كيف تحفظ سورة البقرة
كيف تحفظ سورة البقرة
إنّ المسلم إذا نوى حفظ سورة البقرة وأراد البدء بحفظها، يجب عليه أن يقوم بما يأتي ليسهل عليه حفظها وإتقانها:
تصحيح النطق والقراءة
يفضّل لقارئ القرآن ومن أراد حفظه، أن يقرأ الآيات قراءة سليمة صحيحة متأنيّة قبل الشّروع بالحفظ، إذ إنّ القراءة تعطيه انطباعاً عامّاً عن السورة، وتطبع في ذهنه صورة مُسبقة عن الآيات، ومفهومها، وعمّا تتحدّث.
ولا يكون تصحيح القراءة ذاتياً، بل يُستحسن أن يستعين القارئ بمعلّم متقن أو شيخ متخصّص، حتّى لو بلغ القارئ درجة من العلم في اللّغة العربية أو في علوم أخرى، بل وجب عليه الإنصات والاستماع من أحد؛ لأنّ في القرآن الكريم استثناءات خاصّة وأحكام معيّنة، ولنا في رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أسوة حسنة، الذّي كان أفصح النّاس وأقواهم لغة، ومع ذلك أخذ القرآن بالتّلقي والسّماع من الوحي جبريل -عليه السّلام-، وكان كذلك يعرض القرآن على جبريل في كلّ عام مرة، وفي العام الذّي توفّي فيه عرضه عليه مرّتين؛ ليتأكّد من قراءته ويصحّح له كلّ نقص.
تحديد نسبة الحفظ كل يوم
يُستحسن لمن نوى حفظ سورة البقرة أن يحدّد مقداراً معيّنا من الآيات ليحفظه يومياً، فهذه وسيلة ناجحة ترتّب حفظه وتسّهله، فيحدّد كلّ حافظ ما يستطيع حفظه؛ مثلاً خمس آيات في اليوم، أو عشر آيات، أو يخصّص لكلّ يوم وجه منها، أو نصف وجه، أو صفحة وما شابه، فهذا التّقسيم معين له على الالتزام بالحفظ في وقت أسرع، فلو أراد أن ينهي حفظ سورة البقرة بشهرين فقط؛ أي في ستّين يوماً فإنّه يستطيع ذلك لو خصّص لكلّ يوم حفظ خمس آيات منها.
لا تجاوز المقرر حتي يتم حفظك
وبعد أن يُحدّد الحافظ لنفسه المقدار اليومي للحفظ، عليه أن لا يتجاوز ما قرّر حفظه، ولا ينتقل لحفظ جديد قبل أن يتأكّد من تثبيت مقرّره اليومي، ورسوخ الآيات في ذهنه، وبعدها ينتقل لحفظ جديد.
ترديد الايات طوال اليوم
إذا أراد حافظ القرآن الكريم تثبيت حفظه، فليحرص على ترديد ما حفظ من مقرّره اليومي، وأن يكرّر الآيات طيلة يومه، فيقرؤها في صلاته ويقرؤها في أوقات فراغه، وقبل نومه، ويردّدها في أثناء سيره وعند القيام بأعماله، فإنّ التكرار يساعد على ثبات الآيات ، وعدم نسيانها.
وسائل تعين على حفظ سورة البقرة
وهناك وسائل معينة على حفظ سورة البقرة وتثبيتها كالآتي:
المحافظة على رسم واحد للمصحف
إنّ ممّا يُعين على حفظ سورة البقرة وغيرها من سور القرآن الكريم أن يخصّص القارئ لنفسه مصحفاً واحداً لا يُغيّره، أو أن يعتمد رسماً واحداً للمصحف؛ وذلك لأنّه من المعلوم أنّ شكل الايات، ومكان ابتدائها، وانتهائها في الصّفحة ينطبع في عقل القارئ مع كثرة القراءة والتّرديد، فيكون ذلك ممّا يسّهل عليه الحفظ، ولو تنقّل من مصحف لمصحف يختلف رسمه فقد يؤدّي إلى تشتيت القارئ ويصعّب عليه حفظ الآيات.
الإخلاص
وجب على حافظ القرآن أن يُخلص النّية قبل البدء بالحفظ، وأن يبتغي بحفظه لسورة البقرة مرضاة الله -تعالى-، وطلب الأجر والثّواب، فلا يقبل منه إن حفظ لنيل رضا النّاس ومدحهم، وقولهم إنّه عالم، أو حافظ، أو قارئ، فإنّ في ديننا لا يقبل عمل دون نيّة أبداً، بل قد يتحوّل عمله إلى ذنب يؤثم عليه إن كانت نيّته غير صحيحة؛ لحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عند قوله عن أوّل من يكبّ بالنّار، فقال منهم: (ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعَلَّمَهُ وقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وعَلَّمْتُهُ وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ: هو قارِئٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ).
الفهم طريق الحفظ
لا بدّ لمن أراد حفظ الآيات بسهولة ويسر أن يكون فاهماً لمعانيها ودلالتها، فلو تعسّر عليه حفظ آيات معيّنة ولم يستطع استيعابها؛ فلينظر في تفسير موجز، إذ إنّ ذلك معين له على حفظها بسهولة، كما أنّ عليه أن يكون حاضر الذّهن عند جلوسه للحفظ ليتسنّى له الفهم مع الحفظ.
التسميع الدائم
يستحسن لمن يريد حفظ سورة البقرة أو غيرها أن يقرأ ما حفظ، ويسمّعه باستمرار على شخص غيره، وحبّذا لو كان هذا الشّخص متخصّصاً وعارفاً بالقرآن؛ لأنّه يصحّح له ويقوّم له أخطاءه، ويتأكّد من نطقه السّليم للآيات، ويحثّه على مواصلة الحفظ والقراءة، ويعطيه حافزاً للاستمرار، والقرآن الكريم وحفظه يحتاج إلى متابعة دائمة، ولو انقطع عنه صاحبه وقتاً؛ فإنّه يُنسى بسهولة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تَعاهَدُوا هذا القُرْآنَ، فَوالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ لَهو أشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإبِلِ في عُقُلِها).
العناية بالآيات المتشابهات
تحتوي سورة البقرة كغيرها من سور القرآن الكريم على ألفاظ كثيرة تتشابه باللّفظ، وهذا ما قد يُحدث صعوبة عند الحفظ، فيجب الاعتناء بهذا المتشابهات والتّركيز عليها ليسهل تجاوزها، بل قد يستعين بعض الحفّاظ بتدوين هذه المتشابهات على ورقة لترسخ في الذهن، وربط كل موضع بالآية التّالية أو السّابقة.