كيف كان يمشي الرسول
كيف كانت مشية الرسول
كيف كانت مشية الرسول منفردا
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أحسن الناس مشيةً، فقد كان يمشي بتواضعٍ ووقارٍ وتأنّي، وهي المشية التي وصفها الله -تعالى- بقوله: (وَعِبَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)، إلّا أنّ ذلك لا يعني الكسل والخمول والضعف في المشية، فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعيدٌ عن ذلك، فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: (أنَّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان إذا مَشى؛ مَشى مُجتمِعًا ليس فيه كسَل).
وكانت مشيته -صلّى الله عليه وسلّم- مُفعَمَةً بالنّشاط والحركة والسرعة، وهناك العديد من الأحاديث الدّالّة على ذلك، منها ما ثبت عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه قال: (إذا مَشى تَكفَّأَ تَكفُّؤًا، كأنَّما يَنحَطُّ مِن صَبَبٍ)، والتّكفُّؤ هو الميل إلى الأمام، وما صحّ عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان إذا مشَى تقلَّعَ)، أي أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان إذا مشى؛ يرفع رِجْلَيه عن الأرض ثمّ يُخفِضهما بحيث لا يَجرّهما ولا يَسحبهما سحباً دلالة على عدم التكبّر بالمشي، وقد ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان إذا مَشَى كأنَّهُ يَتَوَكَّأُ)، ويتوكّأ؛ أي يُسرَع في المشي من غير جريٍ أو رَكْض، ولا يتكلّم فيه، كما أن التوكّؤ يعني الاعتماد على العصا، وكونه -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُسرِع في مشيته فإنّ ذلك لا يعني الاضطراب فيها كمَن يُحرِّك كامل جسده أثناء مشيه فيُتعِب نفسه، بل كانت مشيته -صلّى الله عليه وسلّم- أعدل وأوسط المشيات، فلا تميل إلى التماوُت والتّباطؤ، ولا إلى الاضطراب والسرعة الشديدة.
كيف كانت مشية الرسول مع أصحابه
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إذا مشى مع أصحابه مشى خلفهم، وهذا شأن الراعي المسؤول عن رعيّته، وقد كان يكره المشي أمامهم كالملوك والسلاطين الذين إذا مشَوا اتّبعهم الناس ومشُوا خلفهم كالخدم، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (امشوا أمامي)، لِذا كان الصحابة -رضي الله عنهم- يمشون عن يمينه وشماله وأمامه فقط، ويعود سبب مشيته -صلّى الله عليه وسلّم- مع أصحابه على هذا النحو لِعدّة أسباب منها: كمال تواضعه -صلّى الله عليه وسلّم- لله -تعالى-، أو لِأنّ الملائكة تمشي خلفه لِقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (خَلُّوا ظَهري للملائكةِ)، أو لِيتمكّن -صلّى الله عليه وسلّم- من الاطّلاع على أحوال أصحابه وحركاتهم؛ فيُعلِّم ويُربّي ويُؤدِّب ويُعاتب وفق أحكام الشريعة وتعاليمها.
آداب المشي
هناك العديد من الآداب التي حثّ الإسلام عليها أثناء المشي، منها ما يأتي:
- طَرْح السلام وإلقاؤه على جميع الناس، لِما ثبت عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّه قال: (أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الإسْلَامِ خَيْرٌ؟ قالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وتَقْرَأُ السَّلَامَ علَى مَن عَرَفْتَ ومَن لَمْ تَعْرِفْ).
- تجنّب إلقاء الأوساخ والقاذورات في الطريق، لا سيما الضّارّة منها؛ كالحجارة والأشواك، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا ضَررَ ولا ضِرارَ)، والحرص على إماطتها عن الطريق، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ).
- توخّي الحذر ومُجانبة الأخطار وكل ما يُسبّب الضرر، لقوله -تعالى-: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)، والحرص على تنبيه الناس بالخطر والإشارة إليه، أو دفعه عنهم حال الاستطاعة، فذلك من صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يُعدّ أحد حقوق الطريق التي أشار إليها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بقوله: (فإذا أبَيْتُم إلَّا المجلِسَ فأعطوا الطَّريقَ حقَّه قالوا: ما حقُّ الطَّريقِ؟ قال: غضُّ البصرِ، وكفُّ الأذى، وردُّ السَّلامِ، والأمرُ بالمعروفِ، والنَّهيُ عن المنكَرِ).
- غضّ البصر وحفظه عن المُحرّمات، وذلك لقوله -تعالى-: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)، وقوله -تعالى-: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)، وقد دعا الإسلام لذلك حتى لا يكون إطلاق البصر سبباً في التعدّي على حُرُمات الآخرين أو وسيلةً وسبباً للزنا.
- التواضع واللّين في المشية، واجتناب التّكبر فيها، وذلك لقول الله -تعالى-: (وَعِبَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)، وقوله -تعالى-: (وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخرِقَ الأَرضَ وَلَن تَبلُغَ الجِبالَ طولًا).
- الاعتدال في سرعة المشي؛ بحيث لا تميل إلى التّباطؤ فيُضفي عليها ذلك نوعا من الكِبر، ولا تميل إلى السرعة الشديدة فيُخلّ ذلك بالوقار والاتّزان، وذلك لقوله -تعالى-: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ)، كما يُستحسن اختيار وجْهة للسير إليها؛ لأنّ ذلك يُضفي على المشية البساطة والعزم.
- تجنّب المشي بنعلٍ واحدة، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يمشِيَنَّ أحدُكم في نعلٍ واحدةٍ، لِيَنْعَلْهما جميعًا، أو لِيُحْفِهما جميعًا).