عالمية الحضارة الإنسانية
الحضارة الإنسانية
طبيعة العلاقات الإنسانيَّة وتشابكاتها تقوم على مدنية التواصل، فالإنسان مدني بطبعه، وهو دائم البحث عن كل ما من شأنه الارتقاء بالعلاقات الاجتماعيَّة، والبحث عن منجزات جديدة تخدم الإنسان في علاقاته وتفاعلاته المختلفة، والمتشعِّبة في الحياة، ومن هنا جاء إطلاق الحضارة الإنسانيَّة التي تعني: كل إنتاج أو عمل تنعكس فيه الخصائص الفكريَّة، والوجدانيَّة، والسلوكيَّة للإنسان الاجتماعي الواعي في إطارات من القيم العليا، والمبادئ المثاليَّة التي تسعد البشرية جميعاً.
خصائص الحضارة الإنسانية
هناك خصائص للحضارة الإنسانيّة ومحددات لها، وكذلك فهناك سمة عالميّة للحضارة الإنسانيَّة، وقواسم مشتركة تتلاقى فيها كل الحضارات البشريَّة، بغض النظر عن الجنس والمعتقدات، كالعمران، وضروريات الحياة، والتكنولوجيا وباقي منجزات العصر، فهذه تأخذ الجانب المشترك والعالمي في الحضارة الإنسانيَّة، وهناك خصائص تتميز فيها الأمم عن بعضها في مظاهر حضاراتها المختلفة؛ فكانت هناك الحضارة الإسلاميَّة، والحضارة الغربيّة، فالحضارات تتلاقى في جوانب، وتختلف عن بعضها، وتتمايز في جوانب أخرى.
عوامل قيام الحضارة
يجب أن تنطلق أيُّ حضارة صحيحة وقويّة، وذلك بالنهوض المادي، والنهوض المعنوي، ويدخل في الأخير القيم والمبادئ الرفيعة والأخلاق، ولعلَّ هذا الجانب ما يميّز الحضارة الإسلاميَّة عن غيرها، فهي حضارة تهتم بالجوانب الفكريَّة والمعنويَّة والروحيَّة، والتي تكاد تكون معدومة في الحضارة الغربيَّة، بل كان غيابها سبباً في الانتكاسات التي لحقت بها في جوانب متعددة؛ كالعلاقات الاجتماعيّة، فالحضارة الغربيَّة ركزت على الجانب المادي وأهملت الجانب المعنوي، فكانت مبدعة في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي، لكنَّها أخفقت في باقي الجوانب، ممَّا انعكس سلباً على منظومة القيم والأخلاق المسيِّرة لحياة أفرادها، فكنَّا نجد فيها تفككاً أسرياًّ، وخواء أخلاقيَّا، وغلبة للشهوات، حيث غاب وغفل فيه الإنسان عن دوره الحقيقي في الحياة، فكانت الأمراض النفسيَّة، وارتفاع معدلات الجريمة، وانتشرت الأمراض الخطرة؛ كالايدز مثلاً الذي ظهر على خلفيَّة شذوذ العلاقات الجنسيَّة، وانحرافها عن مسارها الصحيح.
أسس الحضارة الإنسانية في الإسلام
- ارتكازها على القيم الإنسانيَّة الرفيعة والخالدة المنبثقة من العقيدة الإسلاميَّة، والفهم الصحيح للإسلام.
- انسجام التقدم العلمي والصناعي فيها مع أسس الصلاح والتقوى، والبناء والتعمير، وجعلها معياراً لكل تقدم، فالأساس هو ما يوافق قيم الدين السمحة، ويحقق العدل الإلهي، واستجابته للمصالح البشريَّة على ضوء هذا الفهم.
- استجابتها للفطرة الإنسانيَّة، وتلبيتها لمتطلبات الإنسان وميوله ورغباته، وبما يتفق مع العقيدة الإسلاميَّة.
- جعل العقيدة الإسلاميَّة أساساً ومنطلقاً لها.
- قيامها على أساس العدل والمساواة، فلا تمايز فيها بين البشر على أساس اللون أو العرق.
- الحضارة الإسلاميَّة تؤمن بالتعدديّة السياسيّة، وتكفل للفرد حريَّة الرأي والتعبير ضمن أطر عامّة، ما دام في ذلك مصلحة عامّة، أو عدم تهديد لها.