فضل سورة الفلق
سورة الفلق
سورة الفلق من قصار السور، وعدد آياتها هو خمس آياتٍ، وقد اختلف أهل العلم في مكان نزولها، فقال الحسن وعكرمة وعطاء وجابر إنّها سورة مكيّةٌ ، وقال ابن عباس وقتادة إنّها مدنيةٌ، وغالب الروايات على أنَّ نزولها كان مبكّراً؛ أي أنَّه في مكّة، كما أنّ أسلوب السورة يسوِّغ ترجيح مكيّتها وتبكير نزولها.
فضل سورة الفلق
سورة الفلق سورةٌ عظيمةٌ وذلك لِما ترتّب عليها من الفضائل العديدة، ولعلّ من أبرزها حفظ العبد وتحصينه من كلّ شرٍ وحسدٍ، والاستعاذة من الشيطان وشروره أيضاً، ومن الحسد والعين والجنّ، وقد وردت في فضلها العديدُ من الأحاديث النبوية الشريفة يُذكر منها:
- قال النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- للصحابي عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: (يا عقبةُ أَلا أُعَلِّمُكَ سِوَرًا ما أُنْزِلَتْ في التوراةِ ولا في الزَّبُورِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الفرقانِ مثلهُنَّ، لا يأْتِيَنَّ عليكَ إلَّا قرأْتَهُنَّ فيها، قُلْ هُوَاللهُ أحدٌ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ).
- ورد عن ابن عابس الجهني -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: (يا ابنَ عابسٍ أَلَا أُخْبِرُكَ بأَفْضَلِ ما تَعَوَّذَ به المُتَعَوِّذُونَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ هاتَيْنِ السورَتَيْنِ).
- ورد عن عبد الله بن خبيب -رضي الله عنه- أنّه قال: (خرجنا في ليلةِ مَطَرٍ وظُلْمَةٍ شديدةٍ نطلبُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصليَ لنا، فأدركناه، فقال: أصليتم؟ فلم أقلْ شيئًا، فقال: قلْ. فلم أقلْ شيئًا، ثم قال: قلْ. فلم أقلْ شيئًا، ثم قال: قلْ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما أقولُ؟ قال: قل هو الله أحد والمُعَوِّذَتين حينَ تُمسي وحينَ تُصبحُ ثلاثَ مراتٍ تُكفيك مِن كلِّ شيءٍ)، ويُراد بالمعوذتين: سورتي الفلق والناس.
- ورد عن الصحابيّ الجليل أبي سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يتعوَّذُ منَ الجانِّ وعينِ الإنسانِ حتَّى نزَلتِ المعوِّذتانِ فلمَّا نزلَتا أخذَ بِهِما وترَكَ ما سواهما)، فقد كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعلِّم الصحابة الأدعية والرُقى الحافظة لهم من الشرور والسوء بإذنه -تعالى-، ومن أعظم تلك الرُقى سورة الفلق كما ورد في الحديث الشريف.
مقاصد سورة الفلق
احتوت سورة الفلق على مقاصد وحكمٍ جليلةٍ؛ ففيها تربيةٌ ربانيةٌ ليستعيذ المسلم بالله -تعالى- من أسباب المخاوف والهواجس، والشرور الظاهرة والباطنة، وذلك بالاعتماد على قدرة الله -عزَّ وجلَّ- ونبذ ما سواه، فهو خالق الكون ومدبّره، يقول الله -تعالى- : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ*مِن شَرِّ مَا خَلَقَ)، والفلق هو: الصُبح، فالله -تعالى- يُعلِّم عبادَه في سورة الفلق اللجوءَ إليه، والاستعانةَ به -عزَّ وجلَّ- من كلّ الشرورِ والمخاوف، وفيها أيضاً استعاذةٌ بالله -تعالى- من ظلمة الغاسق، أي: الليل، وورد في بعض التفاسير أنّ الغاسق إذا وقب هو: القمر إذا دخل في الكسوف، قال -تعالى-: (مِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)، وفي السورة كذلك استعاذةٌ بالله -عزَّ وجلَّ- من شر السحرة والحسدة، قال -تعالى-: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ*وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).