فضل سورة البينة
فضل سورة البينة
إنّ فضل سورة البينّة عظيم وجليل لكل مسلم، فهي توضّح جزاء من يسعى من العباد لمرضاة الله -تعالى- ويعمل صالحًا، فيفوز بلقب خير البرية في الدنيا والآخرة، وتُعدُّ منارةً للقلب إذا عرُفت أسرارها وتمَّ التدبر والتأمل في عمق معانيها، فيتعلم منها المسلم الفضائل الكثيرة التي تُوسع إدراكه وتهديه إلى طريق الحق والطريق المستقيم.
ومن الأسرار البسيطة التي يمكن أن نكشفها حول سورة البينة، أنَّ مقصد السورة في أولها يُبين ويُوضح المغزى من بعثة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وسبب نزول القرآن الكريم، وتأتي الإجابة عليها بالبينة والهدى .
ولسورة البينة فضائل عدة، وبيان بعض منها فيما يأتي:
- تغرس في قلب المسلم مشاعر الثقة والعزة بالرسول -عليه الصلاة والسلام- والحرص على السير على نهجه.
- اتخاذ القدوة الحسنة في حياة المسلم وخير قدوة للمسلم هو الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
- السعي لنيل مرضاة الله -تعالى-، والحرص على أن يفوز المسلم في الدنيا والآخرة ليكون من خير البرية.
- التمسك بدين الله واتباع أوامر الله وإقامة الصلاة حق إقامتها.
- الحرص على التواضع مع من هم أقل منزلة علمية؛ فالرسول -عليه الصلاة والسلام- قرأ على أُبي بن كعب -رضي الله عنه- ليعلم الناس التواضع .
سورة البينّة
سورة البينّة هي سورة مدنية ، عدد آياتها ثمانية آيات، وتقع في الجزء الثلاثون من جزء عمّ، ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن اليهود والنصارى وموقفهم من دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن بان لهم الحق وسطعت أنواره، وبعد أن عرفوا أوصاف النبي المبعوث آخر الزمان وكانوا ينتظرون بعثته ومجيئه، فلما بُعث خاتم الرسل كذبوا رسالته ولم يؤمنوا به.
ثم تحدثت السورة عن عنصر هام من عناصر الإيمان وهو؛ إخلاص العبادة لله -العلي العظيم-، وتحدّثت عن مصير أهل الإجرام فقد وصفهم الله -تعالى- بأنهم: "شر البرية "، وهم الكفرة من أهل الكتاب والمشركين، وتحدثت عن مصير المؤمنين كما وصفهم الله -تعالى- بأنهم: "خير البرية " وهم أصحاب المنازل العالية، وقد بشرّهم بالخلود في جنات النعيم مع النبيين، والصدّيقين، والشهداء، والصالحين.
وقد تعدّدت أسماء سورة البينّة وقد ذكر لها المفسرون ستة أسماء منها:
- البينة.
- لم يكن.
- القيّمة.
- الانفكاك.
- البريّة.
- أهل الكتاب .
الأحاديث التي ذكرت سورة البينة
من الأحاديث التي ذكرت سورة البينة ما يلي:
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه وأرضاه-، قالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- لِأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: (إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا، قالَ: وَسَمَّانِي لَكَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَبَكَى).
- عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: (إِنَّ اللهَ أمرَنِي أنْ أقرأَ عليكَ، فقرأَ عليهِ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فقرأَ فيها: إِنَّ ذاتَ الدِّينِ عندَ اللهِ: الحَنِيفِيَّةُ المُسْلِمَةُ، لا اليَهودِيَّةُ ولا النَّصْرَانِيَّةُ، مَنْ يَعْمَلْ خيرًا، فَلَنْ يُكْفَرَهُ).
- وفي رواية للإمام أحمد عن أبي حبة البدري قال: (لمَّا نزَلَتْ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} إلى آخِرِها، قال جِبريلُ صَلواتُ اللهِ عليه: يا رسولَ اللهِ، إنَّ ربَّكَ يأمُرُكَ أنْ تُقرِئَها أُبَيًّا، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأُبَيٍّ: إنَّ جِبريلَ أمَرَني أنْ أُقرِئَكَ هذه السورةَ، فقال أُبَيٌّ: أوَذُكِرْتُ ثَمَّ يا رسولَ اللهِ؟ قال: نَعَمْ، فبَكى أُبَيٌّ).
وهذه الأحاديث فيها من الفضل العظيم والرفيع لأُبي بن كعب رضي الله عنه، إذ فيها أمر من الله -سبحانه وتعالى- إلى الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- أن يقرأ على أُبي هذه السورة، وهذا يشير إلى أنه أقرأ الصحابة -رضي الله تعالى- عنهم أجمعين، فله منزلة عالية عند المسلمين وعند رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-؛ فهو صحابي جليل وأحد كتّاب الوحي وأفضل من قرأ القرآن الكريم.
ذكر ابن كثير -رحمه الله-؛ أنّ قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- على أُبي لم تكن قراءة تعلم واستذكار بل كانت قراءة إبلاغ وتثبيت، فالله -عز وجل- يتولى الصالحين ويكن معهم دائماً، ولما كان أُبي رجلاً صالحاً عبداً لله قانتاً حنيفاً؛ فالله -عز وجل- لم يتركه للشكوك والأوهام والشبهات، بل يسّر له صحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.