أشعار عن فلسطين لمحمود درويش
محمود درويش
أحد أهم الشعراء الفلسطينيين ولد عام 1941م في قرية البروة سافر إلى الاتحاد السوفييتي للدراسة، وساهم بتطوير وتجديد الشعر العربي، شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين واعتقل عام 1961ميلادي عدّة مرات بسبب أشعاره وكانت التهم تتعلق بتصريحاته السياسية، ولديه أكثر من 30 ديوان شعر ونثر و8 كتب، ثمّ انتقل إلى لبنان ليشغل منصب رئيس مركز الأبحاث الفلسطينية، وتوفي في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 آب عام 2008م.
عاشق من فلسطين
من أجمل قصائد الشاعر محمود درويش في حب فلسطين قصيدة عاشق من فلسطين التي عكست مقدار حبه للوطن وتغزله به وتحدث فيها عن المنفى وفقدان الوطن بسبب الهجرة:
عيونك شوكة في القلب
توجعني و أعبدها
وأحميها من الريح
وأغمدها وراء الليل والأوجاع أغمدها
فيشعل جرحها ضوء المصابيح
ويجعل حاضري غدها
أعزّ عليّ من روحي
وأنسى بعد حين في لقاء العين بالعين
بأنّا مرة كنّا وراء الباب اثنين
كلامك كان أغنية
وكنت أحاول الإنشاد
ولكن الشقاء أحاط بالشفقة الربيعيّة
كلامك كالسنونو طار من بيتي
فهاجر باب منزلنا وعتبتنا الخريفيّة
وراءك حيث شاء الشوق
و انكسرت مرايانا
فصار الحزن ألفين
رأيتك أمس في الميناء
مسافرة بلا أهل بلا زاد
ركضت إليك كالأيتام
أسأل حكمة الأجداد
لماذا تسحب البيّارة الخضراء
إلى سجن إلى منفى إلى ميناء
وتبقى رغم رحلتها
ورغم روائح الأملاح والأشواق
تبقى دائما خضراء
وأكتب في مفكرتي
أحبّ البرتقال وأكره الميناء
و أردف في مفكرتي
على الميناء
وقفت وكانت الدنيا عيون الشتاء
و قشرة البرتقال لنا وخلفي كانت الصحراء
رأيتك في جبال الشوك
راعية بلا أغنام
مطاردة و في الأطلال
وكنت حديقتي وأنا غريب الدّار
أدقّ الباب يا قلبي
على قلبي
يقوم الباب والشبّاك والإسمنت و الأحجار
رأيتك في خوابي الماء والقمح
محطّمة رأيتك في مقاهي الليل خادمة
رأيتك في شعاع الدمع و الجرح
وأنت الرئة الأخرى بصدري
أنت أنت الصوت في شفتي
وأنت الماء أنت النار
رأيتك عند باب الكهف عند الدار
معلّقة على حبل الغسيل ثياب أيتامك
رأيتك في المواقد في الشوارع
في الزرائب في دم الشمس
رأيتك في أغاني اليتم و البؤس
رأيتك ملء ملح البحر و الرمل
و كنت جميلة كالأرض كالأطفال كالفلّ
و أقسم
من رموش العين سوف أخيط منديلا
و أنقش فوقه لعينيك
و إسما حين أسقيه فؤادا ذاب ترتيلا
يمدّ عرائش الأيك
سأكتب جملة أغلى من الشهداء والقبل
فلسطينية كانت ولم تزل
فتحت الباب والشباك في ليل الأعاصير
على قمر تصلّب في ليالينا
وقلت لليلتي دوري
وراء الليل والسور
فلي وعد مع الكلمات والنور
وأنت حديقتي العذراء
ما دامت أغانينا
سيوفا حين نشرعها
وأنت وفية كالقمح
ما دامت أغانينا
سمادا حين نزرعها
وأنت كنخلة في البال
ما انكسرت لعاصفة و حطّاب
وما جزّت ضفائرها
وحوش البيد و الغاب
و لكني أنا المنفيّ خلف السور و الباب
خذني تحت عينيك
خذيني أينما كنت
خذيني كيفما كنت
أردّ إلي لون الوجه والبدن
وضوء القلب والعين
وملح الخبز واللحن
و طعم الأرض و الوطن
خذيني تحت عينيك
خذيني لوحة زيتّية في كوخ حسرات
خذيني آية من سفر مأساتي
خذيني لعبة حجرا من البيت
ليذكر جيلنا الآتي
مساربه إلى البيت
فلسطينية العينين و الوشم
فلسطينية الاسم
يوميات جرح فلسطيني
قصيدة للشاعر محمود درويش موجه خطاب إلى فدوى طوقان يتحدث بها عن فلسطين والاحتلال وأظهر حزنه الشديد لما حدث فيها، وأدى ذلك إلى جرح عميق في قلوب الفلسطينين وقلب شاعرنا:
نحن في حلِّ من التذكار
فالكرمل فينا
وعلى أهدابنا عشب الجليلِ
لا تقولي ليتنا نركض كالنهر إليها
لا تقولي
نحن في لحم بلادي وَهْيَ فينا
لم نكن قبلَ حزيرانَ كأفراخ الحمام
ولذا لم يتفتَّتْ حبنا بين السلاسلْ
نحن يا أُختاه من عشرين عام
نحن لا نكتب أشعاراً
ولكنا نقاتل
ذلك الظل الذي يسقط في عينيك
شيطان إله
جاء من شهر حزيران
لكي يعصب بالشمس الجباهْ
إنه لون شهيد
إنه طعم صلاهْ
إنه يقتل أويحيي
وفي الحالين آه
أوَّلُ الليل على عينيك كان
في فؤادي قطرةً من آخر الليل الطويل
والذي يجمعنا الساعة في هذا المكان
شارعُ العودة
من عصر الذبول
على هذه الأرض
تعتبر هذه القصيدة من أروع قصائد محمود درويش وكانت الفكرة العامة أنّ المحتل لا محالة زائل والفلسطينيون باقون في أرض فلسطين بالحاضر والمستقبل:
أيها المارون بين الكلمات العابرة
احملوا أسمائكم وانصرفوا
وأسحبوا ساعاتكم من وقتنا وانصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صور كي تعرفوا
انكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من ارضنا سقف السماء
ايها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المر مروا اينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في ارضنا ما نعمل
و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى أجسادنا
ولنا ما ليس يرضيكم هنا
حجر أو خجل
فخذوا الماضي إذا شئتم إلى سوق التحف
وأعيدوا الهيكل العظمي للهدهد إن شئتم
على صحن خزف
لنا ما ليس يرضيكم لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم وطن ينزف وشعبا ينزف
وطنا يصلح للنسيان أو للذاكرة