فوائد النكاح للمراة
إشباع غريزة الأمومة لدى المرأة بوجه شرعي
يعدُّّ الزَّواج الطريقة الشرعيّة الأساسيَّة التي يتوجَّه إليها الإنسان من أجل إشباع الفطرة التي فطره الله -عزَّ وجل- عليها ليكون أباً أو أمّاً، كما يتوجَّه إليه المسلم ليتجنّب الوقوع فيما حرَّمه الله -عز وجل- من الفاحشة والزِّنا، ففي الزواح عِفّةُ للنَّفس، ووسيلة للتناسل والإنجاب والمحافظة على الأنساب، وإذا كانت النيَّة من الزَّواج عفاف النَّفس عن الحرام كان جماع كلٍّ من الزَّوجين للآخر صدقةً له.
ويتبعه الأجر والثَّواب العظيم في حال كان الولد صالحاً، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له)، والزَّواج هو السَّبب الذي يقوم عليه بقاء الجنس البشريِّ، وقد أثبتت دراسات علم النَّفس من خلال البحث من قبل علماء النَّفس السلوكيين أنَّ حاجة المرأة إلى الأمومة تفوق حاجتها إلى غيرها من الغرائز التي وضعها الله -تعالى- فيها؛ كالجوع، والجنس، وغير ذلك.
حصول العفة والسكينة والمودة لدى المرأة بالزواج
قد يوسوس الشيطان ويُزيّن للمرأة الوقوع في الفاحشة؛ أي الزّنا، وهو أمرٌ عظيمٌ عند الله -تعالى- قرن بينه وبين القتل في قوله: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا)، لذا فإن الزَّواج عفَّةٌ للزَّوج والزَّوجة وحصانةٌ لهما من الشَّيطان ووساوسه، وصيانةٌ للفرج ومنعه عن الحرام، وإذا تحقَّق النِّكاح الشّرعي كانت الأُلفة والرَّحمة والسَّكينة بين الزَّوجين لتكوِّن أسرةً متحابَّةً مترابطةً، خاليةً من الأمراض النَّاتجة عن الوقوع في الحرام، وتستمرُّ الأسرة على هذا الحال من الأُلفة والمحبَّة، فيقوم الزَّوج بواجبه في العمل لكسب الرِّزق والإنفاق على أولاده وزوجته ، وتقوم الزَّوجة بتربية الأبناء وتنظيم أمور البيت.
ولا حرج على المرأة المتوفّى عنها زوجها أن تطلب الزَّواج مرةً أخرى وتبذل جهدها في ذلك من أجل عفَّة نفسها وغضِّ بصرها والإكثار من نسلها، ولا ينبغي على المجتمع أن يعيب عليها أو يمنعها ذلك، فالمرأة تحتاج إلى الرَّجل من أجل أن تسكن إليه، وهو كذلك، وهو ما عبَّر عن القرآن الكريم في قول الله -تعالى-: (خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)، فالسكينة المتمثِّلة بالزَّواج تشمل الرَّاحة، والطمأنينة، والمتعة، والأمان.
حصول المرأة على الأجر العظيم
تنال المرأة أجر المجاهد في سبيل الله في حال قامت بواجبها تجاه زوجها وأبنائها وبيتها على الوجه الذي أمرها الله -تعالى- به، وقد روى عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (إذا صَلَّتْ المرأةُ خمسَها، وصامَتْ شَهْرَها، وحفظَتْ فَرْجَها، وأَطَاعَتْ زَوْجَها، قيل لها: ادْخُلِي الجنةَ من أَيِّ أبوابِ الجنةِ شِئْتِ)، فالحديث ينصُّ على أنَّ المرأة الحريصة على أداء الصَّلوات المفروضة، والتي تؤدِّي صيام رمضان، وتحافظ على فرجها ممَّا حرَّمه الله -تعالى-، و تطيع زوجها في غير معصية الله -تعالى- ، مع حرصها على اجتناب كبائر الذُّنوب؛ فذلك من أسباب دخولها الجنَّة برفقة السَّابقين الأوَّلين بإذن الله.
إشباع حاجة المرأة بالتجمل والتزين للزوج
خلق الله -سبحانه وتعالى- المرأة وأودع فيها حبَّ التَّزيُّن والتَّجمُّل، وجعل ذلك أمراً فطريّاً فيها لتكون محبّبة إلى زوجها، وبناءً على هذه الفطرة فقد أحلَّ الله -عزًَ وجل- لها أن تلبس ما يزيِّنها من الحرير والذَّهب، وحرَّم ذلك على الرِّجال لما فيه من التَّشبُّه بالنِّساء، ومن فطرتها أنَّها تحبِّ لبس الألوان الزَّاهية واللّامعة، كما أنَّها تحبُّ الجمال والحُسن، وميَّزها بملابسها التي تظهر صفتها ومظهرها، وخلقها بصورةٍ تجعل الرَّجل ينجذب نحوها؛ كصوتها النَّاعم، وجسدها الرَّقيق، وشعرها المنسدل من رأسها، وانعدام هذا الشَّعر على بعض أعضائها كالوجه مثلاً؛ لأنَّ وجود الشَّعر على وجهها ينافي أنوثتها وحسنها، وكلُّ ذلك يتلاءم مع فطرتها وغريزتها.
ومنه أيضاً ما أباح لها الإسلام من ثقب أذنها لتضع الحلق، وهو من الحلية والزِّينة المشروعة في حقِّها، بالإضافة إلى خضب يديها بالحنَّاء، ووضع الخرز والزينة على شعرها، وغيرها ممَّا فيه من الزِّينة لها، وقد روى أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (أُحِلَّ لإناثِ أُمَّتي الحَريرُ والذَّهبُ، وحُرِّمَ على ذُكورِها).
أمَّا المحرَّم في حقِّها فمنه ما تقوم به المرأة من إظهار زينتها وحليِّها لمن لا يحل له النَّظر إلى ذلك، والتطيّبُ والتَّعطُّر والخروج به، والميل أثناء المشي والتبختر، ولبس ما يكون شفّافاً أو يصف جسدها وهيئتها وحجمها، فيجعلها محلّاً لإثارة الشَّهوات وجلب من لا يحل له إليها، وهذا ممَّا وقع الإجماع من العلماء على حرمته إن كان لغير الزَّوج والمحارم، قال الله -تعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَ)، وقال -تعالى-: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ) ، وذلك ليلغي ما كانت عليه النِّساء في الجاهلية من الخروج بزينتهنَّ وطيبهنَّ، والتبختر والتَّمايل في المشي، ممَّا يجعلهنَّ فتنة للرِّجال بسبب ذلك، وقد وضع الإسلام القواعد للنِّساء الكبيرات في السنِّ، فقال -تعالى-: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ)، فجاء الإسلام ليلغي التبرّج حفاظاً على كلٍّ من الرِّجال والنِّساء.