المنهج التواصلي في اللسانيات التطبيقية
المنهج التواصلي في اللسانيات التطبيقية
المنهج التواصلي هو واحد من المناهج الحديثة والتي وضعت كمحاولةٍ للاستجابة لمجموعة من التغييرات الحاصلة على مستوى فهم الأنساق التعليمية للغات، فبعد ظهور المنهج التواصلي في اللسانيات التطبيقية ، تحولت عملية التعلم إلى عملية تفاعلية متداخلة.
أما قبل ذلك فكانت المناهج السابقة تقتصر في نظرتها إلى عملية التعلم على كونها مجرد عملية ضبط للقواعد النحوية التي تم التوصل إليها سابقاً، وكانت هذه العملية تتم عن طريق إخضاع المتعلمين لعدد كبير من النماذج الميكانيكية الثابتة.
ويتم تعريف التواصل في المعجم الإنجليزي المعروف: لونجمان على أنه: "تبادل الأفكار والمعلومات بين شخصين أو أكثر، من خلال وجود متحدث أو مرسل يبث رسالته إلى متلقٍ يقصده بهذه الرسالة".
نشأة المنهج التواصلي في اللسانيات التطبيقية
جاء المنهج التواصلي كنتيجة طبيعية للتغيرات في فهم الأنساق التعليمية للغة، فقدم بديلاً للمناهج البنائية والطرائق الموقفية والسمعية والشفوية، كما جاء كاستجابة لمجموعة من التغييرات التي حصلت في علم اللغة .
بدأ هذا المنهج منذ السبيعينات وقد كان التركيز قبل المنهج التواصلي قائماً على القواعد بوصفها مكوّناً جوهريَّاً للقدرات اللغويَّة، ثم تحول بعد المنهج التواصلي إلى الاهتمام بكيفية استخدام المتحدثين للغة في سياقات مختلفة.
بدأ المنهج التواصليُّ في تدريس اللغات تدريجيَّاً، فتمَّ إدخال العملية التواصلية بعد أن كان الاعتماد الكليُّ قبل ذلك واقعاً على عاتق المعلمين.
أهداف المنهج التواصلي في اللسانيات التطبيقية
يهدف المنهج التواصلي بشكل عام إلى تحقيق مجموعة من الفوائد هي ما يأتي:
- إكساب المتعلمين مجموعةً جيدة من المهارات التواصلية واللغوية.
- رفع المتعلمين إلى ترك الاعتماد على حفظ القواعد والقوانين.
- بناء الكفاية التواصلية لدى المتعلم من جميع جوانبها.
- التركيز على اكتساب مهارات لغوية من خلال اختيار المحتوى الذي يمكن فيه للمتعلم أن يمارس كل هذه المهارات.
- عرض المادة اللغوية بناء على الأساس الوظيفي التواصلي، فلا يوجد سؤال من مثل: ما القواعد التي تودُّ تعلمها، بل من خلال البحث عن الوظائف اللغوية التي يمكن للمتعلم إتقانها واستعمالها في حياته اليومية.
مبادئ المنهج التواصلي
يقع المنهج التواصلي في ثلاثة مبادئ رئيسية هي الآتية:
- مبدأ التواصل
والمقصود بمبدأ التواصل هو أن الأنشطة التي تتضمن تواصلاً حقيقياً بين المعلم والمتعلم وبين المتعلمين أنفسهم، يمكن اعتباره تعزيزاً كبيرة للعملية التعليمية بشكل عام.
- مبدأ المهام
والمقصود بهذا المبدأ هو اعتماد أنشطة تستخدم اللغة لتأدية مهام تحمل معنى، حيث يركز هذا المبدأ على جعل اللغة في نظر الطالب وسيلة لتأدية المهام المطلوبة منه وليس غايةً في حدِّ ذاتها.
- مبدأ المعنويَّة
ويُقصد بالمعنوية اللغة ذات المعنى، وهي في هذا المنهج تساعد المعلم وتعينه كثيراً في العملية التعليمية، لذلك يعتمد هذا المنهج على فكرة المعنى والتركيز على العملية التواصلية للغة أكثر من غيرها.
المنهج التواصلي في تعليم اللغات
شكّل استعمال المنهج التواصلي في عملية تعليم اللغات إضافة كبيرة إلى هذه العملية، فبعد أن كانت اللغات تعتمد الطريقة التقليدية في حفظ وتلقي القواعد تحولت إلى المنهج التواصلي الذي يتيح الابتكار والتفاعل، وقد تمَّ تطبيق هذا المنهج على عدد من اللغات العالمية ولاقى نجاحاً كبيراً، وفي اللغة العربية جرى تطبيقه في عملية تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وحقق نجاحًا.
دخل هذا المنهج في تعليم اللغة العربية كما دخل في تعليم غيرها من اللغات، حيث تغيرت إجراءات التعليم ودور المعلم فيها، وقد واجه المعلمون صعوبات في البداية فلم يستطع جميعهم فهم آلية عمل المنهج التواصلي فلم يستطيعوا تطبيقه.
وقد كان من أسباب عدم قدرة بعض المعلمين على استعمال المنهج التواصلي، هو أنهم لم يستطيعوا التخلص من الأنماط التقليدية والميل إلى تعليم المواضيع التي يحبونها هم حتى وإن لم يكن المتعلمون يميلون إليها أو تثير فيهم رغبة التعلم.
كما وقف اهتمام وتركيز المعلمين على مجموعة من الطلاب دون الآخرين حاجزاً أمام نجاح العملية التواصلية نجاحاً كبيراً، فالملعم يضع كل اهتمامه في مهارة التحدث مثلاً على من يتقنونها من طلابه، دون أن يكترث بتحفيز الآخرين ليتقنوها بدورهم.