كيف يتوب الإنسان إلى الله
طريق التوبة إلى الله
لقد بينت الشريعة الإسلامية طريق التوبة إلى الله -تعالى- من أنواع الذنوب والمعاصي، وحددت ملامح هذا الطريق بعدد من الشروط التي تجل التوبة صحيحة مقبولة -بإذن الله-؛ ومن ذلك ما يأتي:
- يجب على الإنسان أولاً أن يُقرّ بذنبه
أو بذنوبه التي ارتكبها، فهذا الإقرار دليل منه على نية الخضوع لله -تعالى-، ودليل أيضاً على صدق عزمه بالمضي قدماً في طريق الخير والصلاح، والإقرار بالذنب يجب أن يتبع مباشرة بإقلاع تام عن الذنب؛ مع العزم على عدم العودة إليه.
- الندم على الذنب والعزم على عدم الرجوع إليه
فالندم من أهم الأمور التي تجعل القلب يخضع لله -تعالى-، ويطمئن، فهذا الندم يعني أن الإنسان بات يكره الذنب، ويتقزز منه.
- إذا كانت ذنوب الإنسان مرتبطة بحقوق الآخرين
ومظالمهم، فيجب عليه أن يعيد كل الحقوق التي أكلها بالباطل إلى الآخرين؛ كمن يأكلون ميراث أخواتهم، أو يحرمون بناتهم من الميراث؛ فهذه التصرفات وغيرها بما تتضمنه من ظلم للآخرين.
ويمكن لأي إنسان أن يقلع عنها بالاستغفار والتوبة، وأن يعيد كل ما أخذه من الآخرين إليهم؛ فإعادة الحقوق واجبة على كل من لا يزال على قيد الحياة، ولو لم يُعد هذه الحقوق لاقاه أصحابها بين يدي الله -تعالى- في يوم الحساب.
الله الغفور
قال -تعالى- في كتابه الحكيم: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، فَيَغْفِرُ لهمْ)، هذه النصوص جميعها تثبت أن المولى -سبحانه- كريم، غفور رحيم.
يتفضل على عبادته المسرفين المكثرين من الذنوب؛ الذين يقبلون عليه بالتوبة والاستغفار؛ فهو من سمى نفسه غفوراً، وهو من سمى نفسه رحيماً؛ وكل إنسان يقع في شيء من الخطأ، وشيء من الذنوب، فمن أقبل على المولى واستغفر كان حقاً على الله -جل وعلا- أن يغفر له.
التوبة
إنّ الإنسان بحاجة إلى تجديد التوبة باستمرار؛ فالتوبة إعلان من العبد لربه بأنه أنهى حقبة أو فترة طالت أو قصرت من المعاصي، وأنه عاد إلى ربّه عز وجل وخضع إليه بعد أن انحرف عن الصراط المستقيم.
للتوبة خطوات معيّنة يجب على الإنسان أن يمر بها حتى يكتب عند الله -تعالى- تائباً، ولنتذكّر أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأنّ الله -تعالى- رحمته وسعت كل شيء، وأنه بجلاله ورحمته، وعظمته هو رب العالمين.
توبة آدم عليه السلام
من الجدير بالذكر أن نبي الله -تعالى- آدم -عليه السلام- أبو البشرية جمعاء؛ قد وضعه الله في اختبار عظيم؛ عندما أمره بالابتعاد عن شجرة محددة في الجنة، وأباح له الأكل من باقي الثمرات والأنعام، حتى وسوس إليه الشيطان فأغواه.
وكان سبباً بخروجه من الجنة؛ ونزوله إلى الأرض، فما كان منه إلا أن استغفر ربه وتاب، وتقبله الله -تعالى-، وسخر له كل ما في الأرض، وهيأ له العيش فيها، قال -تعالى-: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).