كيف بنيت الكعبة
بناء الملائكة للكعبة
منذ أن نزل آدم -عليه السلام- والكعبة موجودة، والمسجد الحرام موجود على هذه الأرض، فرغم أنّ المنطقة كانت قاحلة ولا يوجد بها أحد إلّا أنّ بيت الله كان موجوداً، وقد كان الاعتقاد السائد أنّ الله قد أرسل الملائكة على كوكب الأرض من أجل أن يقوموا بناء هذا الصرح العظيم، ورفع أساساته بالكامل، ليكون شاهدا على تاريخ عظيم لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال.
وعندما جاء آدم -عليه السلام-، كانت الحياة صعبة جداً، ومع بداية التأقلم مع الوضع الجديد، قام آدم -عليه السلام- بإعادة ترميم الكعبة ليوقفها بشكل واضح، وتبقى كذلك حتى يأمر الله بأن يصيبها الضر ويكون لها القدر والشأن الذي نعرفه اليوم، وهذه كانت مشيئة الله -سبحانه وتعالى-.
إعادة بناء سيدنا إبراهيم للكعبة
وضع سيدنا إبراهيم زوجته وابنه إسماعيل في مكة المكرمة، وقام بالدعاء لله -تعالى- أن يجعل هذا بلداً آمنا، وأخرج الله -تعالى- ماء زمزم في الأرض القاحلة، وبدأت الوفود بالتوافد إلى منطقة كانت جرداء فيما قبل، لتصبح بعدها أرضاً بها ماء زمزم الذي لا ينضب أبداً، وقد حمى الله نبيه وأمه من الموت.
وعاد سيدنا إبراهيم إلى هذه الأرض ليعمر هو وابنه إسماعيل الكعبة المشرفة، ويرفع أعمدتها، ويكبر مساحتها، ويدعو الله أن يكون هذا المكان للمسلمين جميعا يتوافدون عليه من كل بقاع الأرض، ليتحقق بعد ذلك دعاء هذا النبي العظيم وتكون الكعبة المزار الأكثر أهمية في العالم كله.
ترميم الكعبة في عهد قريش
قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، جاءت امرأة تجمِّر الكعبة وتبخِّرها، فطارت شرارة من أثر ذلك الجمر؛ وأحرقت ثوب الكعبة وحجارتها، وبعد ذلك أشار الوليد بن المغيرة على قريش بهدم الكعبة وإعادة بناءه، فهابت قريش هَدمه، وبدأ الوليد بن المغيرة بالهدم وقال: "اللَّهمَّ إنا لا نريد إلَّا الإصلاح"، ولما بدأوا بالبناء نقصت النفقة بقريش، وأرادوا إخراج الحجر الأسود فحكموا رسول الله بذلك.
وقد ثبت عن الرسول الكريم أنه قال: (إن قومك استقصروا من بنيان البيت، ولولا حداثة عهدهم بالشرك، أعدت ما تركوا منه، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه، -فأراها قريبا من سبعة أذرع- ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض شرقياً وغربياً، وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟، قالت: قلت: لا، قال: تعززاً أن لا يدخلها إلا من أرادوا، فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي، حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط).
الكعبة في الوقت الحاضر
ويتوالى التاريخ، وما زالت مكانة الكعبة باقية في مكانها، بل وتزداد أهمية عند كل مسلم من جميع جهات الأرض، ومن يرد أن يهديه الله أو يدله على الإسلام فما عليه إلا زيارة بيت الله الحرام والصلاة فيه التي تعادل مئة ألف صلاة، وبقيت الكعبة محفوظة حتى تولى الحكم آل سعود وتحول اسم مكة إلى اسم المملكة السعودية، واستطاعت هذه الأسرة أن تحكم البلد بالخير والإحسان، وتقدم كل الدعم من أجل أن تبقى الكعبة باقية على حالها.
وبدأت عمليات توسيع الحرم المكي حتى يكون قادرا على استيعاب كل الأعداد الهائلة التي تأتي في كل عام لتزور الكعبة، كما أنها عملت على كساء الكعبة وتوسيع الطرقات في وجه المصلين والوافدين إليه من كل البقاع، ليكون خير أرض الله بيد خير أهل الإسلام، وتكون الكعبة قادرة على استيعاب الأعداد الهائلة التي تتوافد إليها من كل أنحاء العالم في سبيل الوصول إلى أعظم مكان خطاه الأنبياء والمرسلين.