كيف تتعامل مع الله
كيفية التعامل مع الله
إن حق الله -سبحانه وتعالى- على عباده من أعظم الحقوق على الإطلاق، كما أنّ من أوجب الواجبات الأدب معه، فالله وحده الخالق والمالك لأمر الإنسان والمدبر له، وما عداه فإنما هي مخلوقات ضعيفة لا يملك الواحد منها لنفسه ضرًا أو نفعًا، فلا بدّ أن يحرص المسلم على حق الله -تعالى-، وأن يعرف كيف يحسن التعامل مع الله -تعالى-.
وأما عن كيفية التعامل مع الله -تعالى- فهي مما لا يمكنُ أن يختزل في مقال واحد، ولكننا سنذكر بعضًا مما يتعلق بتعامل العبد مع ربّه، وذلك من خلالِ ما يلي:
الإيمان بالله وحده لا شريك له
إن من أحق حقوق الله على عباده، وأهم ما ينبغي للعبد أن يتعاملَ به مع الله، أن يؤمن بالله وحده، وأن لا يشرك به شيئًا، وأن يؤمن أن الله واحد في ملكه وأفعاله، لا شريك له، ولا نظير له، وأنه واحد في ألوهيته، ولا ند له، وأنه ربّ كل شيء والمالك له والمتصرف بشؤون خلقه فيما يريده وحده، وهذا هو مقياس الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
عبادة الله سبحانه وتعالى
لا بد للعبد أن يدرك بأنّ الغاية الأولى من خلق الجن والإنس عبادة الله وحده لا شريك له، كما أنّ الغاية من إرسال الرسل والأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- الإقرار بأنّ الله هو المعبود بحق وحده، وأن أول واجب على العبد أن يقر بألوهية الله واستحقاقه للعبادة وحده، وهذا أول وأهم حق لله على عباده.
يقول -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،ويقول -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).
التزام الأدب مع الله تعالى
بيّن ابن القيم أنّ من منازل إياك نعبد وإياك نستقيم منزلة الأدب مع الله -سبحانه وتعالى-، والأدب مع الله -تعالى- يعني القيام بدينه باتباع أوامرهِ واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه ظاهرًا وباطنًا، ولا يمكن أن يستقيم لأحد الأدب مع الله حتى يعرفَ أسماءه وصفاته، ويعرف دينه وشرعه، ويعرف ما يحبّ وما يكره، وأن يدرب نفسه؛ لتكون مستعدة ومتهيئة لقبول الحق علمًا وعملًا، وحالًا.
شكر الله عند النعم والصبر عند البلاء
إن الصبر والشكر معنيان متلازمان في أساسهما، فالصبر كالأساس للشكر، وهو موجود قبله، ولا بد من الشكر قبل كل عمل صالح، فإن كل الطاعات تنشأ من استعمال القوى في طاعة الله -سبحانه وتعالى-، وهذا هو الشكر، فاستعمال البدن في سبيل الله شكر لنعمة البدن.
والشكر يحتاج إلى الصبر؛ لأن العبد قد يبتلى فينتظر الحق والعدل في الآخرة، وهنا لا بد له من توطين نفسه على أمرين: شكر الله على نعمه، والصبر على البلاء، والصبر بناء للشكر، فمن وطن نفسه على الصبر استطاع أن يشكر الله في كل وقت، سواء في السراء أو الضراء.
الإكثار من الذكر والدعاء
إن مما ينبغي أن يتعامل به العبد مع ربّه أن يكثر من ذكره، ويكثر من الدعاء، فذلك أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ومع كونه أكمل الخلق إلا أنه كان يكثر من ذكر الله -تعالى-، فكان يذكر الله في كل وقت وكل حين، وكان أمره ونهيه وتشريعه ذكر منه لله -تعالى-، وكذلك إخباره عن ربه في أسمائه وصفاته ذكر له.
وقد وردت العديد من الأدلة التي تحث على ذكر الله -تعالى-، ومنها ما يلي:
- قوله -تعالى-: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ).
- قوله -تعالى-: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).
- قوله -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
المحبة في الله والبغض لأجله
إن من أوثق عرى الإيمان أن يحبّ العبد لأجل الله -تعالى-، وأن يكره لأجله، فلا يكون لنفسه حظ في المحبة أو الكره، فلا يحب إلا ما يحبه الله، ولا يكره إلا ما يكرهه الله، وإن مما ورد من أحاديث نبوية شريفة في هذا المعنى أو قريب منه ما يلي:
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحبَّ للهِ وأبغض للهِ وأعطَى للهِ ومنع للهِ فقد استكمل الإيمانَ).