فضل صلاة العصر
فَضْل صلاة العصْر
لصلاة العصر العديد من الفضائل التي وردت في الكتاب والسنة، ومنها:
- صلاة العصْرهي الصلاة الوُسطى التي خصّها الله -سُبحانه وتعالى- بالذِّكر في كتابه الحكيم؛ تشريفاً لها، وتمييزاً وتفضيلاً لها على غيرها، وأمر بالمحافظة عليها، فقال -سُبحانه-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ)، وممّا يدلُّ على أنّ الصلاة الوُسطى هي صلاة العَصْر؛ قَوْلُ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يوم الخندق: (مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وبُيُوتَهُمْ نَارًا، كما شَغَلُونَا عن صَلَاةِ الوُسْطَى حتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ وهي صَلَاةُ العَصْرِ)، وقال الإمام النوويّ -رحمه الله- تعليقاً على الحديث السابق: "الَّذِي تَقْتَضِيهِ الأَْحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ: إِنَّ الصَّلاَةَ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ".
- بيَّن النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ المحافظةَ على صلاة العصر سببٌ لدخول الجنَّة ، فقال: (مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ)، والبردان هما: الصُّبح والعَصْر، وحذّر من تضييعها، والتهاونِ في أدائها، وبيّن أنّ مَن تركها فقد حبِطَ عملُه، فقال: (مَن تَرَكَ صَلَاةَ العَصْرِ فقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)، وما شُدِّدَ في أمر صلاة العصْر إلّا أنّها عُرضت على الأُمم السابقة فما قاموا بحقِّها؛ لأنَّ وقت العصر كان زمانَ سُوقهم، وأوانَ أشغالِهِم، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ هذِه الصَّلَاةَ عُرِضَتْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا، فمَن حَافَظَ عَلَيْهَا كانَ له أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَهَا حتَّى يَطْلُعَ الشَّاهِدُ وَالشَّاهِدُ: النَّجْمُ).
- ضاعف الله أجر المُحافظة على صلاة العصْر مرّتين؛ الأولى المحافظة عليها، والثانية لأدائها كسائر الصلوات، قال الحافظ ابن حجَر -رحمه الله-: "مَرَّةٌ لِفَضْلِهَا لِأَنَّهَا الْوُسْطَى، وَمَرَّةٌ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا"، وقد نبَّه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على عِظَم أجر صلاة العصْر، فقال: (إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ} [ق: 39]).
- تعبَّد الله -عزّ وجلّ- الملائكة بالاجتماع في وقت أداء صلاة العصْر؛ لُطفاً بالمؤمنين، وشهادةً لهم على إدراك خيرها، كما أخبر بذلك النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث قال: (المَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ، ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ، وصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وهو أعْلَمُ، فيَقولُ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي، فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ).
- أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ المحافظة على أداء صلاة العصْر سببٌ في الوقاية من النّار، كما ثبت في صحيح الإمام مُسلم أنّه -عليه الصلاة والسلام- قال: (لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، يَعْنِي الفَجْرَ وَالْعَصْرَ...).
الترهيب من تَرْك صلاة العصْر
حذّر الشارع الحكيم من التهاون في أداء صلاة العصْر، أو التشاغل عنها، يدلّ على لك ما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (الذي تَفُوتُهُ صَلَاةُ العَصْرِ، كَأنَّما وُتِرَ أهْلَهُ ومَالَهُ)، أي أنّ على المُسلم الحذر والخوف من تضييع أداء صلاة العصر كالخوف من تضييع الأهل والمال.
أهميّة أداء الفرائض
افترض اللهُ -سُبحانه وتعالى- على عباده عّدة فرائضَ، وجعلها أفضل القُرباتِ التي يُتقرَّب بها إليه، بل جعل أهلها القائمين بها على وجهها من أوليائِه، كما ثبت في الصحيح أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه...)، وتجدر الإشارة إلى أنّ الفرائض على درجاتٍ، فليست كلُّها مرتبةً واحدةً، وإنّ أعلاها منزلةً وأعظمَها في تقريب العبد من مولاهُ فريضةُ الصلاةِ ، كما قال -سُبحانه-: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب)، وقال النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).