قوم مدين
قوم مدين
التعريف بقوم مدين
قوم مدين هم قوم نبي الله شُعيب -عليه السّلام-، عُرفوا بالقراءة، ووصفهم الله -تعالى- في القرآن فقال: (وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا)، والمراد من ذلك ما كانوا يقومون به من قراءة التلميذ على معلمه ليقوم بالتصحيح له، ويرجع أصل نسبهم إلى نبي الله إبراهيم -عليه السّلام-، وقال ابن عاشور: "وهم ذرية مَدين بن إبراهيم من زوجه «قطورة» سكَن مدين في شرق بلد الخليل كما في التوراة".
وقد جاء إليهم شُعيب بعدما هاجر من العراق وسكن بينهم ، وتحدّث بلسانهم، فصار واحداً منهم، وأنعم الله عليهم بالنعم العديدة التي شملت جميع حياتهم، فكانوا ضعفاء وقوّاهم، وكانوا فقراء فأغناهم، وكانوا قلةً فكثّرهم، إلّا أنّهم كفروا بالله، وشاع الفساد بينهم، فأرسل الله لهم شعيباً يدعوهم إلى توحيد الله وينهاهم عن هذا الإفساد.
مكان قوم مدين
سكن أهل مدين في مدينة تقع بالقرب من معان الواقعة جنوب الأردن، وإلى الشرق والجنوب الشرقي من مدينة العقبة، كما تقع بالقرب من قرى قوم لوط الذين سكنوا ناحية البحر الميت في الأردن.
صور فساد قوم مدين
تعددت صور فساد قوم مدين، ومنها:
- التطفيف في الكيل والميزان.
- بخس الناس أشيائهم، والتنقيص من قيمتها.
- الاعتداء على الناس، وظلمهم، وأكل أموالهم بغير حق، ونشر الفساد في الأرض.
- منع الناس من الاستقامة، وتخويفهم من اتباع شعيب والإيمان به.
- محاولة تغيير الدين وتحريفه وفق أهوائهم وشهواتهم.
دعوة قوم مدين إلى الإيمان
دعا شعيب -عليه السّلام- قومه إلى ترك ما هم عليه من الفساد والإفساد في الأرض، والعمل على الإصلاح الاجتماعي، وبين لهم سوء ما يقومون بفعله وآثاره من السرقة، والرشوة، والغصب، وقطع الطريق، وأخذ أموال الناس بغير حق، مما يؤدي إلى المنازعة والخصومة.
ودعاهم إلى توحيد الله -تعالى- وترك عبادة ما سواه، ونهاهم عن الإنقاص في الميزان والمكيال، قال الله -تعالى-: (قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ وَلا تَنقُصُوا المِكيالَ وَالميزانَ إِنّي أَراكُم بِخَيرٍ)، وكانت دعوته إياهم لحرصه على هدايتهم إلى الطريق الصحيح، ولخوفه عليهم من عذاب الله الأليم في الآخرة وبلائه في الدنيا.
شعيب نبي قوم مدين
ورد أنّ اسمه شعيب يثرون بن صفيون بن عنقا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم، وقيل هو شعيب بن ميكيل من ولد مدين، تقترب دعوته من دعوة لوط مكانياً وزمانياً، حيث جاءت دعوة شعيب بعد دعوة لوط مباشرة، وبحسب قول ابن عساكر إنّ أمّ شعيب هي بنت لوط، ونقل بعض المؤرخين أنّ نسب شعيب يعود إلى الكلدانيين.
و شعيب -عليه السلام- هو نبي عربي ، تميّز بالفصاحة، والبلاغة، والحكمة، وسمّاه بعض العرب خطيب الأنبياء، ولم تقتصر دعوته لقومه على توحيد الله وحسب، بل شملت دعوته على إصلاح ما أفسدوه في الأرض.
هلاك قوم مدين
أهلك الله قوم شعيب بالرجفة والصيحة والظُّلة، قال -تعالى-: (فَأَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ فَأَصبَحوا في دارِهِم جاثِمينَ)، والرجفة؛ يعني اهتزاز الأرض من تحتهم، ثمّ قال -تعالى-: (وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا شُعَيبًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ)، والصيحة؛ هي الصوت المرتفع الناتج عن اهتزاز الأرض وزلزلتها.
ثمّ أظلتهم سحابة شديدة الحرارة ناتجة عن هذه الانفجارات، فقال -تعالى-: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)، وقد اجتمعوا تحت هذه السحابة ليستظلّوا بها، فأطبقت عليهم، فاجتمع بذلك العذاب عليهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم.
خلاصة المقال: قوم مدين هم قوم النبيّ شعيب -عليه السلام- الذي لقّبته العرب بخطيب الأنبياء، كانوا يسكنون في معان جنوب الأردن، ودعاهم شعيب -عليه السلام- للإيمان بالله وترك ما هم عليه من الفساد والظلم أكل حقوق الناس، إلا أنّهم عاندوا واستكبروا وتجبّروا في الأرض، فأهلكهم الله -سبحانه-.