كيف نصنع السعادة

كيف نصنع السعادة

السعادة

السّعادة هي طريقٌ مليءٌ بالورود ونهايته عبقة بأزكى وأجمل العطور وأرقاها تجعلُ الإنسان يسمو ليحلِّق بأحاسيسه ومشاعره لعالمٍ لا يعتقد أنّهُ سبقه إليه سواه، إحساسٌ لا يعلوه أيِّ نوعٍ من المشاعر والأحاسيس مهما كانت قوّتها، السّعادة هي حلم كلّ شخصٍ وغاية الإنسان وضالته التي طالما يبحث عنها منذ بداية طريقه في الحياة ويعتقد أحياناً ولو للحظات أنّه وصل إليها ولكن هيهات ، وسرعان ما يكتشف بأنّه ما زال يفقدها وما زال يستمر بالبحث بتعبٍ وعناءٍ، وقد يراودهُ في لحظاتٍ شعورٍ ببعض من اليأس والإحباط وسرعان ما يتسلل بريق الأمل المغلّف بالسّعادة إلى قلبه ليحاول البحث من جديد وبعزيمةٍ أقوى من قبل والتّفاؤل يسنده لعبور عقبات الحياة.

ربّما يراود الكثير بعد هذه الكلمات قوله تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) أيّ في تعبٍ وشقاء، وهنا قسمٌ من الله وفي المقابل هنالك الكثير من الآيات التي تحثُ على التفاؤل والصّبر والأمل وحسن الظّن بالله وتقريب الفرج والشّعور بالسّعادة.

يُعتبر الشّعور بالسّعادة أمراً نسبياً من شخصٍ لآخر؛ فهنالك من يجد سعادته عند الحصول على الوظيفة التي يتمناها، وآخر يجدها بتحقيق منصبٍ ما، وآخر بالوصول لدرجةٍ علميةٍ معينة، أو بقضاء مبلغٍ كبيرٍ من الدين، أو بالزّواج ورزق الأطفال، وعند بلوغ ما نتمناه نعتقد أننا وصلنا للسّعادة الحقيقية ومن ثمّ تُفاجئنا العقبات ويتسلّل الإحباط إلى أنفُسنا وفي أعماقنا بصيص أملٍ يُخبرنا بأنّه ربّما ستكون الأمور أفضل عند التّقدم في مراحل الحياة وتخطّي المزيد ونعتقد أنّ المرحلة القادمة من حياتنا ستكون الأفضل فور انتهاء المرحلة الأولى ويعاودنا الإحباط من جديد، ونقوم بالتّخطيط للمستقبل ورسم حدود سعادتنا والسّعي لتفيذ مطالبنا في الحياة لتحقيق ما نريد.

ربّما يقول البعض بأنّ غاية السّعادة هي الحصول على منزلٍ جديد، أو سيارةٍ فاخرة، أو امتلاك مبلغٍ من المال، أو السّفر حول العالم، ونتفاجأ بكلّ مرحلةٍ بأنّ حياتنا مملوءة بالصعاب والتّحديات الدّامية المغلّفة بالأشواك، وقد ينالنا منها ما يجرحنا لنتحلّى بالقوة ونعاود من جديد وبإصرارٍ أكبر من قبل، فالسؤال كان كيف نشعر بالسّعادة ونصل إليها ونصنع طريق الوصول إليها رغم هذه التّحديات.

كيف نصنع السّعادة؟

توجد حقيقة واحدة ربّما لا يدركها الكثيرون ويغفل عنها آخرون وهي أنّ السّعادة عبارة عن لحظاتٍ وقتيةٍ نحياها ضمن صعوبات الحياة وتحدياتها فلماذا لا نجعل من تلك اللحظات سعادة مطلقة تتغلب على كل ما يواجهنا من صعوبات؟ والحقيقة بأنّه لا توجد لحظات للشعور بالسّعادة والإحساس بها أفضل من الوقت الحاضر الذي نعيشه، وهل هنالك زمان ومكان أفضل من الوقت الحالي وإنّ كان متى؟

وهنا سنضرب بعضاً من الأمثلة: رائحة الورد تجلب السّعادة وقطفها قد يسبّب ألماً لما تحمله من أشواك، فلمَ لا نستمتع برائحتها متحدين تلك الأشواك؟ الأطفال زينة الحياة الدنيا ومن منّا لا يرغب بالاستقرار والزواج واستقبال المولود الذي سيُزين حياتنا؟ فتواجهنا الصعوبات ونتخيل بأنّ الطفل ما زال صغيراً ومع تقدّمه في العمر سيكون الأمر أفضل ونتفاجأ بمرحلة المراهقة ونخبر أنفسنا بأنّ المرحلة القادمة أفضل بعد تخطّي هذا السّن وهكذا... ويستمر العناء، إذن لا بدّ أن نحيا بسعادةٍ مهما كانت صعوبات الحياة، وأن نستشعرها بداخلنا وأرواحنا كي يكون لها أكبر الأثر على حياتنا، دائماً نعتقد بأنّه لم يتبقّ سوى لحظاتٍ لبدء حياةٍ حقيقيةٍ ملؤها السّعادة ولكن هنالك عقبات، ومحطات، وصعوبات علينا تخطّيها كي نبقى نشعر بسعادةٍ وكي تبدأ الحياة من جديد وتزرع الأمل في قلوبنا.

جميع هذه الأمور هي الحياة التي نحياها بكل تفاصيلها بحلوها ومرّها، بإشراقتها وظلامها، فلا يوجد طريق معبّد مفروش بالورود مزيناً بالأكاليل نعبره لنصل للسّعادة، لا طريق أبداً، تكمن السّعادة في طريقنا الذي نمشيه في كلّ مراحل حياتنا، فلماذا لا نسعد بكلّ اللحظات؟ لماذا نعلّق سعادتنا على مطالب معيّنة وشروط مقيدة؟ فالبعض ينتظرون العمل ليكونوا سعداء وآخرون ينتظرون الرّبيع أو الصّيف.

وهناك بعض الأشخاص تقترن سعادتهم مع هطول الأمطار وحلول فصل الشّتاء، وآخرون يقيّدون سعادتهم بالشّفاء من مرضٍ مزمن، لماذا لا نبحث عن السّعادة والجانب المضيء في كلّ لحظة من لحظات الحياة؟ فقد يكون لسقوط الدمعة وقعٌ مؤلم وغصّة تُسبّب الحرقان في القلب والروح والوجدان معاً، و لكن بسقوطها ترتاح النّفس وتهدأ وتسكن وتتحلّى بالقوة.

كثيرٌ من الشعراء أبدعوا في تصوير الدّمع ورؤوا الجانب الجمالي في الصّورة وشبهوه بأجمل التّشبيهات الفنيّة الرّائعة وألفوا الكثير من العبارات عن السعادة ، لماذا لا نأخذ الوجه المشرق دائماً ونتتخطّى الظّلام؟

قد يكون أكثر الناس شهرةً وتألقاً ونجوميةً هم الحاصلون على آلاف الجوائز والميداليات، وأغنياء العالم، وملكات جمال العالم، وهم أكثر الناس تعاسةً فقد حصلوا على ما يريدون، وتمرُّ السّنين وتبهت ذكراهم في عقول الناس، ومع مرور الوقت لن يبقى أحد يتذكّر، تضمحل الذكرى وتختفي وتُرمى في غيابات النّسيان وربما المجهول، والتّهليل يموت، والمال يُفنى، والجوائز تحجز مكانها برفوفٍ لا حياة فيها وتغير ملامحها الغبار، فماذا يبقى من سعادتهم...؟ لا شيء سوى لحظات سعادةٍ كانت محطةً من محطات حياتهم وانتهت، وما زال البحثُ يستمر.

ولكن إن وقفنا وقفةً مع أنفسنا لنسترجع ذكرياتٍ مرّت ومضت وتأملنا في حياتنا بأكملها لنتذكّر كم من شخصٍ ساعدنا في حياتنا؟ ومن كان له الأثر الأكبر؟ من الشخص الذي أعطانا من روحه قبل أنّ تُمدَّ يده؟ من الذي أعطانا دون حسابٍ ودون مقابل؟ من له يعود أكبر الفضل في حياتنا، نجاحنا، تحصيلنا العلمي، عملنا، في مختلف مراحل العمر ومحطات الحياة؟ سنتذكرهم على الفور دون إجهاد الذّاكرة ومحاولة استرجاع شريط الحياة، على الرّغم من أنّهم أشخاصٌ عاديون جداً وليسوا من المشاهير ولا من أغنياء العالم، ببساطة كان لهم الأثر الذي لا يُمحى يوماً وبصمة في كتاب حياتنا تُلازم كل الأوراق وصدى رنانٍ له أثرٌ في إسعادنا، وهي لحظات سعادة وإن مضت فهي حاضرةٌ في وجداننا وتشعرنا بالسّعادة الحقيقية والسّبب الأهم وراء ذلك هو بأنّ الحياة قصيرة وفانية لا محال، والحياةُ هي ليست الفوز بمحطة من مراحل الحياة وحسب، الحياة أكبر من ذلك بكثير وأكبر من تحقيق النّجاح لأنفسنا.

ربّما مساعدة الآخرين وتغيير محطة حياتنا بأكملها لمسارٍ آخر من أجل مساعدة شخصٍ ما ومساندته تجلب الرّضا والسّعادة الداخلية، طريقنا نحو الحياة هو السّعادة بذاتها فكثيرٌ من الشموع تمّت إذابتها لإيقاد شموعٍ أخرى لتستمر الحياة ويبقى الأمل، ونستشعر معنى السّعادة الحقيقية في أنفسنا وفي من حولنا.

ملخّص عن السعادة

السّعادة في الرّضا، السّعادة في القناعة، السّعادة في الحب، السّعادة في الاستغفار، السّعادة في العمل، السعادة في العبادة، السّعادة في الصّحة، السّعادة في الزّواج، السّعادة في مساعدة الآخرين، السّعادة في ضمّ طفلٍ صغيرٍ لأحضان أمّه، السّعادة بدوام صحّة الوالدين ودعمهما لنا، السّعادة في الارتماء بأحضان الأم لنرتاح من عبأ السّنين، السّعادة في قضاء وقت ٍجميلٍ مع من نحب، السّعادة في رسم الابتسامة على وجه الآخرين، السّعادة في مساعدة شخصٍ بعلاجٍ يتطلّب تكاليف باهظة، جميعها ألوان من ألوان السّعادة تنعكس أطيافها بأكثر من لونٍ ومحطات من محطات العمر ترسم لنا طريق سعادتنا في هذه الحياة، ونحن نحدّد مساره وما علينا تخطّي جميع الحواجز لنستشعر السّعادة في كلّ وقتٍ وفي كلّ حين.

مزيد من المشاركات
بحث عن لقمان الحكيم

بحث عن لقمان الحكيم

التعريف بلقمان الحكيم  لقمان رجلٌ صالحٌ ذُكِر في القرآن الكريم، وإليكم التعريف به فيما يأتي: اسمه ونسبه ذكر ابن إسحاق أنّ لقمان الحكيم يُنسب إلى آزر والد سيدنا إبراهيم -عليه السلام-؛ وهو لقمان بن باعوراء بن ناحور بن تارح، وقيل إنّه لقمان بن عنقاء بن سرون، وقيل بإنَّه كان ابن أخت نبيِّ الله أيوب -عليه السلام-، وذكر آخرون بأنّه ابن خالته، وهو من نوبا السودان، وقيل هو من الذين أدركوا نبيَّ الله داود -عليه السلام-، وتلّقى العلم على يديه، وكان قاضياً في بني إسرائيل. صفاته ومناقبه كان لقمان الحكيم
تعريف الهاتف

تعريف الهاتف

تعريف الهاتف يُعرف الهاتف (بالإنجليزية: Telephone) بأنه عبارة عن أداة تمّ اختراعها لتقوم بإرسال واستقبال الصوت في نفس الوقت، وهو الأمر الذي لا يستطيع المرء تحصيله باستخدام أية وسيلة أُخرى، ويُمكن استخدام خدمة الهاتف بطريقة سهلة وغير مُكلفة، ويعود أصل هذه الكلمة إلى أصول يونانية، وهي تُشير إلى الصوت البعيد، فالجزء (Tele) يشير إلى البُعد، في حين يُشير الجزء (Phone) إلى معنى الصوت، وقد أصبح جهاز الهاتف في الوقت الحالي الأكثر استخداماً؛ إذ يوجد عدد هائل من هذه الأجهزة يصل إلى مليارات الهواتف.
شرح قصيدة بركة المتوكل

شرح قصيدة بركة المتوكل

شرح أبيات قصيدة بركة المتوكل قصيدة بركة المتوكل؛ قصيدة من تأليف الشاعر البحتري أحد أبرز شعراء العصر العباسي ، قال القصيدة الآتية يصف بركة المتوكّل، ولم يُذكر زمان قول القصيدة، ولكنّه قالها في زمان المتوكل الذي حكم بين عامي (232هـ و247هـ)، وقد نظمها على البحر البسيط، وتُسمّى القصيدة في بعض الكتب "البركة الحسناء"، ويبلغ عدد أبياتها أربعين بيتًا، وشرحها فيما يأتي: المقطع الأول يا مَن رَأى البِركَةَ الحَسناءَ رُؤيَتَها وَالآنِساتِ إِذا لاحَت مَغانيها بِحَسبِها أَنَّها مِن فَضلِ رُتبَتِها تُعَدُّ
وقت ظهور الحمل

وقت ظهور الحمل

وقت ظهور الحمل بالتحليل المنزلي إنّ أفضل وقت لإجراء اختبار الحمل المنزلي للكشف عن وجود الحمل هو بعد غياب الدورة الشهرية عن موعدها المتوقّع بيوم على الأقل، وإنّ تأخير إجراء التحليل المنزلي يُعطي نتائج أكثر دقّة ويقلل فرصة الحصول على نتائج خاطئة، ومن الجدير بالذكر أنّ العديد من اختبارات الحمل المنزليّة يمكن أن تُعطي نتائج دقيقة عن الحم ل في وقت مبكّر؛ أي حتى قبل غياب الدورة الشهرية، إلا أنّه يُفضل تأجيله حتى اليوم الأول بعد غياب الدورة الشهرية عن الموعد المتوقع. ما هي آلية عمل اختبار الحمل
طريقة خلط صبغة الشعر

طريقة خلط صبغة الشعر

صبغة الشعر يُعد الشعر أساس جمال المرأة وزينتها؛ لذلك يجب الاهتمام به بشكلٍ مستمرٍ وفي مُختلف الأوقات من خلال تغيير تسريحته، وقصّته، وتلوينه باستخدام الصبغاتِ التي تُناسِبُ لون الشعر والبشرة إضافةً إلى لون العينين. هناك العديد من ألوان الصبغات التي تَستعملها المرأة لإبراز جمالها، أو لتغطية شعرها الأبيض، أو لِاتّباع آخر صيحات الموضة. من الأمور المهمّة التي يجب على كلّ من ترغب بصبغ شعرها في المنزل الإلمام بها هي طُرُق مزجِ وخَلطِ الصبغات؛ فهذه من الأمور الأساسية التي لا بد من معرفتها؛ لتتمكن
شرح لفظ الجلالة الله

شرح لفظ الجلالة الله

لفظ الجلالة الله ذهبَ بعضُ أئمةِ اللغة كالخليل، والشافعيّ، وسيبويه، ونحوهم إلى أنّ اسمَ الجلالة الله غيرُ مشتقٍّ، كون الألف واللام لازمتين فيه، إذ إنّ إدخال حرفِ النداءِ على كلٍّ من اللام والنون لا يكون جائزاً لو لم يكونا من أصل الكلمة، وقد ذهب آخرون إلى أنّه اسم مشتقّ من أله، ومنها يَألَه إِلهَةً، حيثُ حُذِفت الهمزةُ من أصل الاسم، وهو الإله، وقد أُدغِمَت اللامُ الأولى في اللام الثانية، من باب الوجوب، أمّا معناه فهو صاحبُ الألوهية المنفردة له وحدَه، والمألوه هو المعبود ، وقيل اللهُ هو الاسم
بحث حول الإشهار

بحث حول الإشهار

الإشهار يُعرَف الإشهار (بالإنجليزيّة: Publicity) بأنّه نوع من أنواع الإعلان ، والذي يعتمد على تأثير الوسائل الإعلاميّة بهدف التّرويج لمَبيعات مُعيّنة، سواءً أكانت بيع سلع أو تقديم خدمات. كما يعرف الإشهار بأنّه توفير معلومات حول شيء ما عن طريق استخدام الدّعاية في الإعلان عنه، وقد يكون هذا الشّيء مُنتجاً، أو فكرةً تجاريّةً، أو شخصاً، أو شركةً . ومن التّعريفات الأُخرى للإشهار أنّه الوسيلة التي تهدف إلى التّواصل مع الجمهور عن طريق تزويدهم بمجموعة من الأفكار حول موضوع مُعيّن، ممّا يُساهم في بناء
التخلص من الخوف والخجل

التخلص من الخوف والخجل

الخوف والخجل يُعتبر الخوف من الصفات المتواجدة في كل إنسان، فهنالك من يخاف من الأماكن العالية أو الحيوانات أو المرض وغيرها من الأمور المتعددة، ولكن المشكلة تُعد ذات خطورة وبحاجة إلى حل إن كان الخوف اجتماعياً، والذي يعني أن يخاف الفرد من مواجهة مجتمعه ويخاف من طرح آرائه وتقديمها أمام الملأ، لذلك لا بد من التخلص من ذلك الخوف بطرق سهلة وبسيطة تتناسب مع الفرد. أما بالنسبة للخجل فهو أيضاً من الصفات السلبية التي يُعاني منها الكثير من الأشخاص، وغالباً ما يترافق الخجل مع الخوف، وإن تُركا من غير علاج قد