كيف اهتم الإسلام بالعلم
العلم في الإسلام
كان أوّل ما نزل على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، وفي ذلك دليلٌ واضحٌ على قيمة العلم في الإسلام ومدى اهتمامه به، ورغم أنّ علوم الشريعة الإسلامية هي أسمى العلوم التي قد يدرسُها المُسلم، إلّا أنّ للعلوم الحياتيّة الأخرى أهميّة بيّنها القُرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة؛ فقد خُلق الإنسان لإعمار هذا الكون، ولا يُمكنُ إعماره إلا من خلال العلم، كما أنّ العلم سبيلٌ وأساسٌ للتفكير القويم، والعمل الصالح، ووسيلةٌ لإدراك الإنسان لإدارة علاقاته، وقد جاءت نصوصٌ شرعيَّةٌ كثيرةٌ في القرآن الكريم والسنة النبويّة حاثَّةً على العلم ومبيِّنةً لفضله وفضل العلماء وعلو منزلتهم؛ فالإسلام يدعم العلم ويؤكّد ضرورته ويتوافق مع ما كان ثابتًا وصحيحًا منه، ولا تعارض أو فجوةً بينهما.
كيفيّة اهتمام الإسلام بالعلم
اهتمّ الإسلام بالعلم اهتمامًا بالغًا، وتجلّى هذا الاهتمام في مظاهر وصورٍ كثيرةٍ، من أبرزها ما يأتي:
- وردت نصوصٌ شرعيَّةٌ كثيرةٌ تحثّ على العلم وطلبه، وتدعو للنظر والتفكّر واستعمال العقل، ومن ذلك في القرآن الكريم قوله تعالى: (فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم إِذا رَجَعوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ)، وقد خصّ الله تعالى أهل العلم بأنّهم ممّن يشهدون له بالوحدانية المطلقة كما جاء في قوله تعالى: (شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
- رفع الإسلام من مكانة العلماء وقدرهم في الدنيا والآخرة؛ فأكّد على الفارق بين من يعلم ومن لا يعلم كما جاء في قوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)، وقد خصّ الله تعالى أهل العلم برفعة درجتهم؛ فقال تعالى فيهم: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
- رتب الله -سبحانه وتعالى- ثوابًا جزيلًا للعلماء ومن يطلبون العلم؛ دلالةً على تقدير الإسلام للعلم والعلماء، وتأكيدًا على أهميّته للناس والأمّة جمعاء، ومن الأجر الذي خُصّ به العلماء ما جاء في قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ).
علوم اهتمّ بها المسلمون
لم يكن اهتمام الإسلام بالعلم وحثّه عليه قاصرًا على العلم الشرعيّ فقط؛ بل اهتمّ الإسلام وحثّ على تعلّم وتعليم العلوم المختلفة الأخرى؛ كعلم الحساب وعلوم الكيمياء والفيزياء، والجبر، والطب، والفلك، والجغرافيا، وقد كان العلماء المُسلمون دائمي البحث والتجربة، وكان لهم فضلٌ كبير في العديد من الفروع العلميّة التي لا مجالَ لحصرها، ممّا أسهم في تطوّر الصناعات التي يستخدمها الإنسان في حياته، وكان الاهتمام بالعلم سببًا من أبرز أسباب ازدهار الحضارة الإسلاميّة؛ حيث بلغت أوجها في التقدّم على سائر الحضارات قديمًا بسبب ما رفدت به العالم من علماء في شتى المجالات واهتمامٍ بالتأليف والتصنيف وبناء المدارس والمكتبات، فقد بلغ اعتناء الحضارة الإسلاميّة بالعلم قدرًا لم يبلغه غيرها من الحضارات قديمًا.