قصة البراء بن مالك في معركة اليمامة
البراء بن مالك
هو البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، ولد في المدينة المنورة وكان -رضي الله عنه- من الأنصار، أخوه الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه-، خادم النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، تميز الصحابي الجليل البراء بن مالك بالبطولة والإقدام، فلم يتخلف عن أي غزوةٍ أو قتالٍ في سبيل الله، فكان محبًا للجهاد والشهادة في سبيل الله، ذكر الذهبي في سِيَر أعلام النبلاء: "كتب عمر بن الخطاب ذات مرة أن لا تستعملوا البراء بن مالك على جيش من جيوش المسلمين فإنه مهْلكةٌ من المهالك يقدم بهم"، أي أنَّه -رضي الله عنه- شجاع مقدام، وكان من صفاته أنه مستجاب الدعوة : فعن أنس بن مالك أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلّّم- قال: (كم من أشعثَ أغبرَ ذي طِمرينِ لا يؤبَه لَه لو أقسمَ على اللَّهِ لأبرَّهُ منهمُ البَراءُ بنُ مالِكٍ).
بطولة البراء بن مالك في معركة اليمامة
بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ارتدّ عدد كبير من المسلمين في الجزيرة العربية، وكان من أخطرهم مسيلمة الكذاب، في حين ثبت المسلمون في مكة والمدينة، وذلك في فترة خلافة الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فتصدى -رضي الله عنه- للمرتدين، فقرر الصديق -رضي الله عنه- أن يقاتلهم، حيث أرسل جيوش المسلمين بقيادة البطل خالد بن الوليد -رضي الله عنه-؛ لمحاربتهم في منطقة اليمامة التي تقع في إقليم نجد في المملكة العربية السعودية، واسمها اليوم العارض، واستبسل المسلمون في قتال المرتدين، الذين ما لبثوا أن تراجعوا باتجاه حديقة لهم تحصنوا فيها، وقد ظنوا أنَّ أسوارها وبابها المغلق سيجعلهم آمنين، إلا أنَّ جيش المسلمين طوّق الحديقة وحاصرهم وضيَّق عليهم المنافذ، وطال حصار المرتدين، فلمعت في ذهن البراء بن مالك فكرة، فطلب من الصحابة أن يرفعوه ويلقوه من فوق سور الحديقة؛ ليفتح باب الحديقة ويُمكّن المسلمين من دخولها؛ لقتل المرتدين وقتل مسيلمة الكذاب رأس المرتدين، وقد تم ذلك، فرُفِع البراء بن مالك فوق ترس ثم رُفع التّرس وثُبِّت بالرماح ثم قَذَف به الصحابة من فوق سور الحديقة حتى تمكن من أعلى سورها، ثم ألقى نفسه فهبط عليهم وهو يكبر، ولم يزل يقاتلهم ويقاتلونه حتى تمكن من فتح باب الحديقة، فدخل المسلمون وقاتلوا المرتدين، فقتلوا عددًا منهم، وأسروا عددًا آخر، ثم دعاهم خالد -رضي الله عنه- إلى الإسلام، فعادوا جميعًا، أي: من تبقى من المرتدين، وقُتل مسيلمة الكذاب بحربة وحشيٍّ وبسيف أبي دجانة.
البراء بن مالك البطل الجريح
تفقد المسلمون صاحبهم البراء بن مالك بعد انتهاء معركة اليمامة ، فإذا في جسده -رضي الله عنه- أكثر من ثمانين جرحاً بين ضربة سيف وطعنة رمح، واستمرعلاجه بعد المعركة شهراً كاملاً، حيث كان يشرف على تمريضه الصحابي الجليل خالد بن الوليد بنفسه، قال الحافظ بن عبد البر في وصف شجاعة البراء -رضي الله عنه-: "زحف المسلمون إلى المشركين في اليمامة حتى ألجئوهم إلى الحديقة، وفيها عدو الله مسيلمة، فقال البراء: يا معشر المسلمين ألقوني عليهم، فاحتمل حتى إذا أشفر على الجدار اقتحم فقاتلهم حتى فتح على المسلمين، ودخل عليهم المسلمون ووقع به يومها بضع وثمانون جراحة من بين رمية بسهم وضربة فحمل إلى رحله يداوى".