فضل صلاة الصبح في المسجد
فضل صلاة الصبح في المسجد
إنّ لصلاة الصّبح في المسجد والتّبكير إليها فوائد عظيمة تعود على صاحبها، فهي تُكسب المسلم سماع الأذان والتّرديد خلف المؤذن ثم الدّعاء بعد انتهائه، كما يكسب بذلك أجر الصّلاة في جماعة، وحضور تكبيرة الإحرام، وأداء الصلاة في الصفّ الأوّل الذي قال فيه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّدَاءِ والصَّفِّ الأوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أنْ يَسْتَهِمُوا عليه لَاسْتَهَمُوا)، إضافةً إلى ما يناله المسلم من الأجر العظيم في ذهابه وعودته من المسجد.
ويُذكر أنّ رجلاً يبعد بيته عن المسجد ولا يُفوّت الصّلاة فيه أبداً، فقيل له: "لو تشتري حماراً تركبه"، فقال: "ما يسرّني أنّ بيتي قريباً من المسجد، إنّي أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي منه"، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (قدْ جَمع اللَّهُ لكَ ذلكَ كُلَّهُ)، أمّا أجر المشي إلى المسجد فهو النّور التامّ يوم القيامة ، كما بشّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بقوله: (بَشِّر المشَّائينَ في الظُّلَم إلى المساجدِ بالنُّورِ التّام يومَ القيامة)، ومن الفضائل أيضاً ما يأتي:
- صلاة الفجر والعشاء في جماعة كقيام ليلة، فعن عثمان بن عفان -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (من صلَّى العشاءَ والفجرَ في جماعةٍ كانَ كقيامِ ليلةٍ).
- المشي إلى صلاة الفجر يؤدّي إلى إقبال الله -تعالى- على عبده، وينال صاحبه أجر حجّة تامّة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن خرجَ من بيتِه متطَهرًا إلى صلاةٍ مَكتوبةٍ فأجرُه كأجرِ الحاجِّ المحرمِ، ومَن خرجَ إلى تسبيحِ الضُّحى لا ينصبُه إلَّا إيَّاهُ فأجرُه كأجرِ المعتمرِ وصلاةٌ علَى أثرِ صلاةٍ لا لغوَ بينَهما كتابٌ في علِّيِّينَ).
- صلاة الفجر في جماعة يعجب الله -تعالى- منها، لِما جاء عن عبد الله بن عمر -رضيَ الله عنهما- أنّه قال: (إنَّ اللهَ تبارك و تعالى لَيعجبُ من الصلاةِ في الجُمَعِ).
- حفظ الله -عزّ وجل- وضمانته، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثةٌ في ضمانِ اللهِ عزَّ و جلَّ: رجلٌ خرج إلى مسجدٍ من مساجدِ اللهِ عزَّ و جلَّ، و رجلٌ خرج غازيًا في سبيلِ اللهِ تعالى، و رجلٌ خرج حاجًّا).
- اتّباع الملَك برايته للماشي إلى صلاة الفجر، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن خارجٍ يَخرُجُ -يَعني مِن بَيتِه- إلَّا بِبابِه رايتانِ: رايةٌ بِيَدِ مَلَكٍ، ورايةٌ بِيَدِ شيطانٍ، فإنْ خَرَجَ لِمَا يُحِبُّ اللهَ عزَّ وجَلَّ؛ اتَّبَعَه المَلَكُ بِرايتِه، فلم يَزلْ تحتَ رايةِ المَلَكِ حتى يَرجِعَ إلى بيتِه، وإنْ خَرجَ لِمَا يُسخِطُ اللهَ؛ اتَّبَعَه الشيطانُ برايتِه، فلم يَزلْ تحتَ رايةِ الشيطانِ، حتى يَرجِعَ إلى بيتِه).
- حصول الأجر بالمشي إلى المسجد بكلّ خطوة عشر حسنات، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا تطَّهَّرَ الرَّجلُ ثمَّ أتى المسجِدَ يَرعى الصَّلاةَ، كتَب لهُ كاتِباه أو كاتبُهُ بكلِّ خُطوةٍ يَخطوها إلى المسجِدِ عشْرَ حسَناتٍ)، وكُتب له بكلّ خطوة حسنة، ومُحيَ عنه سيّئة، كما يُكتب له بكلّ خطوة صدقة ، كما في حديث النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-: (وكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ).
- الأجر الأعظم يكون في صلاة الفجر لِمن يمشي إليها من المكان الأبعد، ولِمن ينتظر الصّلاة حتى يُصلّيها مع الإمام، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَعْظَمُ النَّاسِ أجْرًا في الصَّلاةِ أبْعَدُهُمْ، فأبْعَدُهُمْ مَمْشًى والذي يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ حتَّى يُصَلِّيَها مع الإمامِ أعْظَمُ أجْرًا مِنَ الذي يُصَلِّي، ثُمَّ يَنامُ).
- إعداد الله -تعالى- لأهل الفجر منازل في الجنّة كلّما غدوا وراحوا، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن غَدَا إلى المَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ له في الجَنَّةِ نُزُلًا، كُلَّما غَدَا، أَوْ رَاحَ).
- الصّلاة في جماعة أفضل من صلاة المسلم لوحده بسبعٍ وعشرين درجة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (صَلَاةُ الرَّجُلِ في الجَمَاعَةِ تَزِيدُ علَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ)، وإذا صلّاها في فلاة -أرض الواسعة مقفرّة- بلغ أجرها أجر خمسين صلاة، كما ذُكر في الحديث الشريف: (فإنْ صَلاها بِأرضِ قِيٍّ فَأَتَمَّ رُكُوعَها و سُجُودَها تُكْتَبُ صلاتُهُ بِخمسينَ درجةً).
- الوضوء لصلاة الفجر والخروج إليها وأداؤها مع الإمام يغفر لصاحبه ذنوبه، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن توضَّأَ فأسبَغَ الوضوءَ، ثمَّ مشَى إلى صلاةٍ مكتوبةٍ فصلَّاها، غُفِر له ذنبُه).
فضل صلاة الصبح عامة
أداء صلاة الصّبح براءةٌ للمسلم من النّفاق، ذلك أنّها إحدى الصّلاتين اللّتين يتثاقل عنها المنافقون، حيث إن وقتها يكون عند الرّاحة والنّوم، فلا يستيقظ لهذا الوقت إلّا الصادق المُخلص، وقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ هاتينِ الصَّلاتينِ أثقَلُ الصَّلواتِ علَى المُنافِقينَ ولَو تعلَمونَ ما فِيهِما لأتيتُموهُما ولَو حَبوًا)، والملائكة تشهد هذه الصّلاة، وتُثني على مُؤدّيها، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ، وَصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهوأَعْلَمُ بهِمْ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ)، ودخول الجنّة، كما أنّ صلاة الفجر سببٌ لنيل عظيم الأجر والثواب، ومغفرة الذنوب، وإن كانت في وقتها فهي من أحبّ الأعمال إلى الله -تعالى-، ويكون مُصلّيها في ذمّة الله -تعالى-.
التعريف بصلاة الصبح
صلاة الفجر من صلوات النهار، حيث إنّ بداية النّهار يكون بطلوع الفجر الصّادق، وهو ما يُطلق عليه الفجر الثّاني، ونقل الإسفراييني عن طائفةٍ من العلماء أنّ الفجر لا يُعدّ من صلوات اللّيل ولا من صلوات النّهار، وإنّما هي من طلوع الفجر إلى شروق الشّمس، ونقل أيضاً عن حذيفة بن اليمان ، وأبي موسى الأشعري، وأبي مجلز، والأعمش؛ أنّ اللّيل ينتهي بطلوع الشّمس، وهو ما يكون أوّل النهار، فتعتبر صلاة الصبح من صلوات اللّيل.
واتّفق الجمهور على أفضلية أداء صلاة الفجر بوقت التغليس؛ أي وقت الظُّلمة، مستدلّين بحديث عائشة -رضيَ الله عنها- قالت: (كُنَّ نِسَاءُ المُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَاةَ الفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إلى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ، لا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الغَلَسِ)، وقال الحنفيّة بأفضليّة أدائها بعد انتشاء الضوء، وهو ما يُسمّى بوقت الإسفار، فيذهب المُصلّي إلى المسجد آمن الطّريق من أن يتعثّر بشيء، واستندوا إلى أنّ صلاتها في الإسفار يُكثِر من عدد المُصلّين، بخلاف وقت التغليس الذي يُقلّل منهم، واستثنوا من ذلك القول صلاة الفجر بمزدلفة يوم النحر ، فالأفضل أدائها وقت التغليس، وتدرك صلاة الفجر عند الشافعيّة والحنابلة بتكبيرة الإحرام، وقال الإمام أحمد إنّها تُدرك بالرّكعة الأولى.