أشعار عن الحب والفراق
قصيدة عاد قلب الشوق إذ عدت عيده
يقول الشاعر ابن سناء الملك:
عادَ قَلبُ الْشُوقِ إِذْ عُدتَ عِيدُه
- وَوَفَى وَعْدُه وَوَافَتْ سُعُودُه
وسَقَاهُ مَاءُ الحياةِ فَمَا احْمَرّ
- مُحَيَّاً لَه ولا اخْضَرَّ عُودُه
وهنيئاً له السرورُ ولا غَر
- وَ فَمَنْ يُبدِي السُّرورَ يُعِيدُه
وهنيئاً له مِنَ الْخَلْقِ لمَّا
- جَاءَه مَنْ يَسُوسُه ويَسُودُه
من يودُّ الزَّمَانُ مِنه الرِّضَا عَنه
- ولا شَيءَ فِي الزَّمانِ يَؤُوده
مَنْ يُنيم الأَنَامَ أَمْناً ولاَ يُمسكُ
- عِقد الوجودِ إِلاَّ وُجُوده
من أَتَتْه الأَيَّامُ مُعْتذِرَات
- فأَتى صَفْحُه وَرَاحَتْ حُقُودُه
من أَقَرَّت له الملوكُ وقَالَتْ
- هُو سُلطَانُنا ونَحْن عَبيدُه
إِنَّ فَضْل الإِله جَدَّدَ للأَفـ
- ـضلِ ما قَدْ بَنَتْه قِدْماً جُدُودُه
وحَبَاه الملكَ الَّذي صدَّعَتْه
- وأَبى الله أَنْ يَتِمَّ صُدودُه
ذِيدَ عَنْ مُلْكِه الموكِّل واللهُ
- إِليه لاَ عَنْه كَان يَذُودُه
إِنَّ مِصراً ترى به إِرْثَه الأَقْـ
- ـدَمَ حَقَّاً أَثاثُه مَوْجُودُه
ملكُه عنْ أَبِيه قَدْ أَكَّدت فيه
- عَليهم عُقودُه وعُهودُه
ما عَلِيٌّ إِلاَّ سُليمانُه الأَعْـ ـ
- ظَمُ مُلْكاً ويوسفٌ دَاوُدُه
ليس هذا حَقًّا يضيعُ وَرَبُّ الـ
- ـخلقِ قاضٍ به ونَحْن شُهودُه
مصرُ عِقْدُ الزَّمانِ حُسْناً ومَا لا
- قَ بِعقدِ الزَّمانِ إِلاَّ جِيدُه
كانَ فيها كآدمٍ حين ما أُهـ
- ـبِط مِنْ جَنَّةٍ إِلَيها صُعودُه
راح مِنْها حَتَّى يعودَ كَما كا
- ن وحَتَّى يكونَ فِيها خُلُودُه
حادَ عنه المرادُ حِيناً لِكي يُعـ
- ـلَمَ مقدارُه وَيُرْوى وُرُودُه
ثم جَادَ المُرادُ والسَّعدُ يَحدو
- ه وكفُّ الآمَالِ مِنَّا تَقُودُه
خمدت نارُ مَنْ عَصاهُ ونور الـ
- ـدين هيهات ليس يخشى خموده
بعده لا عصاه عاصٍ ولا
- تَخْفِق في الخاَفِقَين إِلاَّ بُنُودُه
ورأَت فقرَها الأَنامُ إِليه
- فَدَعَتْه كَأَنَّما هُو جُودُه
ودَعا الدِّينُ رُشدَهُ وهُداهُ
- فَهو مَهْديُّه وَإلاَّ رَشيده
وأَتى مصرَ وهْي بالخلق قد ما
- دَتْ ولكَنْ أَقَرَّها تَمْهيدُه
وأَتى البَدْرُ مِنه يُعْشِي سَنَاه
- مَنْ يَراه والبحرُ يَطغَى مَدِيدُه
ومحبٌّ يشدُّ ما شَادَ مِنْه
- فهو حَقّاً عِمادُه وعَمِيدُه
جاءَه مَنْ يطبُّ ما فيه من سُقـ
- ـمٍ وقد كَانَ عَادِماً مَنْ يَعْودُه
قدَّر اللهُ كُلَّ مَا كَان حَتَّى
- عَاشَ مُنْتَابُه وَأَوْدَى حَسودُه
فَلِبَسْنَا مِنْه الجديدُ وما يخـ
- ـلَع عَنَّا الخليعَ إِلاَّ جَدِيدُه
ملكٌ طَائِعٌ لِباريه لا ينـ
- ـفَكُّ فِيه قِيامُه وقُعودُه
مَلأَ اللَّيلَ بالتَّهجُّدِ حَتَّى
- فَاض عَنْه رُكُوعُه وسُجودُه
كَمْ أَقَامَتَ عَلى العُفَاةِ لَهاه
- وأُقِيمَتْ عَلَى اللَّيالِي حُدُودُه
سيفُه في الجهادِ قَلَّده الملْـ
- ـكَ فتقليدُ مُلكِه تَقْليدُه
جَعَلَتْه أَغْنى الملوكِ ظُبَاهُ
- إِنَّما مَعْدِنُ النُّضَارِ حَدِيدُه
قدَرُ اللهِ مُلكُهُ لا يُبالي
- إِنْ تَنَاءَتْ أَوْ إِنْ تَدانَتْ جُنُودُه
فالذي قرَّ منهم قَرَّ عَيْنَاً
- والَّذِي فَرَّ لاَ يَكَادُ يَكيدُه
أَيُّ كَفٍّ مَا سوَّرتْها عَطَايا
- هُ وعنقٍ مَا قُلِّدته عُقودُه
لا ثَنَاءٌ إِلاَّ إِلَيْه تَنَاهِيـ
- ـه وفضلٌ إِلاَّ لَديه مَزيده
وهل الفَخْرُ الْفَحْمُ إِلاَّ نزيلٌ
- بِذُرَاهُ والفَقْر إِلاَّ طريدُه
كلُّ شيءٍ يُفيدُه فَهْوَ بَاقٍ
- لا تفيتُ الأيَّامُ شَيئاً يُفِيدُه
فَنِيَتْ أَبْحُرُ القريضِ وما وفَّا
- هُ وصْفاً بَسيِطُه وَمَدِيدُه
وإِذا مَادِحٌ أَتَاهُ فَمِمَّا
- أَوْجَبَ الحقُّ قَصْدَه لا قَصِيدُه
فَهَنَاه الملْكُ الجديدُ وجَدَّ
- كلَّ يومٍ مُشبَّهٌ تَجْديدُه
هنأَ العبدَ ذا الزمانُ وعيشٌ
- راحَ مَذْمومُه وجاءَ حَميده
كنتُ إِذ غبتُ عنكَ قد غابَ عَنِّي
- كُلُّ شيءٍ يُريدُني وَأُرِيدُه
كنتُ أَبْكِي دَماً وكَمْ قِيلَ هَذَا
- مَأْقُه مَا يَرَوْنَه أَوْ وَرِيدُه
جزعاً مِنْ فِرَاق مملكةِ العِزّ
- وأَنَّى يَأْتي المُرادُ بَعيدُه
كاد جسمي يَطيرُ نحوكَ لكِنْ
- طائِرُ الجِسْم خَافَ مِمَّنْ يَصِيدُه
فاستَنَاب الفُؤادَ يخدُمُ بالبا
- بِ وهَذا مِنْ عَبدِه مَجْهودُه
منعَ العبدَ أَنْ يقولَ وأَن يسـ
- ـعى إِليه خُطَّابُه وقيودُه
إِنَّ يوماً رأَيتُ فيه مُحيَّا
- كَ لَيومٌ قد قَابَلَتْنِي سُعودُه
سوف أًقْضِي فرائِضِي وأَعُد الـ
- ـجودَ حتَّى يفوتَني تَعْديدُه
أَيُّ ملكٍ يأْتيه أَيُّ مديح
- إِن يكن جعفراً فإِنِّي وَليدُه
وكما أَسْعَد الزَّمانُ بلقيا
- هُ فإِنِّي كَمَا نُعِتُّ سَعِيدُه
قصيدة أذم زماناً حال بيني وبينه
كذلك يقول ابن سناء الملك في قصيدةٍ أخرى:
أَذُمُّ زمَاناً حال بيني وبينَه
- وعوَّضَنِي مِن سَهْلِ عَيشي بصَعْبه
وأَخْرَجَنِي بالبَيْن من عَيْن مَالكي
- فيا ليتَ شِعري هَلْ حلَلْتُ بقلبه
وما أَنَا مَنْ يَشْتَاقُ تقبيلَ كفِّه
- ولكنَّني أَشْتَاقُ تقبيلَ تُرْبِه
وما أسفي إِلاَّ على قُرب ملكِه
- وما حَزَنِي إِلاَّ على مُلك قُرْبِه
ورونقُ شخْصِ الجودِ في يوم سِلمِه
- وإِشْرَاقُ وجْه النَّصر في يوم حَرْبه
وأَما الأَيادي فَهْي عِنْدي وفي يَدي
- وما غَفِلت عن طِيبِ عَيْشي وطيبه
مواردُ كانت حاضراتِ بمحضري
- ومُذ غِبْتُ فوق أَعناقِ سُحْبهِ
قصيدة لا تحسبوا أني بكيت دماً
ثم يقول:
لا تَحْسَبُوا أَنِّي بَكَيْتُ دماً
- ولئن بكيتُ فليْس بالبِدْع
لكن دَمْعِي حين قابَلَهُ
- أَلْقى شُعَاعَ الخَدِّ في دَمْعِي
قصيدة سيل أشواقي
يقول عبد الرحمن العشماوي في قصيدته:
مُقِلٌ ولكن بهمَّتي الأغنى
- فما أشتكي نقصاً ولا أشتكي غَبْنا
أميرةَ قلبي لستُ بالشاعرِ الذي
- يُقدِّمُ باليُسرى ويأخُذُ باليُمنى
ولستُ الذي أصغي لكلِّ ناعقٍ
- إذا سمعَ الأبواقَ أصغى لها الأُذُنا
ولستُ الذي يخلو من الحبِّ قلبُهُ
- ويطعنُ ظهرَ الواثقينَ بهِ طعْنا
تعلَّمتُ من صفو الحياةِ وبؤسه
- دروساً عليها ظهرُ طالبها يُحنى
فَطِنتُ إليها منذُ أنْ غرَّد الصِّب
- وحرَّكَ أشواقاً غدوتُ بهام ُضنى
وأجرى بحارالشوقِ في نبضِ خاطري
- فلا تسألي، ماذا رأينا وما ذُقنا
أُحبُّكِ لو أنَّ البلابلَ أدْركتْ
- حقيقةَ هذا الحبِّ ما ادَّخرتْ لحْنَا
ولو أنَّ حبي مدَّ للكونِ كفَّهُ
- لما قدَّرتْ ليلى هواها، ولا لُبنى
ولو أنَّ تياراً منَ السيلِ جارف
- تحدَّرَ منْ أعلى الجبالِ إلى الأدْنى
ووطَّأ أكنافَ الهضابِ وساقه
- وحوَّلها من بعدِ شدَّتها عِهْنا
وسارَ إلى طول البلادِ وعرْضه
- ولمْ يُبقِ سقفاً للبيوتِ ولا رُكنا
ولم يُبقِ للأقدامِ فيها مواضِع
- ولمْ يُبقِ للناجينَ من سيلِهِ سُكْنى
وحوَّلَ آثار البلادِ ولم يدعْ
- لأحْسنها في مُقْلتيّ ناظرٍ حُسْنا
وغيَّرها سهلاً وتلاًّ وروضةً
- ولمْ يُبقِ للأشجارِ جِذعاً ولا غُصنا
وشرَّدَ من فيها وشتَّتَ شمْلَه
- و لم يُبقِ لا إنساً عليها ولا جِنَّا
رأى سيلَ أشواقي إليكِ لأصبحتْ
- حقيقتُهُ مِمَّا رآهُ بلا معنى
وأدركَ أنَّ القلبَ بالصَّبر شامخُ
- تصبَّرَ حتَّى لمْ يُقِمْ للأسَى وزْنا
كذلكَ قلبُ الحرِّ يسمو بحبِّهِ
- ويُشرقُ نبضاً حينما يشتكي حُزْنا
أميرة قلبي لا تخافي ألمْ تري
- شوامِخَ آمالي على همَّتي تُبنى
أوجِّهُ للمولى جميعَ حوائِجي
- فما ألطف المولى الكريمَ وما أحْنى
هو الأمنُ للإنسانِ ممَّا يُخيفُهُ
- ومن لاذَ بالمولى الكريمِ رأى الأمْنَا