتذكّرها قبل الركوع، فإنّه يأتي بها، أمّا إن كان منفرداً، فإنّ إعادة القراءة تُندَب له، ويسجد سهواً بعد السلام ، ولا يأتي بشيءٍ إن تذكّر ما نسيَه بعد الركوع، ويسجد للسّهو قبل السلام، أمّا إن نَسي تكبيرة واحدة، فلا يسجد للسّهو لها.
- إن اقتدى المُصلّي بإمامٍ وهو يُكبّر، فإنّه يُكبّر معه؛ سواء في الركعة الأولى، أو الثانية، إلّا إن أتى بما فاته من الركعات بعد تسليم الإمام، فإنّه يأتي بركعةٍ يُكبّر فيها ستّ تكبيراتٍ دون تكبيرة القيام، كما أنّه يقضي ما فاته إن أدرك أقلّ من ركعةٍ، ويأتي بستّ تكبيراتٍ.
صلاة العيد عند المذهب الحنبلي
- ينوي المُصلّي صلاة العيد ركعتَين، ثمّ تُندَب له قراءة دعاء الاستفتاح ، والتكبير ستّ مرّاتٍ مع رَفْع اليدَين، والترديد بين التكبيرات: "الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بُكرةً وأصيلاً، وصلّى الله على النبيّ وآله وسلّم تسليماً"، أو ترديد أي ذِكْرٍ آخر.
- يتعوّذ، ويُبسمل، ويقرأ سورة الفاتحة، وسورة الأعلى، أمّا في الركعة الثانية، فإنّه يُكبّر فيها خمس تكبيراتٍ بعد تكبيرة القيام، ويفعل ما فَعله في الركعة الأولى، ويتعوّذ بالله بعد التكبيرة الأخيرة، وتُسَنّ البسملة.
- يقرأ سورة الفاتحة وسورة الغاشية في الركعة الثانية، ولا يُعيد المأموم التكبيرات إن أدرك إمامه بعد أدائه إيّاها، كما لا يأتي المُصلّي بالتكبيرات الزائدة إن نَسِيها كلّها، أو بعضها؛ لأنّها سُنّةٌ قد فات مَحلّها.
للمزيد من التفاصيل عن صلاة عيد الفطر الاطّلاع على المقالات الآتية:
- (( كم عدد التكبيرات في صلاة العيد )).
- (( كيف تقضي صلاة العيد )).
وقت ومكان صلاة عيد الفِطْر
وقت صلاة عيد الفِطْر
متى تكون صلاة عيد الفطر؟
بيّن العلماء أنّ وقت صلاة العيد يبدأ من بعد طلوع الشمس بمقدار رمحٍ* (أي زوال الشمس بمقدار رُمح: يُراد بذلك انقضاء رُبع ساعةٍ تقريباً بعد طلوع الشمس) إلى وقت زوال الشمس؛ أي وقت الضحى؛ إذ نُهِي عن الصلاة وقت طلوع الشمس، كما تُكرَه أيضاً بعد طلوعها إلى أن تطلع بمقدار رُمحٍ، ويُسَنّ تأخير صلاة عيد الفِطْر؛ حتى يتمكّن المسلمون من إخراج زكاة الفِطْر .
مكان صلاة عيد الفِطْر
يُسَنّ أداء صلاة العيد في مُصلّى؛ لِما ورد من فِعل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إن لم يكن هناك أيّ عُذرٍ يمنع من ذلك، أمّا إن وُجِد عذرٌ، كالمطر، أو الرِّياح، فلا حرج بأن تُؤدّى في المسجد، وإن وُجِد مَن لا يستطيع الخروج إلى المُصلّى؛ لضعف أو عجز، استخلف الإمام في مسجد البلد من يُصلّي بهم؛ لِما ورد من فِعل عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
وقد قال ابن قدامة -رحمه الله- في ذلك: "السنّة أن يُصلى العيد في المصلّى؛ لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يخرج إلى المصلّى ويدع مسجده، وكذلك الخلفاء من بعده، ولأنّ هذا إجماع المسلمين، فإنّ الناس في كلّ عصرٍ ومصرٍ يخرجون إلى المصلّى فيصلّون العيد"، وقال ابن القيّم أيضاً: "كان -صلّى الله عليه وسلّم- يصلّي العيديَن في المصلّى، وهَدْيه كان فعلهما في المصلّى دائماً".
حُكم صلاة عيد الفِطْر
تعدّدت أقوال أئمة الفقه في حكم صلاة العيد، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي:
- القول الأوّل: قال الشافعيّة، والمالكيّة بأنّ صلاة العيد سُنّةٌ مُؤكّدةٌ؛ استدلالاً بِما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من قَوْله لأعرابيٍّ سأله عمّا افترضَه الله -سبحانه- عليه: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ. فَقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ)، واستدلّوا أيضاً بمُداوَمة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عليها.
- القول الثاني: قال الحنفيّة بأنّ صلاة العيد واجبة؛ وقد استدلّوا بأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- داومَ عليها، ولم يتركها ولو مرّة واحدة، ولأنّها تُصلّى جماعةً؛ فلو كانت سُنّةً لَمَا أُدِّيت جماعةً، أو جاء فيها استثناء كصلاة التراويح.
- القول الثالث: قال الحنابلة بأنّ صلاة العيد فرضٌ على الكفاية؛ استدلالاً بِقَوْل الله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وبعدم ترك النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لها.
للمزيد من التفاصيل عن حكم صلاة عيد الفطر الاطّلاع على مقالة: (( حكم صلاة العيد )).
حكمة مشروعيّة صلاة عيد الفِطْر
يُؤدّي المسلمون صلاة عيد الفِطْر بعد أن مَنّ الله عليهم بإتمام صيام شهر رمضان؛ شُكراً له، على ما أنعم به عليهم من النِّعم التي لا تُحصى، كصحّة أبدانهم، وأداء العبادات التي شَرعها؛ من صدقة، وتكبير، وصلاة، وقيام، وصيام، وغيرها.
مكانة عيد الفِطْر في نفوس المسلمين
يضرب عيد الفطر أرقى المعاني للأمّة الإسلاميّة؛ إذ يظهر فيه التكافل الاجتماعيّ بين المسلمين، والوحدة فيما بينهم، وتسمو رُوح الجِوار؛ ليصبحوا وكأنّهم أهل بيتٍ واحدٍ يغمرهم الإخاء، وتظهر بشكلٍ واضحٍ قيمة الإخلاص، ويتبادلون التهاني فيما بينهم.
والعيد يوم فرحٍ وسرورٍ وتجمُّلٍ، ويحرص المسلمون فيه على إطعام الفقراء، وسَدّ حاجاتهم، فلا يشعرون بالنقص، كما أنّ العيد يحرص على صِلة الرَّحِم، والأصدقاء، فتتصافى النفوس المُتشاحنة، وتثبت على طاعة الله -تعالى-، والسَّعي في سبيل نَيْل رضاه ومَحبّته؛ فكما أنّ العبد استقبل العيد بالطاعة، فإنّه يجدر به العَزم وعَقْد الإرادة على الثبات والاستمرار عليها.
للمزيد من التفاصيل عن عيد الفطر الاطّلاع على المقالات الآتية:
- (( أحكام عيد الفطر )).
- (( سنن عيد الفطر )).