قصص عن التفاؤل والثقة بالله
قصص عن التفاؤل والثقة بالله
معنى التفاؤل والثقة بالله
التفاؤل في اللغة: هو الميل إلى النظر إلى الجانب الحسن في الأشياء والأحداث، والثقة بالله اطمئنان قلب العبد إلى مقادير الله والتسلم المطلق لها واليقين على الله بأنَّه لن يضيعه، وأنَّ ما يحصل له هو الخير وإن خُفيت عن العبد الحكمة منه، فما دام المسلم مؤمناً بالله متوكلاً عليه فلا قلق ولا خوف من سوء العاقبة.
وقد ضرب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- أروع الأمثلة في حسن الثقة بالله والاطمئنان إلى نصره في أحلك الظروف، وكان يقينه -صلى الله عليه وسلم- عاملاً حاسماً في ثبات أصحابه -رضي الله عنهم- على المحن والشدائد وطول البلاء، فكانوا يرون نصر الله لهم في الشهادة كما يرونه في هزيمة عدوهم.
الله أكبر فتحت فارس
تفصيل هذه القصة فيما يأتي:
- في السنة الخامسة للهجرة تجمعت قبائل العرب لحرب المسلمين في المدينة النبوية، واتفقت على المسير إلى عقر دار الإسلام لحصارها والقضاء عليها والتخلّص نهائياً من الإسلام الذي يهدد وجودهم، وتسامع المسلمون بذلك فتشاوروا في أمرهم، واستقر رأيهم على حفر خندق حول المدينة يمنع أحزاب الكفار من اقتحام المدينة واحتلالها.
- ومع تكاثر الأخبار القادمة من معسكر الكفار التي تُهّوِّل من شأن جيش الأحزاب، وينضم إليها إرجاف المنافقين من داخل المدينة الذين يبثون الإشاعات التي تفتك في عضد المسلمين، وفي هذا الجو المليء بالخوف الشديد بدأ المسلمون في حفر الخندق، وتعاون المسلمون جميعاً على حفره، وكان في مقدمتهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسك المعول بيده الشريفة مع أصحابه.
- وعلى الرغم من المستقبل المخيف الذي ينتظر المسلمين من هذه الحرب إلا أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع من معنويات الصحابة، ويبث اليقين بنصر الله في قلوبهم ويثبتهم ويحثهم على بذل أقصى ما يستطيعون من جهد ليكونوا مستحقين معونة الله ونصره.
- وكان قد عجز بعض المسلمين عن قلع صخرة من الصخور، فاستعانوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فأمسك الفأس وأهوى به على الصخرة مكبراً فاقتلعها وهو يردد: (فتحت فارس... فتحت الروم)، وروايات هذه الحديث وشواهده يقوي بعضها بعضاً. إنها قمة الثقة بالله وحسن الظن به في الملمات، وقد صدق الله وعده، وانهزم الأحزاب، وبلغت فتوحات المسلمين الشرق والغرب ودالت لهم الفرس والروم.
إني رسول الله ولن يضيعني الله أبداً
تفصيل هذه القصة فيما يأتي:
- في العام السادس للهجرة تجهز النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لأداء العمرة في مكة تنفيذاً لرؤيا رآها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصدّهم كفار مكة عنها، فوقّع النبي -صلى الله عليه وسلم- صلحاً مع أهل مكة.
- ينصُّ الصلح على عودة المسلمين هذا العام دون أداء العمرة، ونصَّ على أنَّ من يرتد من المسلمين إلى مكة لا يُلزم أهل مكة بإعادته أما من يلحق من أهل مكة بالمسلمين فيجب على المسلمين إعادته إلى قريش.
- شعر المسلمون بأنَّ الكفار انتصروا عليهم، فتعجبوا كيف يرضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وقد عبّر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن مشاعره في حواره مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- أخرج الإمام البخاري في صحيحه أنَّ الفاروق عمر -رضي الله عنه- قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألَسْنَا علَى الحَقِّ وهُمْ علَى البَاطِلِ؟ أليسَ قَتْلَانَا في الجَنَّةِ، وقَتْلَاهُمْ في النَّارِ؟ قالَ: بَلَى قالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا ونَرْجِعُ، ولَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بيْنَنَا، فَقالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ إنِّي رَسولُ اللَّهِ ولَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أبَدًا).
(فَرَجَعَ مُتَغَيِّظًا فَلَمْ يَصْبِرْ حتَّى جَاءَ أبَا بَكْرٍ فَقالَ: يا أبَا بَكْرٍ ألَسْنَا علَى الحَقِّ وهُمْ علَى البَاطِلِ؟ قالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ إنَّه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أبَدًا).
- وقد كان الصلح فتحاً حقاً كما أخبر عنه القرآن، فقد دخل في الإسلام آلاف الناس بعد الصلح بسبب الأمن الذي كفلته الهدنة، فتلاقى الناس وتعارفوا واجتهد الدعاة إلى الله في الدعوة إلى الإسلام، فأسلم الكثيرون، وقد خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- في ألف وأربعمئة جندي، وخرج بعد سنتين لفتح مكة في عشرة آلاف.