فائدة الشهود في عقد الزواج
فائدة الشهود في عقد الزواج
مشروعية الإشهاد على عقد النكاح (الزواج)
لقد شُرِعَ الإشهاد على عقد النكاح لكونه من ألوان الإشهارعن قيام العلاقة الزوجية الشرعية بين الرجل والمرأة، وذلك لبيان الفرق بين الزواج الشرعيّ المؤسس على الأسس الصحيحة من الشريعة الحنيفة السمحة، وبين زواج السفاح الذي يقام في الخفاء أو سرية تامة، ثم ليكون ذلك صيانة للحقوق الناتجة من قيام هذه الرابطة.
ويأتي الإشهاد لحماية الحقوق المالية، أو المرتبطة بما ينشأ عنها من الإنجاب؛ من حيث إعالته وإثبات نسبه، وغير ذلك من الحقوق، وقد ذهب كثير من الصحابة والتابعين والفقهاء والعلماء إلى شرطية الإشهاد على عقد النكاح فلا يصح ولا ينعقد إلّا بشاهدين لما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ وشاهدَيْ عَدلٍ وما كان مِن نكاحٍ على غيرِ ذلك فهو باطلٌ).
فائدة الشهود في عقد النكاح (الزواج)
ومن الفوائد والحكم لاشتراط الشهود لعقد النكاح ما يأتي:
- إظهار خطورته وأهميته.
- بيان شأنه بين الناس ومكانته وقداسته بين العقود.
- إبعاد الظن السيء والتهم الباطلة عن الزوجين.
- التفريق بين الحلال والحرام؛ فأمر الحلال الإظهار، وأمر الحرام التستر عليه عادة.
- التوثيق لأمر الزواج والاحتياط لإثباته عند الحاجة إليه.
- صيانة العقد من الجحود والنكران كما قال الشافعية.
الإشهاد في عقد النكاح (الزواج) شرط لصحته
لقد جعل الشرع الحنيف الشهود شرطاً لصحة عقد النكاح لما جاء في الحديث النبوي الشريف حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)، [6] والله -تعالى- أوجب الإشهاد في أمور ومعاملات كثيرة مثل البيع فقال -تعالى-: (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ).
وقال -تعالى-: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ)،فلما كان عقد النكاح على رأس أي عقد وتعامل كان هو أولى بحضور الشهود، والشاهدان يشهدان على قول ولي الزوجة : "زوجتك"، وعلى قول الزوج: "قبلت".
شروط شهود عقد النكاح (الزواج)
وللشهود شروط وأوصاف ينبغي توافرها حتى تقبل شهادتهم في عقد النكاح، بيانها ما يأتي:
- أن يكونا رجلين
الذكورة شرط باتفاق الفقهاء فلا تصح شهادة النساء مطلقاً ومهما بلغ عددهن، ولكن للحنفية رأيٌّ آخر فقالو: "تجوز شهادة رجل وامرأتين في عقد الزواج، كالشهادة في الأموال؛ والعلة في ذلك؛ لأنَّ المرأة أهل لتحمل الشهادة وأدائها، وإنما لم تقبل شهادتها في الحدود والقصاص فللشبهة فيها بسبب احتمال النسيان والغفلة وعدم التثبت، والحدود تدرأ بالشبهات".
- أن يكونا اثنين: فالتعدد شرط باتفاق الفقهاء، فلا ينعقد النكاح بشاهد واحد.
- أن يكونا مكلفين، فلا يصح شهادة ضعيف العقل، أو سفيه، أو مجنون، أو صغير، فلا بدّ أن يكون الشاهد مكلفاً.
- أن يكونا عدلين، فلا تصح شهادة الفاسق ناقص العدالة؛ لأن العدالة: ضدها الفسوق، ثم العدالة يُكتفى بها ولو كانت عدالة في الظاهر.
- أن يكونا سميعين ناطقين، يعني: يسمعان الكلام وينطقان.
- أن يتحقق بحضورهما معنى الإعلان والإشهار.
- أن يكونا الشاهدان حُرّين: شرط عند الجمهور غير الحنابلة، فلا يصح الزواج بشهادة عبدين.
فائدة فقهية
ويُعد اشتراط الشهادة لصحة العقد هو قول الجمهور، إلّا أنَّ المالكية اكتفوا بالإعلان، فقالوا: إذا أشهرالنكاح وأعلن فلا داعي لغيره، ولو لم يكن هناك شهود، ورأي الجمهور على أنه يجب توافر الشهود لخطورة وأهمية العقد.
وقت الشهادة لعقد النكاح (الزواج)
- قول الجمهور
ذهبوا إلى أنّ الشهادة يجب أن تكون وقت إجراء العقد، ليسمع الشهود صيغة العقد من الإيجاب والقبول عند نطقهما من قبل المتعاقدين، فإن اكتمل العقد من غير الشهادة وقع فاسداً، للحديث السابق: لما أخبر به عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ وشاهدَيْ عَدلٍ وما كان مِن نكاحٍ على غيرِ ذلك فهو باطلٌ).
وظاهره عند النكاح، وبه تتحقق الفائدة من الشهادة، ولأن الشهادة -كما قال الحنفية- "شرط ركن العقد، فيشترط وجودها عند الركن".
- قول المالكية
ذهبوا إلى أنّ الشهادة شرط لصحة الزواج، بأي وقت سواء أكانت عند انعقاد العقد، أم بعد انعقاد العقد وقبل الدخول، ويندب إليها فقط كونها عند العقد، فإن لم تصح الشهادة وقت العقد أو قبل الدخول، كان العقد فاسداً، والدخول بالمرأة أثم ومعصية، ويلزم فسخ العقد لفساده.
والشهادة عند المالكية شرط في جواز وإباحة الدخول بالمرأة، ولا يعد عندهم شرط لصحة العقد، وهذا موطن تعدد الأقوال بين المالكية وغيرهم من جماهير أهل العلم .