أشعار طويلة عن الحب
قصيدة غير منتهية في تعريف العشق
يقول نزار قباني :
- عندما قرّرتُ أن أكتب عن تجربتي في الحب فكّرت كثيراً
- ما الذي تجدي اعترافاتي؟
- وقبلي كتب الناس عن الحب كثيراً
- صوروه فوق حيطان المغارات،
- وفي أوعية الفخار والطين، قديما
- نقشوه فوق عاج الفيل في الهند
- وفوق الورق البردي في مصر وفوق الرز في الصين
- وأهدوه القرابين، وأهدوه النذورا..
- عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق تردّدت كثيراً..
- فأنا لست بقسيساً، ولا مارست تعليم التلاميذ،
- ولا أؤمن أن الورد.. مضطرّ لأن يشرح للناس العبيرا..
- ما الذي أكتب يا سيدتي؟
- إنها تجربتي وحدي.. وتعنيني أنا وحدي..
- إنها السيف الذي يثقبني وحدي..
- فأزداد مع الموت حضوراً
- عندما سافرت في بحرك يا سيدتي..
- لم أكن أنظر في خارطة البحر، ولم أحمل معي زورق مطّاط
- ولا طوق نجاة.. بل تقدّمت إلى نارك كالبوذي.. واخترت المصير
- لذتي كانت بأن أكتب بالطبشور.. عنواني على الشمس..
- وأبني فوق نهديك الجسورا
- حين أحببتك..
- لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا أصبح جمراً مستديرا
- وبأنّ السمك الخائف من صنارة الأولاد.. يأتي بالملايين ليلقي في شواطينا البذور..
- وبأن السرو قد زاد ارتفاعا.. وبأن العمر قد زاد اتساعا..
- وبأن الله.. قد عاد إلى الأرض أخيراً
- حين أحببتك
- لاحظتُ بأن الصيف يأتي.. عشر مرات إلينا كل عام..
- وبأن القمح ينمو.. عشر مرات لدينا كل يوم
- وبأن القمر الهارب من بلدتنا.. جاء يستأجر بيتاً وسريرا
- وبأن العرق الممزوج بالسكر والينسون.. قد طاب على العشق كثيرا
- حين أحببتك
- صارت ضحكة الأطفال في العالم أحلى..
- ومذاق الخبز أحلى.. وسقوط الثلج أحلى
- ومواء القطط السوداء في الشارع أحلى
- ولقاء الكف بالكف على أرصفة "الحمراء" أحلى
- والرسومات الصغيرات التي نتركها في فوطة المطعم أحلى
- وارتشاف القهوة السوداء.. والتدخين.. والسهرة في المسح ليل السبت
- والرمل الذي يبقي على أجسادنا من عطلة الأسبوع،
- واللون النحاسي على ظهرك، من بعد ارتحال الصيف، أحلى..
- والمجلات التي نمنا عليها.. وتمدّدنا.. وثرثرنا لساعات عليها
- أصبحت في أفق الذكرى طيورا
- حين أحببتك يا سيدتي طوبوا لي .. كل أشجار الأناناس بعينيك
- وآلاف الفدادين على الشمس، وأعطوني مفاتيح السماوات
- وأهدوني النياشين.. وأهدوني الحرير.
- عندما حاولت أن أكتب عن حبي.. تعذّبت كثيراً
- إنني في داخل البحر
- وإحساسي بضغط الماء لا يعرفه غير من ضاعوا بأعماق المحيطات دهورا
- ما الذي أكتب عن حبك يا سيدتي؟
- كل ما تذكره ذاكرتي.. أنني استيقظت من نومي صباحا
- لأرى نفسي أميراً
قصيدة لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي
يقول المتنبي :
لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي
- وَلِلحُبِّ ما لَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه
- ولكن من يبصر جفونك يعشق
أغرك مني أن حبك قاتلي
- وأنك مهما تأمري القلب يفعل
يهواك ما عشت القلب فإن أمت
- يتبع صداي صداك في الأقبر
أنت النعيم لقلبي والعذاب له
- فما أمرّك في قلبي وأحلاك
وما عجبي موت المحبين في الهوى
- ولكن بقاء العاشقين عجيب
لقد دبّ الهوى لك في فؤادي
- دبيب دم الحياة إلى عروقي
خليلي فيما عشتما هل رأيتما قتيلاً
- بكى من حب قاتله قبلي لو كان قلبي
معي ما اخترت غيركم ولا
- رضيت سواكم في الهوى بدلاً
فيا ليت هذا الحب يعشق مرة
- فيعلم ما يلقى المحب من الهجر
عيناكِ نازلتا القلوب فكلها
- إما جريح أو مصاب المقتل
وإني لأهوى النوم في غير حينه
- لعل لقاء في المنام يكون
ولولا الهوى ما ذلّ في الأرض عاشق
- ولكن عزيز العاشقين ذليل
قصيدة عذبةٌ أنتِ كالطفولة
يقول أبو القاسم الشابي :
عذبة أنت كالطفولة كالأح
- لام كاللحن كالصباح الجديد
كالسَّماء الضَّحُوكِ كاللَّيلَةِ القمراءِ
- ك الوردِ كابتسامِ الوليدِ
يا لها مِنْ وَداعةٍ وجمالٍ
- وشَبابٍ مُنعَّمٍ أُمْلُودِ
يا لها من طهارةٍ تبعثُ التَّقدي
- سَ في مهجَةِ الشَّقيِّ العنيدِ
يا لها رقَّةً تَكادُ يَرفُّ الوَرْ
- دُ منها في الصَّخْرَةِ الجُلْمودِ
أَيُّ شيءٍ تُراكِ هلْ أَنْتِ فينيسُ
- تَهادتْ بَيْنَ الوَرَى مِنْ جديدِ
لتُعيدَ الشَّبابَ والفرحَ المعس
- ولَ للعالمِ التَّعيسِ العميدِ
أَم ملاكُ الفردوس جاءَ إلى الأَر
- ضِ ليُحيي روحَ السَّلامِ العهيدِ
أَنتِ مَا أَنتِ أَنْتِ رسمٌ جميلٌ
- عبقريٌّ من فنِّ هذا الوُجُودِ
فيكِ مَا فيهِ من غموضٍ وعُمْقٍ
- وجَمَالٍ مقَدَّسٍ معبودِ
أنتِ مَا أنتِ أَنتِ فجرٌ من السّحرِ
- تجلَّى لقلبيَ المعمودِ
فأراه الحَيَاةَ في مُونِقِ الحُسْنِ
- وجلّى له خفايا الخلودِ
أَنتِ روحُ الرَّبيعِ تختالُ ف
- ي الدُّنيا فتهتزُّ رائعاتُ الورودِ
وتهبُّ الحَيَاة سَكرى من العِط
- رِ ويدْوي الوُجُودُ بالتَّغريدِ
كلَّما أَبْصَرَتْكِ عينايَ تمشينَ
- بخطوٍ موقَّعٍ كالنَّشيدِ
خَفَقَ القلبَ للحياة ورفَّ الزَّه
- رُ في حقلِ عمريَ المجرودِ
وانتشتْ روحيَ الكئيبَةُ بالحبِّ
- وغنَّتْ كالبلبلِ الغِرِّيدِ
وقال أيضًا:
عيناكِ نازلتا القلوب فكلها
- إما جريح أو مصاب المقتل
وإني لأهوى النوم في غير حينه
- لعل لقاء في المنام يكون
ولولا الهوى ما ذلّ في الأرض عاشق
- ولكن عزيز العاشقين ذليل
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
- ما الحب إلّا للحبيب الأول
إذا شئت أن تلقى المحاسن كلها
- ففي وجه من تهوى جميع المحاسن
لا تحارب بناظريك فؤادي
- فضعيفان يغلبان قوياً
إذا ما رأت عيني جمالك مقبلاً
- وحقك يا روحي سكرت بلا شرب
كتب الدمع بخدي عهده لهوى
- والشوق يملي ما كتب
أحبك حبين حب الهوى
- وحباً لأنك أهل لذاك
رأيت بها بدراً على الأرض ماشياً
- ولم أرَ بدراً قط يمشي على الأرض
قصيدة كَأَنَّما طَرَقَت لَيلى مُعَهَّدةً
يقول أبو وجزة السعدي:
كَأَنَّما طَرَقَت لَيلى مُعَهَّدةً
- مِنَ الرِياضِ وَلاها عارِضٌ تَرِعُ
طافَت بِها ذاتُ أَلوانٍ مُشَبَّهة
- ذَريعَة الجِنِّ لا تُعطي وَلا تَدَعُ
وَالخائِعُ الجَونُ آتٍ عَن شَمائِلِهِم
- وَنائِعُ النَعفِ عَن أَيمانِهِم يَفَعُ
فَما أَرَدنا بِها من خُلَّةٍ بَدَلاً
- وَلا بِها رَقَصَ الواشينَ نَستَمِعُ
سَلَّ الهَوى وَلباناتُ الفُؤادِ بِها
- وَالقَلبُ شاكي الهَوى مِن حُبِّها شَكِعُ
كَأَنَّهُم يَومَ ذي الغرّاءِ حينَ غَدَت
- نُكباً جِمالُهُمُ لِلبَينِ فَاِندَفَعوا
لَم يُصبِحِ القَومُ جيراناً فَكُلُّ نَوى
- بِالناسِ لا صَدعَ فيها سَوفَ تَنصدِعُ
قصيدة قِف بِالدِيارِ وَصِح إِلى بَيداها
يقول عنترة بن شداد :
قِف بِالدِيارِ وَصِح إِلى بَيداها
- فَعَسى الدِيارُ تُجيبُ مَن ناداها
دارٌ يَفوحُ المِسكُ مِن عَرَصاتِها
- وَالعودُ وَالنَدُّ الذَكِيُّ جَناها
دارٌ لِعَبلَةَ شَطَّ عَنكَ مَزارُه
- وَنَأَت لَعَمري ما أَراكَ تَراها
ما بالُ عَينِكَ لا تَمُلُّ مِنَ البُكا
- رَمَدٌ بِعَينِكَ أَم جَفاكَ كَراها
يا صاحِبي قِف بِالمَطايا ساعَةً
- في دارِ عَبلَةَ سائِلاً مَغناها
أَم كَيفَ تَسأَلُ دِمنَةً عادِيَّةً
- سَفَتِ الجُنوبِ دِمانَها وَثَراها
يا عَبلَ قَد هامَ الفُؤادُ بِذِكرِكُم
- وَأَرى دُيوني ما يَحُلُّ قَضاها
يا عَبلَ إِن تَبكي عَلَيَّ بِحُرقَةٍ
- فَلَطالَما بَكَتِ الرِجالُ نِساها
يا عَبلَ إِنّي في الكَريهَةِ ضَيغَمٌ
- شَرِسٌ إِذا ما الطَعنُ شَقَّ جِباها
وَدَنَت كِباشٌ مِن كِباشٍ تَصطَلي
- نارَ الكَريهَةِ أَو تَخوضُ لَظاها
وَدَنا الشُجاعُ مِنَ الشُجاعِ وَأُشرِعَت
- سُمرُ الرِماحِ عَلى اِختِلافِ قَناها
فَهُناكَ أَطعَنُ في الوَغى فُرسانَها
- طَعناً يَشُقُّ قُلوبَها وَكُلاها
وَسَلي الفَوارِسَ يُخبِروكِ بِهِمَّتي
- وَمَواقِفي في الحَربِ حينَ أَطاها
وَأَزيدُها مِن نارِ حَربي شُعلَةً
- وَأُثيرُها حَتّى تَدورَ رَحاها
وَأَكُرُّ فيهِم في لَهيبِ شُعاعِها
- وَأَكونُ أَوَّلَ واقِدٍ بِصَلاها
وَأَكونُ أَوَّلَ ضارِبٍ بِمُهَنَّدٍ
- يَفري الجَماجِمَ لا يُريدُ سِواها
وَأَكونُ أَوَّلَ فارِسٍ يَغشى الوَغى
- فَأَقودُ أَوَّلَ فارِسٍ يَغشاها
وَالخَيلُ تَعلَمُ وَالفَوارِسُ أَنَّني
- شَيخُ الحُروبِ وَكَهلُها وَفَتاها
يا عَبلَ كَم مِن فارِسٍ خَلَّيتَهُ
- في وَسطِ رابِيَةٍ يَعُدُّ حَصاها
يا عَبلَ كَم مِن حُرَّةٍ خَلَّيتُها
- تَبكي وَتَنعى بَعلَها وَأَخاها
يا عَبلَ كَم مِن مُهرَةٍ غادَرتُها
- مِن بَعدِ صاحِبِها تَجُرُّ خُطاها
يا عَبلَ لَو أَنّي لَقيتُ كَتيبَةً
- سَبعينَ أَلفاً ما رَهِبتُ لِقاها
وَأَنا المَنِيَّةُ وَاِبنُ كُلِّ مَنِيَّةٍ
- وَسَوادُ جِلدي ثَوبُها وَرِداها
قصيدة لعزة من أيام ذي الغصن هاجني
يقول كثير عزة :
لِعَزَّةَ مِن أَيّامِ ذي الغُصنِ هاجَني
- بَضاحي قَرارِ الرَوضَتَينِ رُسومُ
فَروضَةُ أَلجامٍ تَهيجُ لِيَ البُكا
- وَرَوضاتُ شوطى عَهدُهُنَّ قَديمُ
هِيَ الدارُ وَحشاً غَيرَ أَن قَد يَحِلُّها
- وَيَغنى بِها شَخصٌ عَلَيَّ كَريمُ
فَما بِرِباعِ الدارِ أَن كُنتُ عالِماً
- وَلا بِمَحَلِّ الغانِياتِ أَهيمُ
سَأَلتُ حَكيماً أَينَ صارَت بِها النَوى
- فَخَبَّرَني ما لا أُحِبُّ حَكيمُ
أَجَدّوا فَأَمّا آلُ عَزَّةَ غَدوَةً
- فَبانوا وَأَمّا واسِطٌ فَمُقيمُ
فمضى لِلنَوى لا بارَكَ اللَهُ في النَوى
- وَعَهدُ النَوى عِندَ المُحِبِّ ذَميمُ
لَعَمري لَئِن كانَ الفُؤادُ مِنَ النَوى
- بَغى سَقَماً إِنّي إِذَن لَسَقيمُ
فَإِمّا تَرَيني اليَومَ أُبدي جَلادَةً
- فَإِنّي لَعَمري تحتَ ذاكَ كَليمُ
وَما ظَعَنَت طَوعاً وَلَكِن أَزالَها
- زَمانٌ نَبا بِالصالِحينَ مَشومُ
فَواحَزنا لَمّا تَفَرَّقَ واسِطٌ
- وَأَهلُ الَّتي أَهذي بِها وَأَحومُ
وَقالَ لِيَ البَلاغُ وَيحَكَ إِنَّها
- بِغَيرِكَ حَقّاً يا كَثيرُ تَهيمُ
أَتَشخَصُ والشخص الَّذي أَنتَ عادِلُ
- بِهِ الخُلدَ بِينَ العائِداتِ سَقيمُ
يُذَكِّرُنيها كُلُّ ريحٍ مَريضَةٍ
- لَها بِالتِلاعِ القاوِياتِ نَسيمُ
تَمُرُّ السُنونَ الماضِياتُ وَلا أَرى
- بِصَحنِ الشَبا أَطلالَهُنَّ تَريمُ
وَلَستُ اِبنَةَ الضَمرِيِّ مِنكَ بِناقِمٍ
- ذُنوبَ العِدى إِنّي إِذَن لَظَلومُ
وَإِنّي لَذو وَجدٍ لَئِن عادَ وَصلُها
- وَإِنّي عَلى رَبّي إِذَن لَكَريمُ
إِذا بَرَقَت نَحوَ البُوَيبِ سَحابَةٌ
- لِعَينَيكَ مِنها لا تَجِفُّ سُجومُ
وَلَستُ بِراءٍ نَحوَ مِصرَ سَحابَةً
- وَإِن بَعُدَت إِلّا قَعَدتُ أَشيمُ
فَقَد يوجَدُ النَكسُ الدَنِيُّ عَنِ الهَوى
- عَزوفاً وَيَصبو المَرءُ وَهوَ كَريمُ
وَقالَ خَليلي ما لَها إِذ لَقيتَها
- غَداةَ الشَبا فيها عَلَيكَ وُجومُ
فَقُلتُ لَهُ إِنَّ المَوَدَّةَ بَينَنا
- عَلى غَيرِ فحشٍ وَالصَفاءُ قَديمُ
وَإِنّي وَإِن أَعرَضتُ عَنها تَجَلُّداً
- عَلى العَهدِ فيما بَينَنا لَمُقيمُ
وَإِنَّ زَماناً فَرَّقَ الدَهرَ بَينَنا
- وَبَينَكُم في صَرفِهِ لَمَشومُ
أَفي الدَينِ هَذا إِنَّ قَلبَك سالِمٌ
- صَحيحٌ وَقَلبي مِن هَواكِ سَقيمُ
وَإِنَّ بِجَوفي مِنكِ داءٌ مُخامِراً
- وَجَوفُكِ مِمّا بي عَلَيك سَليمُ
لَعَمرُكِ ما أَنصَفتِني في مَوَدَّتي
- وَلَكِنَّني يا عَزُّ عَنكِ حَليمُ
عَلَيَّ دِماءُ البُدنِ إِن كانَ حُبُّها
- عَلى النَأيِ أَو طولَ الزَمانِ يَريمُ
وَأُقسِمُ ما اِستَبدَلتُ بَعدَكِ خُلَّةً
- وَلا لَكِ عِندي في الفُؤادِ قَسيمُ