كيف عذب الله قوم ثمود
كيف عذب الله قوم ثمود
أرسل الله -سبحانه وتعالى- على قوم ثمود الصيحة؛ وهي صيحة جبريل -عليه السلام-، وقيل الرجفة أي الزلزلة، كما قيل إن السبب وراء ذلك جزاء من جنس فعلهم؛ فهم كما جعلوا الناقة تصيح بذبحها، وقيل ولدها، أهلكهم الله بالصيحة بعد أن كانوا في نضارة وطيب عيش، فصاروا كالشجر اليابس الذي يتخذه من يعمل الحظيرة وقاية لإبله من الريح والبرد، فتساقط على الأرض، وتكسر، وتفتت.
أو صاروا كالحشيش اليابس؛ الذي يجمعه صاحب الحظيرة لأكل ماشيته، فداست عليه، فتفتت، فصار كالغبار. وقد أُهلكوا بما أقدم عليه طاغيتهم من عقر الناقة وقد كان واحداً؛ وإنما أهلكوا جميعاً لأنهم علموا بفعله ورضوا به.
وأنجى الله الذين آمنوا بصالح -عليه السلام- من قوم ثمود، وكانوا يتقون الله بعدم معصيته، وعدم المخالفة لنبيه صالح -عليه السلام-، فهؤلاء لم يدمرهم الله ولم يهلكهم، بل أورثهم الأرض التي كانت لهؤلاء الكافرين، وجعلهم سادة الأرض وملوكها وقادتها والمحكمين فيها، وهي سنة الله جل جلاله في المؤمنين مع الكافرين.
ما سبب عذاب قوم ثمود
كذبت قبيلة ثمود قوم صالح برسل الله -عليهم السلام-؛ وذلك بتكذيبهم لرسولهم، وهو صالح -عليه السلام-، ومن كذب واحداً من الأنبياء فقد كذب سائرهم؛ لاتفاقهم في الدعوة، ووحدة الشرائع، وقد بين الله -تعالى- مظاهر تكذيبهم؛ وفيما يأتي بيانها:
- قولهم: كيف نتّبع بشرا من جنسنا، منفرداً وحده؟، وتوصلهم إلى أنهم خابوا وخسروا بهذا الاتباع.
- قولهم: كيف خصّ من بيننا بالوحي والنبوة، وفينا من هو أحق بذلك منه؟، وقولهم عن نبيهم بأنه كذاب أشر.
وقد أراد الله -سبحانه- إعطائهم فرصة للإيمان؛ فجعل لهم معجزة الناقة التي خرجت من الصخرة الصماء، وبين لهم أن لها حق في الشرب من الماء في أيام محددة، وهم كذلك لهم الشرب في الأيام الأخرى، وقد نهاهم نبيهم صالح -عليه السلام- من أذية الناقة أو المساس بها؛ فما كان منهم إلا أن جحدوا بآيات الله وعقروها، فاستحقوا العذاب من الله -سبحانه-.
يقول -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ* فَقالُوا أَبَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ* أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذّابٌ أَشِرٌ* سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ* إِنّا مُرْسِلُوا النّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاِصْطَبِرْ).
(وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ* فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ* فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ* إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ* وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
دروس وعبر
يتضح لنا من خلال هذه القصة القرآنية عدداً من الدروس والعبر، نذكر منها:
- التكبر والعصيان سبب في استجلاب العذاب والهلاك.
- يكون الجزاء من جنس العمل؛ إن كان خيرا فخير، وإن كان شراً فشر.
- العذاب يعمّ كل من رضي بالمعصية ولم ينكرها.
- رحمة الله -تعالى- بعباده المؤمنين، واستخلافهم في أرضه، والتمكين لهم.