أبرز شعراء الجاهلية الصعاليك
شِظاظ الضبي التميمي
مولى لبني تميم، ولص ضبي معروف كما جاء في القاموس المحيط للفيروز آبادي ، ومنه: أسرَقُ من شِظاظٍ، من صعاليك العصر الأموي كما جاء في عدّة كتب، صاحب مالك بن الريب الصعلوك والشاعر الأموي المعروف، وكان من أخبث الشعراء اللصوص الذين رافقوه، توفي مصلوبًا سنة 67 هـ، حيث أمر الحجاج بصلبه.
وقد ذكر صاحب الأغاني في حادثة صلبه أنّ الحجاج قد صلب رجلًا ب البصرة ، وذهب ينظر إليه، فرأى رجلًا مُقبلًا إلى الرجل المصلوب فدنا منه، فسمعه يقول له: "طال ما ركبت فأعقب"، فسأل الحجاج عن هذا الرجل فقالوا هذا شِظاظ اللص، فقال: لا جرم، والله ليُعقبنك، ثم وقف وأمر بصلبه مكان الرجل المصلوب، ومن أقواله:
مَن مُبلِغٌ فِتيانَ قَومي رَسالَةً
::: فَلا تَهلِكوا فَقرًا عَلى عِرقِ ناهِقِ
أبو خراش الهذلي
شاعر مخضرم، وهو خويلد بن مرة أحد بني هُذَيْل، وكان من فُتاك وفرسان العرب في الجاهلية، أسلم وهو شيخ كبير وحسن إسلامه يوم حُنين ، وكان ممّن يسبق الخيل عندما يعدو، توفي سنة 15 هجري في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وروي أنّ سبب موته أنّه قد مشى ليسقي ضيوفًا له من اليمن ويطعمهم، فلدغته حيّة، فعاد وأعطى ضيوفه الماء وشاة وقدرًا وقال لهم: "اطبخوا وكلوا"، ولم يخبرهم بما حلّ به، فباتوا ليلتهم وأصبحوا فإذا المنية قد وافته إثر ذلك فدفنوه، ومن أقواله:
وإني لأُثْوي الجوعَ حتى يملَّني
- فيذهبَ لم يَدْنَسْ ثيابي ولا جِرْمي
السليك بن سلكة
هو السُليك بن عمير بن يثربي بن سنان ابن عمير بن الحارث بن عمرو بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد بن مناة ابن تميم، والسلكة هي أمه، وهي أمة سوداء، وسُليك أيضًا أسود، لذلك اعتُبر من "أغربة العرب"، وهو من العدائين المعروفين بسرعتهم، وكانت تُضرب به الأمثال لسرعة عدوه، فيقال: "أعدى من السُّلَيْك".
وقيل إنّه قد تحدى في شيخوخته أربعين شابًا في السباق، فسبقهم رغم شيخوخته وارتدائه درعًا حديدية، لُقب بالرئبال وهو من أسماء الذئب ، وكان يغزو ليفتك فهو فتاك أكثر من كونه ثائرًا، فلا يُذكر أنّه قد ساعد صاحب حاجة.
لم تعرف سنة ولادة السليك، وتوفي على يد أنس بن مدرك الخثعمي نحو سنة 17 ق. هـ ولم يكن من الشعراء المرموقين في الجاهلية، ومن أقواله:
وَما نِلتُها حَتّى تَصَعلَكتُ حِقبَةً
::: وَكِدتُ لأَِسبابِ المَنيَّةِ أُعرَفُ
الشنفرى الأزدي
قحطاني النسب، وهو من عشيرة الأواس بن الحجر الأزدية اليمنية، اختلف الرواة في اسمه، وتكاد الروايات تجمع على أنّ الشنفرى هو لقبه ومعناه غليظ الشفاه، ويعد الشنفرى من أشهر الصعاليك في العصر الجاهلي، وكان من فُتاك العرب ومن عدائهم، وكانت تُضرب به الأمثال لسرعة عدوه، فقيل: "أعدى من الشنفرى".
وهو من الصعاليك الخلعاء الذين تبرأت منهم قبائلهم، ولد سنة 465 م، ومات سنة 525م، حيث قتله بنو سلامان وقطعوه، وفي رواية صلبوه، وتقول إحدى الروايات إنّه كان قد نذر أن يقتل من الأزد 100 رجل، فكان يتربص بهم حتى قتل منهم 99 رجلًا، ثم قبضوا عليه وقتلوه، وبعد مرور السنين تعثر رجل بجمجمته فعقرته فمات وبذلك يبلغ قتلاه من بني سلامان 100 رجل، ومن أقواله:
أَلا لَيتَ شِعرِيَ وَالتَلَهُّفُ ضَلَّةٌ
:::بِما ضَرَبَت كَفُّ الفَتاةِ هَجينَها
عروة بن الورد
هو عروة بن الورد بن زيد بن عبد الله بن ناشب بن هرم بن لديم بن عوذ بن غالب ابن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان، وكان يُدعى "عروة الصعاليك" لجمعه إياهم إذا لم يكن لهم معاش بعد إخفاقهم في غزواتهم.
يُنسب عروة إلى قبيلة عبس ، وفيما يتعلق بتاريخ ولادته فلم يُعرف يقينًا أو اختلافًا، وقيل إنّه مات مقتولًا على يد رجل من بني طُهية سنة 616 م، وكان عروة يُعبّر عن مثالية خُلقية رفيعة كما وصفه الدكتور شوقي ضيف، وكأنّما تحول نظام الصعلكة في أواخر العصر الجاهلي إلى نظام يُشبه الفروسية، فكانوا لا يسلبون ولا ينهبون سيدًا كريمًا، فعروة كان يغزو ليعين الفقراء والمستضعفين من أبناء قبيلته ويرفع عنهم بؤسهم وشقاءهم وحاجتهم، ومن أقواله:
ولله صعلوكٌ صحيفةُ وجههِ
- كضَوْء شِهابِ القابِس المتنوِّرِ
قيس الخزاعي
من شعراء الجاهلية، وهو قيس بن منقذ بن عمرو من بني سلول بن كعب من خزاعة، ويُعرف باسم أمه "الحُدادية" فيقال له: "قيس بن الحدادية" وهي من بني حُداد من كنانة، كان قيس من فُتاك الصعاليك، وكان شجاعًا كثير الإغارة، هو من الخلعاء الذين تبرأت منهم قبائلهم بسبب جرائرهم، وقد تبرأت منه قبيلته في سوق عكاظ .
ذُكر أنه مات مقتولًا، وفيما يتعلق بسبب مقتله قيل إنّه كان يتحدث إلى امرأة من بني سليم تُدعى أم كاهل فأغاروا عليه ومعهم زوجها، فأفلت منهم إلى ظل استراح ونام فيه، وظلوا يبحثون عنه حتى وجدوه فقاتلهم فقتلوه، وقيل إنّه قد لقي جمعًا من مزينة يريدون الغارة على بعض من يجدون من غرة، فقالوا له: استأسر، فقال: وما ينفعكم مني إذا استأسرت وأنا خليع؟ والله لو أسرتموني ثم طلبتم بي من قومي عنزًا جرباء جدماء ما أعطيتموها، فقالوا له: استأسر لا أم لك، فقال: نفسي علي أكرم من ذاك، وقاتلهم حتى قتل، ومن أقواله:
فَأُقسِمُ لَولا أَسهَمَ اِبنُ مُحَرَّقٍ
::: مَعَ اللَهِ ما أَكثَرتُ عَدَّ الأَقارِبِ
ثابت بن جابر "تأبط شرًا"
هو ثابت بن جابر بن سفيان بن عدي بن كعب بن حرب بن تميم بن سعد بن فهم ابن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار، كان من أغربة العرب لأنه كان ابن أمة سوداء، وأمه هي أميمة الفهمية، ولا يعلم عام ميلاده من الأوراق التاريخية، ولكن يمكن تقديره وفق الأحداث التي حصلت في حياته وتتعلق به أنّه ولد في سنة من القرن الخامس الميلادي، ومات عام 92 ق. هـ حيث قتل في إحدى غاراته بمنازل هُذيل .
وذكر أن أمه قد أطلقت عليه لقبه "تأبط شرًا" لأنه تأبّط سيفًا وخرج، فقيل لها: أين هو؟ فقالت: تأبط شرًا وخرج، وقيل أيضًا لقبته بذلك لأنها رأته يتأبط جرابًا مليئًا بالأفاعي، ومن الممكن أن تكون قبيلته هي التي لقبته بهذا اللقب لكثرة جناياته وجرائره، أي أنه يحمل الشر دائمًا ويريد أن ينفذه، ومن أقواله:
عاذِلَتي إِنَّ بَعضَ اللَومِ مَعنَفَةٌ
::: وَهَل مَتاعٌ وإٍن أَبقَيتُهُ باقِ
مرة بن خليف الفهمي
صعلوك من بني فهم، وهم قبيلة قيسية مضرية من القبائل العربية القديمة غرب الجزيرة العربية ، وهو شاعر جاهلي من الفرسان، كان كثير الأخبار، قيل إنّه جاهلي قديم، كان من فُتاك العرب، ولكن رثاءه لتأبط شرًا ينفي قدمه، كما قيل إنّه قد حضر مع تأبط شرًا والشنفرى حربًا مع خثعم، توفي سنة 75 ق. هـ، ومن أقواله:
إذا ما أجَازت صوفة النقب من منى
- ولاحَ قُتَار فَوقهُ سفع الدمِ
حاجز بن عوف الأزدي
هو حاجز بن عوف بن الحارث بن الأخثم بن عبد الله بن ذهل بن مالك بن سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران بن عوف بن ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد، وهو شاعر جاهلي مقل من طائفة الصعاليك، وكان من العدائين الذين اشتهروا بسرعة عدوهم رغم كونه صاحب خيل واسم فرسه "ذئبة"، وقد ذُكرت عدة مواقف أنقذته فيها قدماه، فمرة لحق به بنو عامر، فانطلق كالريح ولم ينقذه شيء من هذا المأزق إلا سرعة عدوه.
كان كثير الفرار في إغاراته، وفيما يتعلق بتاريخ ولادته ووفاته فلم تذكر الكتب التاريخية في الأدب العربي شيئًا عن ذلك، ومن أقواله:
قَوْمي سَلامانُ إما كنتِ سائِلةً
::: وفي قريشٍ كريُم الحِلْفِ والحسَبِ
الأحيمر السعدي
قال أبو علي القالي: هو الأحيمر بن فلان ابن الحارث بن يزيد السعدي، شاعر من مخضرمي الدولتين "الأموية والعباسية"، وقال ابن قتيبة : "وهو -أي الأحيمر- متأخر، وقد رآه شيوخنا"، كان كثير الجنايات فخلعه قومه، كما كان لصًا فتاكًا من أهل بادية الشام، وقيل إنّه قد تاب عن اللصوصية في أواخر حياته، توفي سنة 787م، ومن أقواله:
أشكو إلى الله صَبري عَنْ زواملِهم
- وما ألاقي إذا مَروا مِنْ الحزنِ
ظهرت طائفة الصعاليك في العصر الجاهلي ، ولم تكن حبيسة هذا العصر فقط، بل وُجِدت في العصر الأموي ، وقد أُشير في المقال إلى ذلك.