كيف تتخلص من الذنوب
التخلص من الذنب
لا يمكن لأي إنسانٍ في هذه الدنيا أن يكون بلا ذنبٍ في حياته، فكل ابن آدم خطَّاء، ولكن يستطيع الإنسان أن يتخلَّصَ من هذه الذنوب، ويُعالِجَ هذه الجروح، بخطواتٍ واضِحةِ المعالمِ، يستطيع - إذا وفقه الله- أن يخطوها، وهي في النقاط التالية:
الاعتراف بالخطأ
لا بدّ ابتداءً أن يُدرِكَ أنَّه مُذنِب، وأن لا يُهَوِّنَ ذنبهُ في عينيه، فأول خطوةٍ للعلاج هي الاعترافُ بالمرض، فلو أنكرَ المريض مرضهُ، صَعُبَ عِلاجُهُ، فينبغي على الإنسانِ أن يُقِرَّ بِذنبه، ويعترِفَ بخطئِه ليقوم لاحقاً بحله ومعالجته.
الاستعانة بالله
ينبغي على المسلم الالتجاء إلى الله تعالى والإلحاح في الدعاء أن يطهِّرَ القلبَ من الذنوب والمعاصي؛ فالدعاءُ سلاحُ المؤمنِ الصادق، والله أمرنا أن ندعوه؛ حيث قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
تذكر الجنة والنار
يجبُ على المُذنبِ أن يتذكَّرَ الجنة والنار، والبعث والجزاء، وأننا محاسبون على أعمالنا؛ فالله سبحانه لم يَخلُقنا عبثاً، ولم يُعطِنا الاختيار أن نعمل في دنيانا ما نشاء من الذنوب والمعاصي دون حِساب؛ بل إننا سنُحاسبُ على كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، فإما أن يؤاخِذنا الله بها، وإما أن يغفر لنا ويتوب علينا، وهو التواب الرحيم.
تذكر رحمة الله
لا بدّ أن يعلم الإنسانُ الذي وقع في الذنب، أن الله عز وجل غفور رحيم بعباده، يغفر لهم ويعفو عنهم، فلا ينبغي على المُذنِبِ أن ييأس من رحمة الله التي وَسِعت كلَّ شيء، كما يجب أن يكثر من الرجاء في مغفرة الله ورحمته؛ فلا بدّ أن يعيش الإنسان بين الخوفِ والرجاء، خوف من عذاب الله، ورجاءٌ في رحمة الله.
الصدق في التوبة
ينبغي للمذنب أن يتوب إلى الله توبةً صادقة، يعزم فيها على ألا يرجع للذنب أبداً، ويندم على ما فاته، كما عليه أيضاً أن يعيد الحقوق إلى أصحابها، إن كان قد اعتدى على حقوق الناس، وأن يكثر من الاستغفار من الذنب؛ فالاستغفار يطهِّرُ القلب، ويمحو الله به الخطايا.
الإكثار من الأعمال الصالحة
يجدر بمن وقع في الذنوب وتاب منها أن يكثر من القيام بالأعمال الصالحةِ الحسنةِ التي تمحو الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَتْبِعِ السَّيِّئةَ الحَسَنةَ تَمْحُها)، فالإسلام دين عمليّ، يعلُمُنا أن لا نقف كثيراً عند النَّدمِ على الذَّنب، بل يجب المسارعة بالأعمال الحسنةِ، والتي تساعدُ على الابتعاد عن الذنب، لأن الفراغَ القاتل هو ما يدفعُ الإنسانَ إلى الذنوب، فأحياناً قد يرتكب الإنسان الذنب لمجرَّد أنه يريد قضاء وقت فراغه.
ويستطيع المسلم اشغال نفسه بالأعمال المفيدة النافعة، التي تُشغِلُ وقت الإنسان فلا يفكِّرُ في الذنب إذا انشغلَ بِها؛ مثل الذهاب للمسجد، للصلاة وقراءة القرآن، والاستماع للدروس الدينية، فهذا مما يٌساعِدُ على الابتعاد عن الذنب، لأنه سيرٌ في طاعةِ الله.
الابتعاد عن أسباب المعصية
لا بدّ أولاً أن يترك الإنسان الأماكن والمَواطِن التي توصله إلى الذنب؛ فإذا كان هناك مكانٌ معينٌ كان يذهبُ إليه ليرتكب الذنب، فيجب أن يبتعد عنه قدر المستطاع، كما عليه ترك صحبة السوء، التي تجرُّ الإنسان إلى الذنب؛ فالمرءُ على دين خليله، وكل إنسانٍ يتأثر بأصدقائه ومحيطه بلا شك، فلا يُمكِنُ لصاحب سوءٍ أن يدلَّ على الخير، كما أنه لا يمكن لصاحب خيرٍ أن يدل على السوء.
كما لا بدّ من قطع كل الوسائل التي تؤدي إلى الذنب؛ فقد يؤدي إلى الذنب نظرةٌ أو كلمةٌ أو غير ذلك من أبسطِ الأشياء، فينبغي الانتباه لكل ذلك وعدم الوقوع في شيء من الممكن أن يؤدي للذنب.
استشعار رقابة الله
يجدر بالمسلم استشعار رقابة الله تعالى عليه؛ من خلال الخوف منه، ومعرفة أن الله - سبحانه وتعالى- مطَّلِعٌ عليه، واستحضار مراقبة الله -عز وجل دائماً-؛ فلا يمكن للإنسان أن يرتكبَ الذنب، وهو يستحضر نظر الله إليه، وعلم الله به وبحاله يُبعِدُ الإنسان عن العودة للذنب ويردعه.
ويكون الخوفُ من الله بتذَكُّرِ عذابه، واستحضار هيبة الرب جل جلاله، واستصغار العبد لنفسه أمام عظمة الله، الأمر الذي يجعل المسلم يستحي من الله تعالى، وكما قال الشاعر:
وإذا خلوت بريبةٍ في ظُلمةٍ
- والنَّفسُ داعيةٌ إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها
- إن الذي خلق الظلام يراني
المداومة على ذكر الله
من النصائح الهامة لترك الذنب الإكثار من ذكر الله عز وجل بمُختَلَفِ الأذكار، فذكر الله يُطَمْئِنُ القلب، كما قال تعالى: (ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، والإنسانُ الذي لا يذكر الله يكون غير مطمئناً وقلقاً في حياته، وتراه غالباً في همٍ وضيقٍ وحزن لا يفارقه، وهذا نتيجةٌ طبيعية للابتعاد عن ذكر الله .
تذكر الموت
يجدر بالمسلم تذكير نفسه إنّ الإنسان يعيش في هذه الدنيا كعابرِ سبيلٍ مرَّ على بلدةٍ غريبةٍ، ويريد أن يُكمِلَ طريقه، فيأخذُ منها ما يحتاجه للمسير، ولا يزيدُ على ذلك، وهكذا الدنيا، لا بدّ أن نأخذ منها ما يعيننا على الدار الآخرة، لا أن نغرق فيها وفي شهواتها ومعاصيها، فهذا انشغال عن الغاية بالوسيلة، فالوسيلة لو لم تؤدي إلى الغاية، فلا حاجة لنا بها.