علم نفس المرأة
علم نفس المرأة
يُعدّ علم نفس المرأة (Feminist psychology) فرعاً من فروع علم النفس ، تتمحور فكرته في تحسين حياة النساء، ممّا ينتج عنه تحسين حياة جميع الأفراد في المجتمع، وذلك بالاعتماد على الأبحاث، والممارسات السريرية، والتوعية المجتمعية التي تهتمّ وتركّز على الفتيات والنساء، والأوضاع الاجتماعية المحيطة بهم، كما يدرس علماء النفس بشكل دائم القضايا المؤثّرة على المرأة حول العالم.
يوجد عدد من الأبحاث والنظريات التي لم تظهر الدور الإيجابي للنساء، ومن هنا برز دور علم نفس المرأة ليقدّم تصحيحات لهذه النظريات والأبحاث، إلى جانب الإقرار بوجود اختلافات بين المرأة والرجل في القدرات الاجتماعية والإدارية، وتحفيز الأفراد على تحليل مختلف المجالات الفرعية في علم النفس التي تحصر المرأة في نطاق تصوّري معيّن، ويساهم الباحث في مجال علم نفس المرأة بإجراء دراسات علمية حول سلوك المرأة، وتجاربها في المجالات الاجتماعية لمحاولة إحداث تغييرات على عدّة مستويات لتشمل؛ الأفراد، والمنظّمات، والمجتمعات.
يغطّي علم نفس المرأة عدّة مواضيع، منها ما يأتي:
- التطوّر الجسدي للأنثى خلال مراحل حياتها.
- وجهات النظر فيما يخصّ شخصية المرأة.
- الأمور المتعلّقة بصحة المرأة بشكل عام.
- حقوق المرأة الإنجابية.
- العنف ضد المرأة.
- دور المرأة في القيادة.
- العلاقات في حياة المرأة.
للتعرف أكثر على الفرق بين الرجل والمرأة في التفكير يمكنك قراءة المقال الفرق بين الرجل والمرأة في التفكير
تاريخ علم نفس المرأة
أهمل علم النفس في فترة الستينيات من القرن العشرين الميلادي كلّ ما يخصّ الدراسات المتعلّقة بالمرأة، كما أظهرها بصورة خاطئة في نظرياته وأبحاثه، ممّا استدعى مناقشة هذا الأمر، فنتج عن ذلك ظهور أبحاث جديدة حول المرأة، وطرح العديد من الأسئلة القيّمة التي تحتاج لتوضيح ومعالجة من قِبل علم النفس، فلم يعد دور النساء مقتصراً على الأبحاث والدراسات فقط، بل تعدّاه إلى إثباتهنّ لأهمية دور المرأة في المجتمع من خلال إنجازها العديد من المساهمات المهمة أثناء عملها كمعلّمة، أو طبيبة، أو غيرها.
في الستينيات من القرن العشرين الميلادي تمّ انتقاد الوضع الضعيف للمرأة في المجتمع، وكذلك القيود التي وُضعت على حياتها، كما انتُقدت المساعي المُقدّمة من العلوم الاجتماعية فيما يخصّ شؤون النساء، إذ اقتصرت هذه العلوم على مجرد منح المرأة قدراً جديداً من السلطة، في حين كان من المتوقّع منها إلغاء التحيّزات التي قيّدت حياة المرأة فيما مضى.
نتج عن عمليات التحليل الموسّعة بشأن المرأة التوصّل إلى أنّ علم النفس كان لغير صالح المرأة سابقاً، وذلك من خلال عدم نجاح الدراسات المتعلّقة بالمرأة، واعتماد منهجيات متحيّزة، وبذل جهود قليلة، فانتشرت انتقادات علماء النفس النسائيين بهدف الدعوة إلى تطوير نظريات وأساليب بعيدة عن التحيّز، ومن الجدير بالذكر أنّ التغيّرات التي طرأت على علم النفس منذ الستينيات تجلّت من خلال تطوّر علم نفس المرأة، وزيادة التركيز على البحوث المتنوّعة في هذا المجال.
مفاهيم ومبادئ قدّمها علم نفس المرأة
تطوّر علم نفس المرأة تبعاً لعدّة عوامل، ولم يقتصر ذلك التطوّر على ظهور النقد النسائي لعلم النفس السريري فحسب، بل تعدّاه ليشمل أيضاً تطوير العلاج والإرشاد النسائي، إذ انبثقت مجموعة من المنظّمات المستقلّة الخاصّة بالعلاج النسائي في بداية السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، كما ساهم علماء النفس في مجال العلاج النفسي للمرأة في تقديم وتطوير أفكار ومبادئ متعلّقة بالعلاج والإرشاد ، ومن هذه الأفكار: الشخصية السياسية المرتبطة بالتغيير الاجتماعي، والعلاقة الاستشارية المتمثّلة بالمساواة بين المريض والمعالِج، وتكريم التجارب النسائية وعدم تجاهلها أو الاستنقاص من قيمتها، وتقديم تحليل متكامل للاضطهاد والظلم، وإعادة صياغة مفاهيم الاضطراب والأمراض العقلية.
أهمية وجود منظّمات خاصّة بعلم نفس المرأة
تقوم المنظّمات المتعدّدة الخاصّة بعلم نفس المرأة مثل: منظمة BPS، أو CPA، أو APA بعدّة مهام، ممّا يجعل لوجودها أهميةً بارزة، فقد وفّرت تلك المنظّمات فرصاً مهمّة للتواصل والإرشاد بهدف تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمرأة، كما سعت ونظّمت النطاق المتاح للتعامل مع القضايا الخاصّة بها، إضافةً إلى منح الشرعية لعمل المرأة في مجال علم النفس، إذ إنّ وجود مثل تلك المنظّمات يجعل عمل المرأة مضموناً، وبالتالي لا يعود هناك حاجة لها للتسوّل، أو البحث عن القروض.
قدّمت المنظّمات الخاصّة بعلم نفس المرأة مساهمات في المجالين الأكاديمي والمهني، كما لعبت دوراً في تفعيل ممارسة علم النفس السريري، ودور المرأة في القيادة، ودعم قضايا التنوّع والأقلّيات العرقية، وتعزيز التعاون مع المنظّمات الأخرى، ويجدر بالذكر أنّ المجلّات الدورية المختصّة بعلم نفس المرأة كان لها دورٌ مهم في ضمان النشر على نطاق أوسع، فقد أقرّ المختصّون بأنّ لهذه المجلّات أهمية كبيرة في منح الشرعية لعلم نفس المرأة حتى يتمّ التعامل معه على أساس علميّ.
نساء مؤثّرات في علم نفس المرأة
يوجد عدد من النساء اللّواتي عرفوا بدورهم الرائد في تشكيل علم نفس المرأة، وفيما يأتي بعض منهم:
- ماري ويتون كالكينز: (Mary Whiton Calkins)، تعدّ ماري ويتون كالكينز واحدة من علماء نفس المرأة التي أنهت متطلّبات الدكتوراة في مجالها، إلّا أنّها لم تحصل على شهادتها المستحقّة من جامعة هارفارد لمجرد كونها امرأة، ولكنّ ذلك الأمر لم يزدها إلّا إصراراً على أن تصبح عالمة نفسية مؤثّرة، وليس ذلك فحسب بل أصبحت أيضاً أولّ رئيسة لجمعية علم النفس الأمريكية، ومن أبرز إنجازاتها كتابة ما يزيد عن مئة ورقة مهنية في مجال علم النفس، إلى جانب تميّزها في مجال علم نفس الذات.
- ماري أينسورث: (Mary Ainsworth)، تعدّ ماري أينسورث عالمة مهمّة في علم النفس التنمويّ، وقد اشتهرت بأبحاثها المرتبطة بتفاعل وتعلّق الطفل بأمه، وذلك من خلال دراسة سلوكه في حالتيّ وجود أمّه بالقرب منه أو غيابها عنه، ممّا ساهم في فهم أنماط التعلّق والارتباط، وكيفية تأثيرها مستقبلاً على السلوك.
- ليتا هولينغورث: (Leta Stetter Hollingworth)، تعدّ ليتا هولينغورث من الرياديين الأوائل في علم النفس، وقد تميّزت بأبحاثها المختصّة بالذكاء والأطفال الموهوبين، كما كان لها دور بارز في مجال علم نفس المرأة بالرغم من قِصر فترة حياتها، إذ أثبتت من خلال أبحاثها أنّ ذكاء ومستوى تفكير المرأة لا يقلّ عن الرجل، وأنّ أهليّتها دائمة وغير مرتبطة بفترات شهرية معيّنة.
- آنا فرويد: (Anna Freud)، تعدّ آنا فرويد ابنة المحلّل النفسي الشهير سيغموند فرويد، وهي واحدةً من مشاهير علماء النفس، وقد بنت على أفكار والدها، وساهمت في تطوير مجال العلاج النفسي للأطفال، كما كانت ملهِمةً للعديد من المفكّرين، ومن أهمّ إنجازاتها زيادة الاهتمام في مجال علم نفس الطفل .