السرقة الأدبية

السرقة الأدبية

تعريف السرقة الأدبيّة

تتنوَّع أشكال المُؤلَّفات، والنصوص الأدبيّة، كما تتنوَّع البحوث العلميّة ، والدراسات المختلفة في شتَّى المجالات؛ ولذلك تختلف أشكال السرقات الأدبيّة، والفكريّة، ومن الجدير بالذكر أنّ أكثر أنواع السرقات الأدبيّة انتشاراً هو ما يُصيب البحوث العلميّة، وأطروحات الدراسات العُليا، علماً بأنّه يمكن تعريف السرقة الأدبية على أنّها: عمليّة التجنِّي المُتعمّد، وذلك بنِسبة الأفكار، والنصوص، والاختراعات، إلى شخص آخر غير كاتب النص الأصليّ، أو المُخترِع الأوّل، وهو شكل من أشكال الانتحال عن سَبق الإصرار، والترصُّد؛ ولذلك تُؤخَذ على محمل الجدّ في كافَّة الحالات؛ حيث تُعتبَر جريمة يُحاكم عليها القانون في معظم الدُّول العربيَة ، والأجنبيّة، أمّا في حالات السرقة الأدبيّة للأطروحات العِلميّة، وأبحاث الدراسات العُليا، فإنّ العقوبة على الجاني قد تصل إلى حرمانه من بعض المُقرَّرات، أو الفصل النهائيّ من الجامعة.

يظنُّ البعض بأنَّ السرقة الأدبيّة ظاهرة حديثة النشأة، إلّا أنّ الحقيقة عكس ذلك؛ فقد عُرِفت السرقة الأدبيّة في الشِّعر العربيّ القديم، حيث كانت المدرسة القديمة في نَقد الأدب العربيّ مُتشدِّدة في التمحيص، والتحرِّي عن السرقة الأدبيّة، حتى شَمِلت موضوع القصيدة كلِّه، أو اللفظة فيها، أو حتى المعنى، والفقرة، والعبارة، أمَّا مدرسة النَّقد الحديثة فهي أقلّ تشدُّداً من سابقتها، ويُخشى منها في انتهاجها منهجاً مُتساهِلاً في التعاطي مع التشابُه، والاقتباس، والتكرار، وتحوير الألفاظ.

قواعد تمييز السرقة الأدبيّة قديماً

صاغ النقَّاد، والشعراء قديماً مجموعة من الضوابط، والقواعد التي تُتيح لهم التفرقة بين النصِّ المسروق من سواه، فضبطوا عدداً من أنواع التكرار، والتشابُه التي تَقي صاحبها من تُهمة السرقة الأدبيّة، إذ لا يُعتبَر مَن يستخدم تلك الأنماط سارقاً، أو مُتجنِّياً على نصِّ غيره، ومنها:

  • المُشتركات: وهي ما يشترك فيه عامّة الناس من مشاعر، وهواجس، وأحوال، مثل: الحزن، والخوف، والفرح، والخيبة، والرجاء، والأمل.
  • المَرئيّات: وهي كلّ ما يراه الناس من مناظر طبيعيّة، كغروب الشمس، وشروقها، إذ إنّه منظر لا يخفى على الناس رونقه ،وبهاؤه، وقد يتشابه الكُتَّاب في وصف جمال شروق الشمس، ودفء غروبها مثلاً.
  • اتِّحاد الموضوع: فالمدح، والهجاء، والرثاء، والفخر، والامتنان، والغزل، ما هي إلّا مواضيع عامّة يشتركُ في وَصْفها، وتدوينها، وتحليلها المُؤلِّفون، والشُّعراء، قديماً، وحديثاً.
  • الشيوع: وهو التكرار، وقد عُرِف قديماً بالتداوُل؛ أي أن يتداوَل الشعراء معنىً من المعاني الدارجة، ومع تكراره، وكثرة تداوُله، يُصبح المعنى شائعاً، ومُنتشراً بين عامّة الناس.
  • الإحسان: ويُقصَد به أن يُحسِّن الشاعر، أو الكاتب، من صياغة إحدى المعاني الرديئة التي استخدمَها شاعرٌ قبله.
  • الإضافة: وهي أن تتمّ إضافة بُعدٍ جماليٍّ مُعيّن إلى معنىً سابق، فيعطيه رونقاً مختلفاً، وثِقلاً، وعُمقاً أكبر من المعنى الأصليّ الذي سبقَه.
  • النَّقض: وفيه يأتي الشاعر بمعنىً يُناقِض فيه قول شاعر آخر.
  • التوليد: وهو أن يُنشِئ الشاعر مَعانٍ جديدة من مفردات، وتراكيب سابقة، بحيث يُولِّد الاستخدام الجديد للتراكيب معنىً آخر.
  • توارُد الخواطر: حيث قد يروي شاعران وصفهما لمنظر ما، أو لشعور مُعيَّن، فيتشابه الوصفان دون علمٍ منهما، أو تَعمُّد.
  • الاستبطان: وينشأ ذلك؛ بسبب كثرة مُطالعة الشعراء، والكُتَّاب، وغزارة معرفتهم بالشِّعر، إذ قد يبني الشاعر رُؤية جديدة لتصُّور ما قد جمعه من قراءاته، واستودعها في عقله الباطن، وخياله، وحينما يستدعيها بتلقائيّة، قد ينسى أصل المصادر التي كوَّنتها فيه، وركَّبت معناها عنده.
  • الالتقاط: وهو كالاستبطان، إلّا أنَّه يُجمَع ممَّا تتناقلُه أفواه الناس، وممَّا يشيعُ على ألسنتهم من أخبار، وأوصاف، وأمثال، وحكايا.
  • التضمين والاستعانة: وهو أن يُضمِّن الشاعر بيتاً لغيره في قصيدته، مُستعيناً بتركيبه على سبيل التمثُّل، ويُشترَط أن يُمهِّد لهذا الاقتباس على أنَّه مأخوذ من غيره؛ حيث يكون بيت التمهيد للاقتباس بمثابة اعتراف خطّي بأنَّ البيت القادم في القصيدة إنَّما هو مُقتبَس من شاعر آخر.

اختيار وسائل الكَشف عن السرقة الأدبيّة

مع تزايُد عدد الصُّحف، والنشرات، والأبحاث، والمقالات ، والمُؤلَّفات، وتعدُّد وسائل النَّشر التي قد تكون ورقيّة، أو إلكترونيّة ، فإنّ عمليّة التحقُّق من حقيقة المحتوى المكتوب، أو المنقول، واكتشاف ما إن كان يحتوي على أيِّ سرقة أدبيّة يُعَدُّ أمراً صعباً؛ ولذلك ظهرت عدَّة برامج، وأدوات تُساعد على تحليل النصوص، والتحقُّق من مرجعيَّتها، ومدى أصالة محتواها، أو مدى التلاعُب فيها، وتزييف حقيقتها، حيث إنّ هناك برامج، ومواقع إلكترونيّة تُقدِّم هذه الخدمة مجّاناً، وهناك مواقع، وبرامج أخرى مدفوعة الثمن، إلّا أنّه قَبل الشروع في اختيار الموقع الإلكترونيّ، أو البرنامج الحاسوبيّ المُخصَّص لذلك، فإنّه ينبغي التحقُّق من عدد اللغات التي يُتيحُها في عمليّات البحث، إذ نجدُ أنّ هناك مواقع تُجري عمليّات بحثها ضمن 190 لغة، إضافة إلى التحقُّق من سُرعة الاستخدام، وسُهولته، حيث إنَّ بعض النُّسخ المجّانية تكون بطيئة جدّاً، ومُعقَّدة، بعكس النُّسَخ المدفوعة، كما ينبغي التأكُّد من عدد الكلمات، أو الأحرُف المسموح بإدخالها للتحقُّق منها؛ فهناك مواقع تُتيح رَفع 5000 كلمة شهريّاً، ومن الجدير بالذكر أنَّه لا بُدّ من معرفة آليَّة عمل التدقيق المعمول بها في الموقع الإلكترونيّ؛ للحصول على نتائج أكثر دقَّة، فهناك مواقع تبحث في كلّ كلمة في المقال، أو البحث المُراد التحقُّق منه، والبعض الآخر يُقسِّم المقال إلى عدَّة جُمل يتمُّ التحقُّق منها مُجتمعة، وهذا يُؤثِّر بشكل واضح في دقَّة النتائج، وصحَّتها.

خطوات لتجنُّب السرقة الأدبيَّة والحدِّ منها

فيما يلي مجموعة من النصائح لكُتَّاب الأبحاث العِلميَّة، والمُؤلِّفين؛ وذلك لحماية مؤلَّفاتهم من فخِّ السرقة الأدبيَّة:

  • المعرفة الجيِّدة بأساليب السرقة الأدبيَّة، والثغرات التي يستغلُّها المُعتَدون؛ حيث إنَّ هذه المعرفة تُشكِّل حِصناً ضدَّ الاعتداءات، بالإضافة إلى الإلمام بأدوات، وبرامج الكَشف عن السرقات الأدبيَّة، والاستعانة بها في كافَّة النصوص المكتوبة والمُدرَجة في المُؤلَّف، أو الرسالة الجامعيَّة.
  • الإلمام، والخبرة الكافية بقواعد، وقوانين كتابة البحث العِلميّ ، بما في ذلك الاستدلال، والاقتباس، والإسناد إلى المراجع الموثوقة، والتحقُّق من موثوقيَّتها.
  • عدم التعدِّي على حقوق النَّشر ؛ فالحقائق مثلاً لا تخضع لقوانين النَّشر، وبالتالي يمكن نَشْرها ضمن المُؤلَّف، إلّا أنَّ التعبير المُبتكَر في وصف حقيقة ما، أو تفسيرها، يقع ضمن دائرة حقوق النَّشْر، ولذلك فإنّه لا بُدَّ من الأخذ بالأحوط عند الشكّ، وذِكر صياغة المصدر كاملة ضمن الاقتباس.
  • العِلم بما لا تلزم نسبته إلى المصدر، مثل: الوقائع التاريخيَّة المُثبَتة، والتجارب الشخصيَّة، والأفكار الخاصَّة غير المنشورة في كتاب، أو بحث سابق، وأيضاً الأعمال الخاصَّة المُصوَّرة، أو العروض التوضيحيَّة الخاصَّة التي تمّ تقديمها، وإعدادها، وكذلك النتائج العِلميَّة التي توصَّل إليها الباحث أثناء بحثه، واستطلاعاته للرأي، وتندرج ضمن هذا البَند: المُلاحظات البديهيَّة، والفلكلور الشعبيّ، وحكايات الناس.
مزيد من المشاركات
حل المشكلة الاقتصادية في النظام المختلط

حل المشكلة الاقتصادية في النظام المختلط

النظام الاقتصادي المختلط يُعرف النظام الاقتصادي المختلط على أنه نظام يجمع بين جوانب كل من نظام الرأسمالية ، والاشتراكية، يحمي النظام الاقتصادي المختلط الملكية الخاصة، ويسمح بمستوى من الحرية الاقتصادية في استخدام رأس المال، ولكنه يسمح أيضاً للحكومات بالتدخل في الأنشطة الاقتصادية؛ من أجل تحقيق الأهداف الاجتماعية. المشكلة الاقتصادية المشكلة الاقتصادية هي المشكلة التي تتحدث عن كيفية الاستخدام الأفضل للموارد المحدودة أو النادرة؛ حيث تتواجد هذه المشكلة؛ لأنه وعلى الرغم من أن احتياجات ورغبات الناس لا
صفات الله في الإسلام

صفات الله في الإسلام

صفات الله في الإسلام الله في الإسلام هو اسم الذَّات العليَّا، وهو علم على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، وهو خالق الأكوان والوجود، وهو الإله الحق لجميع المخلوقات ولا معبود بحق إلا هو، ويؤمن المسلمون بأن الله واحد، أحد، صمد، ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد ولا والد ولا وزير له ولا مشير له، ولا عديد ولا نديد ولا قسيم، فله العزة الكاملة والجلال المُطلق والعظَمة الخالية من النقص، وهو الذي تعني تجلّت عظمته وكبريائه وملكوته عن كُل شيء. صفات الله سبحانه وتعالى في الإسلام
ماذا يسمى صوت الأفعى

ماذا يسمى صوت الأفعى

الأفعى يوجد أكثر من 3000 نوع من الأفاعي في العالم، وتمتلك الأفاعي بشكلٍ عام القدرة على العيش في بيئات متباينة؛ فبعض الأفاعي تكيّفت للعيش على الأرض، وبعضها استوطنت الأشجار، أو الماء، أو الجحور تحت الأرض، كما يُمكن للأفاعي العيش في البيئات الدافئة، والرطبة، والجافة. تفتقد الأفعى لوجود أرجل، إلا أن جسمها مكون من عدد كبير من الضلوع والفقرات التي تعوضها عن ذلك، وتمكنها من الحركة بسهولة، كما أنها تفتقد لوجود الأذن، والأجفان أيضاً. توجد للأفعى أسماء كثيرة في اللغة العربية، ومنها، الثعبان ، والأيِّم،
أسماء أدوات الهندسة المعمارية

أسماء أدوات الهندسة المعمارية

أسماء أدوات الهندسة المعمارية لا تزال أدوات الهندسة المعمارية الأساسية التقليدية شائعة الاستخدام على الرغم من التطور التكنولوجي الذي أدى إلى القيام بالرسم الهندسي بواسطة الكمبيوتر، ومن أهم الأدوات الهندسية: دفاتر الرسم (بالإنجليزية: Sketchpads)، يستخدمها المهندس المعماري لرسم المباني بقلم رصاص أو قلم جاف أو ألوان مائية، وغالباً ما تكون دفاتر الرسم ذات قياسات محددة، ويتم أحياناً إضافة الملاحظات على الرسومات، وقد بدأ استخدامها تاريخياً في أواخر القرن الثامن عشر. أقلام التحبير وأقلام رصاص ومحايات
ما هو العذاب الذي حل بقوم لوط

ما هو العذاب الذي حل بقوم لوط

العذاب الذي حلّ بقوم لوط سبب عذاب قوم لوط دعا لوطٌ -عليه السلام- قومه إلى الإيمان بالله -تعالى- وحده وترك عبادة ما سواه، وترك الفواحش التي يمارسونها؛ فقد كان قوم لوط يمارسون فاحشةً لم يسبقهم إليها أحدٌ من قَبل، وهو فعل اللواط؛ حيث كانوا يعتدون على أيّ غريبٍ ويأتون الرجال شهوةً دون النساء، ويتعاطون المنكرات في مجالسهم ونواديهم؛ فدعاهم لوط -عليه السلام- إلى ترك الفواحش والمنكرات، لكن لم يؤمن معه إلّا أهل بيته باستثناء زوجته لم تكن من المؤمنين، ورغم تعدّد أساليبه -عليه السلام- في دعوة قومه، إلا
موضوع تعبير عن إعادة التدوير

موضوع تعبير عن إعادة التدوير

موضوع تعبير عن إعادة التدوير يقصد بإعادة التدوير هو الاستفادة من المواد بأكبر قدر ممكن قبل التخلص منها وإلقاءها كنفايات، ونظرًا لأهمية هذه العملية في المحافظة على البيئة والصحة العامة، سنستعرض فيما يلي موضوع تعبيري يوضح أهمية إعادة التدوير. المقدمة تعتبر مشكلة النفايات واحدة من أكبر المشاكل في العالم، بسبب الكمية الهائلة من النفايات والتي ما زالت بازدياد، حيث إن الشخص العادي يتخلص تقريبًا بأربعة أرطال من القمامة يوميًا، وأكثر من 1.5 طن من النفايات للشخص الواحد سنويًا، وهذه النفايات تسمم تربتنا
طريقة عجينة القطايف

طريقة عجينة القطايف

القيمة الغذائيَّة للسميد القيمة الغذائيَّة 100 غرامٍ من السميد الطاقة 364 سعرةً حراريَّة البروتين 9.09 غرام الدهون 0 الكربوهيدرات 75.76 غرام الألياف 3 غرامات قطايف بكريمة الشوكولاتة المكونات مكوّنات العجينة: كوبان من الطحين الأبيض. نصف كوبٍ من السميد الناعم. ثلاث ملاعق صغيرة من البيكنج باودر. ثلاثة أكوابٍ من الماء. رشّة من البندق المجروش -للتزيين-. مكوّنات كريمة الشوكولاتة: مئتا غرامٍ من الشوكولاتة . ملعقة صغيرة من العسل. كوب من القشطة . ملعقة صغيرة من الفانيلا. طريقة التحضير تحضير العجينة:
طريقة الحنيذ في قدر الضغط

طريقة الحنيذ في قدر الضغط

الحنيذ هو أحد الأطباق التّقليدية التي تشتهر بها شبه الجزيرة العربيّة وخاصّةً اليمن، ويتمّ تَقديمه في المناسبات والولائم الكبيرة. للحنيذ طريقة طهي تميُّزه عن غيره؛ فالطّريقة التّقليدية تعتمد على طبخ الكبش الصّغير في التنّور المُعدّ داخل الأرض؛ حيث يتم وضع الحطب به حتّى يُصبح جمراً ويشتد لهيبه، ويُترك حتّى يخمد الجمر ويحتفظ التّنور بحرارته، ثمّ يتم شكِّ الكبش بسيخٍ معدني ويُعلق في التّنور وتوضع تحته أغصان من نبات السّنع والمرخ، ليكتسب اللّحم الرّائحة العطريّة لهذه الأغصان ويمنع اللّحم من