كيف أجعل ربي يحبني
كيف أجعل ربي يحبني
كثيرةٌ هي الأعمال التي يتحصّل بها العبد على محبة الله له، ومن هذه الأعمال ما يأتي:
- قراءة القُرآن بتدبر: يكثر المسلم من قراءة القرآن الكريم، ويتعمق في فهم معانيها، ويستشعر خطاب الله -تعالى- للعبد فيه، فيقف عند حدوده، ويفعل ما أمر به، ويبتعد عن ما نُهي عنه، فإن فعل المُسلم ذلك زاده الله محبة للطاعة التي هي ثمرة محبة الله -تعالى-.
- تقديم طاعة الله ومحبوباته على محبوبات النفس: تقديم أوامر الله على هوى النفس وشهواتها، أمر يزيد من محبة الله للعبد؛ فإنّ الإنسان إذا خُيّر بين أمرين وكان أحدهما يُحبه الله ولكنه ثقيل على النفس، والآخر لا يُحبه الله ولكن النفس ترغبه وتميل إليه، فيختار ما يُحبه الله ويُقدّمه؛ فبذلك يفوز بمحبة الله -تعالى- له.
- المُسارعة إلى طاعة الله: يستجيب المسلم مُباشرة لأوامر الله، فإذا سمع المسلم أمر الله يُبادر إليه ولا يُأخّره؛ لأنّ تأخير العبادة قد يولّد في النفس بغضاً لها، وقد تَجُرُه إلى المعصية ، وقد أخبر الله عن ذلك بقوله -تعالى-: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)؛ فالّذين لم يُسارعوا إلى تلبية نداء الله -تعالى، تركهم الله في معصيتهم.
- اتّباع الله ورسوله: يتّبع المسلم الله ورسوله بِكُل ما يعلم، فَكُلما كان الإنسان مُحباً لله كان أكثر عبادةً وقُرباً له، ولا يكتفي بالفرائض، ويزيد عليها من النوافل التي سنّها الرسول -صلى الله عليه وسلّم- ويتقرّب بها إلى الله -تعالى-، قال الرسول -عليه السلام- فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ)،والبُعد عن الأسباب التي تحول بين القلب وبين خالقه.
- خُشوع القلب وانكساره بين يدي الله: يستشعر المسلم عظمة الله -تعالى-، ويستذكر نعمه وأفضاله، وموجبات رحمته وكرمه، ومما يدُل على ذلك قصّة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أُبي بن كعب -رضي الله عنه- عندما قال له: (إنَّ اللَّهَ أمَرَنِي أنْ أُقْرِئَكَ القُرْآنَ قالَ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قالَ: نَعَمْ قالَ: وقدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ العَالَمِينَ؟ قالَ: نَعَمْ فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ)؛ فقد بكى -رضي الله- فرحاً بسبب ذكر الله له، كما يحسن بالمسلم أنْ يستحضر أسباب سخط الله وعذابه، وأنّ الإنسان مهما بلغ من القوّة فهو ضعيف أمام قدرة الله القادرة وإرادته القاهرة؛ فهو -سبحانه- لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السّماء.
- الخلوة مع الله في الثلث الأخير من الليل: تعرّض المسلم لفضل الله ورحمته في الوقت الذي يتنزل الله فيه، وهو الثُلث الأخير من الليل، وختم ذلك بالاستغفار والتوبة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له)، وفي وقت السحر وهو قُبيل الفجر يُكثر من الاستغفار لقوله تعالى: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ).
- مُصاحبة أهل الصلاح والخير: تُعين مُجالسة الصادقين على عمل الخير والمعروف؛ فالعبد بِمُصاحبة أهل الخير يزدادُ خيراً بمعاونتهم، ويبقى كذلك نشيطاً على العبادة بما يتكلمون فيه عن الله ومحبته للعبد الطائع.
- تعلق القلب بالله واستشعاره بحضوره على الدوام: يجب على المسلم مُراقبة الله -تعالى- في كُل أقواله وأفعاله، وهو ما عرّفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإحسان عندما سأله جبريل -عليه السلام-:(ما الإحْسَانُ؟ قالَ: الإحْسَانُ أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ)؛ فَكُلما كان الإنسان مُستشعراً بوجود الله كُلما كان قريباً من الله، وازداد نور الإيمان في قلبه.
- الحُب في الله: الحرص على محبّة أهل الإيمان والتقوى، وتتأكّد هذه المحبة بزيارتهم والسؤال عنهم وتفقّد أحوالهم، وقد بيّن الله -تعالى- أنّ من أعظم النعم على الناس بأنّه ألّف بينهم وبين قُلوبهم؛ فهو الذي كوّن الحب، قال -تعالى-: (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ).
- زيادة الوازع الديني: إنّ رسوخ الوازع الديني في قلب العبد خيرُ معينٍ له في البعد عن الذنوب ، وعن كُل ما يُغضب وجه الله -تعالى-، وكُلما كان العبد ضعيف الإيمان كان قريباً من معصية الله -تعالى-، وقد ورد عن ابن مسعود: أن المؤمن يرى ذنبه كبيراً، بينما الفاجر يرى ذنبه كالذُبابة تكون على أنفه فيدفعها بيده.
- يقظة القلب بنور الله: يبدأ القلب باليقظة من خلال نور الإيمان الذي يدفعه ليفيق من غفلته، ويدفع العقل للتفكير في حقيقة الحياة وما بعدها، فيبدأ بالندم على ما فرط في حق الله -تعالى-، مما يدفعه للحياء من خالقه، والطمع في رحمته ومغفرته، ويدفعه ذلك إلى العمل الصالح والتوبة.
- بِرُ الوالدين: تُقرّب الأعمال الصالحة العبد من الله -تعالى-، ويُعدُّ بِرُ الوالدين من أقصر الطُرُق الموصلة لذلك، وقد ورد عن ابن عباس أنه قال: "إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله من بر الوالدة"، فإنّ رضا الوالدين من رضا الله -تعالى-، وسخط الله في سخط الوالدين، فإنَّ رضى الوالدين يحقق السُعادة للمسلم في الدُنيا والآخرة .
- الإكثار من التوبة: يجب على الإنسان تدارك ما بقي من عُمره في التوبة ، لأنّ النبي -عليه السلام- حثَّ على مُتابعة السيئات بالحسنات؛ فقال -عليه السلام-: (أتبِعِ السَّيِّئةَ الحَسنةَ تَمْحُها)، وضياع الكثير من الوقت في بداية عُمر الإنسان، يوجب منه الحرص على عدم تضييعه لاحقاً فيتوب إلى الله -تعالى- عن سيّئاته؛ ليعوّض ما فاته.
- البذل في الله: تعدّ كثرة كرم المؤمن سبباً لتوكّله على الله -تعالى-، واليقين به، كما أنّ كثرة الكرم والعطاء من علامات الإيمان، وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلّم ذلك؛ فقال: (ولا يجتَمعُ الشُّحُّ والإيمانُ في قلبِ عبدٍ أبدًا).
- الرغبة في الله: يرتبط ازدياد إيمان العبد بربه ارتباطاً وثيقاً بثقته به، والرغبة فيما عنده، فيُصبح العبد مشغولاً بربه، وبالتَقَرُب إليه بالأعمال الصالحة، ويُكثر من دُعائه ومُناجاته، ولا يعتمد على أحد سواه؛ لأنّه هو المُتصرف والمالك الوحيد للكون.
- الزُهد في الدُنيا: يعدّ زُهد الإنسان من الطُرق الموصلة لِمَحبة الله -تعالى-، من خلال ترك الدُنيا وشهواتها لأجل الله -تعالى-، وترك ما في أيدي الناس، فالزُهد من الأمور اللازمة للعبد الذي يسعى إلى رضوان الله -تعالى- ومحبته، ويؤكّد ذلك منهجُ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام من بعده في التّعامل مع الدّنيا وشهواتها.
- تطهير القلب من الأخلاق السيئة: يبتعد المسلم عن كُل أمراض القلوب من حقد وحسد وغيرهما، ومعالجتها بالعلم بكيفيّة إصلاح القلب وتأثير العبادة فيه. ومحبة الله تؤدي بالإنسان إلى الإبتعاد عن جميع الصفات السيئة، كالحسد وغيره، قال النبي -عليه السلام-: (لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا).
- الإكثار من الحمد: يعدّ اكثار العبد من حمد الله وشكره أمراً موجباً لمحبّة الله له، ويكون هذا الحمد مُقترناً بالقلب عند ذكره باللسان، ويستغل المؤمن الأوقات التي يمكن أن يستشعر محبة الله -تعالى- فيها؛ كرؤية أهل البلاء، وتذكر رحمة الله -تعالى- وشفقته بعباده.
- حُب الأنصار: بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ من علامات الإيمان حُب الأنصار؛ لما بذلوه من خدمة الإسلام، ونُصرة النبي، ووقوفهم بجانب إخوانهم من المُهاجرين بأنفسهم وكُل ما يملكون، وقد أكّد النبي عليه السلام الارتباط الوثيق بين الإيمان ومحبّتهم؛ ففي الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ).
- السعي في قضاء حوائج الناس: يعدّ الإحسان إلى الناس من الصفات التي بيّن الله -تعالى- في كتابه أنّه يُحب صاحبها بقوله: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلّم- أن أحب الناس إلى الله هم الذين يُحسنون إلى الناس.
- زيارة أماكن البلاء: تعدّ زيارة دور الأيتام، والمُستشفيات، وغيرها من أماكن البلاء لأخذ العبرة منها؛ ليُدرك الإنسان عظيم النعم التي أعطاها الله -تعالى- إياها، ويشكره عليها.
- الأخلاق العالية: بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الله يُحب معالي الأمور من الأخلاق الحسنة، والخِصال الحميدة، ويكره الأخلاق والصفات الرديئة كالكِبِر؛ فقال -عليه السلام-: (إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ ، و أَشرافَها ، و يَكرَهُ سَفْسافَها).
- الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر: يعدُّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نوعاً من أنواع الجهاد الدائم المفروض على المُسلم، ومما يؤكد أهمّية هذه الصفة ذكر الله -تعالى- لها أنّها من صفات الصالحين فقال: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ)، فهو من أسباب النجاة والنصر في الدُنيا والآخرة، وهو مقام الخلافة عن الله ورسوله؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كانت مهمّته الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، وهو سبب لتفضيل الأُمة الإسلامية على سائر الأُمم، قال -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه).
- الإكثار من الدُعاء: يعدّ اكثار المسلم من دعاء الله -تعالى- بأن يرزُقه حُبه، فقد كان النبي -عليه السلام- يسأل الله كثيراً، ويُلُح عليه في الدُعاء بأن يرزقه حبه، ويوفّقه للأعمال التي توصله إلى حُبه.
- التفكر في الكون: حثَّ الإسلام المُسلم على التفكّر في الكون والآيات التي فيه، وما يمر به من أحداث؛ لتكون سبباً للوصول إلى معرفة الله -تعالى-، وبالتالي إلى محبته.
- ذكر النعم: تذكر العبد لِنِعَم الله عليه من الأسباب التي تجعله يُحب الله، ويشعر بالإمتنان له، فهو المُنعم عليه، وقد عدّ الله تذكر النعم من الأعمال الصالحة التي تورث محبة الله، فقال -عز وجل-: (فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ)، ويجب على العبد الاطّلاع على نعم الله -تعالى- عليه، وذلك بإشعار القلب بها؛ كالسمع، والبصر، واستعمالها في طاعة الله، واستغلال أوقات الصحة قبل المرض، ويجب على المُسلم محبة الله -تعالى- ليس لأنه يُنعم عليه فقط، حتّى لا تكون محبته محبة الوسائل، فتذهب هذه المحبة عند انتهاء الوسيلة، بل تكون محبته لله لذاته، ولما يُعطيه من الثواب.
- تصحيح النية وإخلاصها لله: يجب على المُسلم عندما يُقدم على أي عمل أن يوجّه نيته لله، فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يعملون العمل ويخافون ألّا يُقبل منهم، وكلما كان العبد مُخلصاً لله في نيته كلما كان أجره أكبر وأعظم.
- الصدق مع الله: صدق العبد مع ربّه عز وجلّ يقتضي ألا يَكُن له همّ يشغله أكبر من تحصيل رضا الله -تعالى-، واتّباع أوامره، فيتحرى الحلال، ويبتعد عن الحرام؛ فيستأنس بالله، ويستغني به عمّن سواه من البشر.
- صلة الرحم: بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث أنّ واصل رحمه يصله الله -تعالى-، ومن قطعها، قطعه الله، فالجزاء من جنس العمل، وصلة الرحم من أفضل الطاعات وأحبها إلى الله، ووصلها من موجبات رحمة الله -تعالى-، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قال اللهُ تبارَك وتعالَى: أنا اللهُ وأنا الرَّحمنُ، خلَقتُ الرَّحمَ، وشققتُ لها مِن اسمي، فمَن وصلَها وصلتُه، ومَن قطعَها بتَتُّهُ).
- المُحافظة على أذكار الصباح والمساء: يقتدي المسلم بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في مُحافظته على الأذكار، فقد كان -عليه السلام- يذكر الله في بداية ظلام الليل، وبداية ظهور نور النهار، ومن حافظ على هذه الأذكار كان بحفظ الله، ورفع الله في درجاته، وأوجب له رحمته.
- محبة لِقاء الله: توجب محبة العبد للقاء الله -تعالى- محبة الله للقاءه؛ فقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك في الحديث، فقال: (مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَن كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ). ولا يُقدّم على محبة الله شيء، وقد جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ : أنْ يكونَ اللهُ و رسولُهُ أحبُّ إليه مِمَّا سِواهُما ، و أنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ ، و أنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ ؛ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى في النارِ).
- الغيرة على محارم الله والخشية منه: يغار ويغضب المسلم إذا رأى الناس يعصون الله، وينتهكون حُرماته، وكُلما كان الإنسان مُحباً لله كُلما كانت غيرته أكبر. والعبد المُحب لله يلين قلبه عندما يذكر الله؛ فيبكي من خشيته، قال -تعالى-: (إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَت قُلوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ).
- الأمانة: تعدّ صفة من الصفات التي يُحبها الله -تعالى-؛ لأنّ الله أمر بأداء الأمانة ، وحذّر من الخيانة، وجعل أداء الأمانة من صفات المُفلحين.
- التوكل على الله: أعظم أعمال القلب التوكّل على الله -تعالى-، وتكون بالرضا بما قسمه الله للإنسان، فيكون مُحبّاً لله سواءً كانت الدنيا كما يُحب أو كانت كما يكره، فهو دائم الرضا والتوكّل على الله.
- العدل وعدم الإسراف: بيّن الله -تعالى- أن من الصفات التي لا يُحبّها الله صفة الإسراف، قال -تعالى-: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)؛ فالله لا يُحب من يتعدى حدوده، بارتكاب الحرام، أو المُغالاة في الحلال، فيُحب الله العبد الذي يتوسط بينهما، فيُحل ما أحل الله، ويُحرم ما حرم الله. كما أنّه -جلّ وعلا- يحبّ العدل، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، وقد أكّد الله أن صفة العدل من الصفات التي يُحبها الله، ويُحب صاحبها.
- تقوى الله: تقوى الله من أعظم الكنوز التي يتحصل عليها المؤمن، وقد وعد الله أصحابها بالخير الكثير والسعادة في الدُنيا والآخرة، ورتّب عليها الثواب العظيم، وقد عرّف بعض العُلماء التقوى بأنّها الخوف من الله باجتناب نواهيه، والإمتثال لإوامره.
- الإحسان: تكون بإحسان العبد في أقواله وأفعاله، فلا يقولُ إلا خيراً، ويبتعد عن الشر، وقد بيّن الله -تعالى- أنّه يُحب المُحسنين محبّة تليق به، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
- الحِلم: يُحب الله -تعالى- صفة الحلم، وتعني التمهّل في التصرفات، وعدم التعجل، والنظر في عواقب الأمور من حيث المفاسد والمصالح، والأخذ برأي أهل العلم.
- الرفق بالمؤمنين: يعدّ الرفق بالناس من العلامات التي يُحبها الله -تعالى-، وتتأكد هذه الصفة إذا كان الإنسان صاحب مسؤولية، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أرفق بالنّاس، وسار صحابته على نهجه من بعده، فقد كان أبو بكر أرحم الناس بالمؤمنين أيضاً.
- قيام الليل: يؤدّي قيام الليل إلى تُقريب العبد من خالقه، وتُعينه على التغلب على مُغريات الدُنيا وشهواتها؛ لما يجد فيه العبد من اللذة في طاعة الله ، والخلوة به، وقد مدح الله الذي يقوم بالليل فقال -تعالى-: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).
- سلامة الصدر: تعدّ سلامة الصدر من الأمور التي توجب محبّة الله -تعالى-، وسليم الصدر هو الذي لا يحمل حقداً على أحد، مما يجعله مُحباً لله، قال تعالى: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
- السعي إلى تحبيب الناس في الله: يكون ذلك بالإكثار من الحديث عن الله -تعالى- ونعمه أمام الناس، وأنه رؤوف بهم ورحيم بحالهم، كما أنّ الكلام عن الله -تعالى- يدفع صاحبه إلى العمل الصالح ؛ فيقول ويفعل، وقال أبو الدرداء: "إن أحبّ عباد الله إلى الله عز وجل الذين يحبون الله ويحببون الله إلى الناس".
- التسابق إلى فعل الخيرات: يكون ذلك من خلال التنافس في فعل الطاعات، فالمُحب لله لا يُريد لأحد أن يُسبقه إلى الله -تعالى-، ويحزن عندما تكون أمامه فُرصة ولا يستطيع استغلالها لسبب ما.
محبة الله للعبد
يزيد إيمان العبد بربه عند معرفته بالأسباب التي توصله إلى محبته، وبذلك تُصبح هذه الأسباب وسيلة تدفعه للتقرب إلى خالقه -سبحانه وتعالى- حتى يحبّه، وكلّما ازدادت محبّة الله -تعالى- في قلب الإنسان زاد تأثير ذلك في سلوكه، وما أعظم محبّة الله للعبدّ؛ فهي من أسمى المطالب، وطوبى لمن نال هذه المحبّة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى إذَا أحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّ فُلَانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ في السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ويُوضَعُ له القَبُولُ في أهْلِ الأرْضِ).
بعض مظاهر حب الله للصحابة
هناك العديد من مظاهر حب الله -عز وجل- للصحابة والسلف رضي الله عنهم وأرضاهم، ومن هذه المظاهر ما يأتي:
- رضا الله سبحانه على أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين بايعوه وثبتوا على ذلك في بيعة الرضوان، قال تعالى: (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا).
- تبشير أهل بدر بالرضا منه سبحانه، فقد قال تعالى: (وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّـهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجري تَحتَهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا ذلِكَ الفَوزُ العَظيمُ).
- وصفُ قرنهم بالخيريّة، وأنّ عصرهم هو خير العصور، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ).
- تبشير العديد من الصحابة بالجنّة؛ كأصحاب النبي العشرة المبشّرين بالجنة، وأهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، وبلال بن رباح، وفاطمة بنت النبي، وثابت بن قيس، وغيرهم رضي الله عنهم جميعا، يقول ابن تيمية رحمه الله: "ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة، وثابت بن قيس بن شماس، وغيرهم من الصحابة.. فقد أخبر عن كل واحد من العشرة أنه في الجنة".
- ذكرهم في القرآن الكريم والثناء عليهم، وذكر صفتهم في التوراة والإنجيل قبل أن يأتي زمانهم، قال الله سبحانه: (مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، والمقصود بقوله تعالى "كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ": أي يصفهم الله -سبحانه- كزرعٍ أخرج نباتاً صغيراً من فروعه ومن ورق هذا الزرع النابت حول أصله، فقوّى الزرع ما نبت لحُسنِه، فغلظ وبلغ غاية قوّته وطوله، وثبت على أصوله، وهو معنى قوله سبحانه: "فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ".
للمزيد من التفاصيل حول حب الله لعبده الاطّلاع على المقالات الآتية:'
- (( ما علامات حب الله للعبد )).
- (( ما آثار محبة الله للعبد )).