أسباب نزول سورة الكوثر
ما سبب نزول سورة الكوثر؟
ذُكر لسورة الكوثر أكثر من سبب نزول، ومن هذه الأسباب ما يأتي:
- قال ابن عباس -رضي الله عنهما- إنّ سورة الكوثر قد نزلت في العاص بن وائل، وذلك لأنّه لقي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو يخرج من المسجد فتحدّثا، فسأله جماعة من كفار قريش من كان يُحدّث، فأخبرهم أنّه كان يتحدّث مع الأبتر -يقصد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وذلك لأنّ ابنه كان قد توفي- وكانوا يسمّون من ليس له ابن ذكر بالأبتر، فنزلت سورة الكوثر.
- روي عن يزيد بن رومان أنّ العاص بن وائل كان يخبر قومه بترك رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لأنّه رجل أبتر لا عقِب له وبموته سينقطع ذكره ويستريح القوم منه بزعمهم، فنزلت سورة الكوثر ردًّا على هذا الزعم الباطل وتُبيّن من هو الأبتر.
- روى عطاء عن ابن عباس أنّ العاص بن وائل كان يمر برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيقول له: "إنّي لأشنؤك وإنّك لأبتر من الرجال" فنزل قوله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)، أي المقطوع من خير الدنيا والآخرة.
- روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه لما قدم كعب بن الأشرف -وكان أحد زعماء اليهود في المدينة- سأله كفّار قريش: هل أنت خير أهل المدينة وسيّدهم؟ فقال لهم: نعم، فقالوا له: ألا ترى هذا المنبتر من قومه يزعم أنّه خيرٌ منّا ونحن أهل الحجيج وسدانة الكعبة، فقال: أنتم خيرٌ منه، فنزل قوله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)، ونزلت آيات أخرى من سورة النساء.
- قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (بيْنَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ذَاتَ يَومٍ بيْنَ أظْهُرِنَا إذْ أغْفَى إغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: ما أضْحَكَكَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ: بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ*فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ* إنَّ شَانِئَكَ هو الأَبْتَرُ)، ثُمَّ قالَ: أتَدْرُونَ ما الكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا اللهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه نَهْرٌ وعَدَنِيهِ رَبِّي عزَّ وجلَّ، عليه خَيْرٌ كَثِيرٌ، هو حَوْضٌ تَرِدُ عليه أُمَّتي يَومَ القِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فيُخْتَلَجُ العَبْدُ منهمْ، فأقُولُ: رَبِّ، إنَّه مِن أُمَّتي فيَقولُ: ما تَدْرِي ما أحْدَثَتْ بَعْدَكَ).
ترتيب نزول سورة الكوثر
تعدّدت أقوال العلماء في وقت نزول سورة الكوثر، نتيجةً لتعدّد أقوالهم في مكان نزولها، فمن قال إنّها سورة مدنية قال إنّها نزلت عام الحديبية، ومن قال إنّها مكّية قال إنّها السورة الخامسة عشرة في ترتيب نزول سور القرآن الكريم، وقد نزلت بعد سورة العاديات وقبل سورة الكوثر.
المكان الذي نزلت فيه سورة الكوثر
قال الفيرزو آبادي إنّ سورة الكوثر هي سورة مكية أي نزلت في مكة المكرمة، ولكنّ ابن عاشور ذكر في تفسيره اختلاف أهل العلم في كون سورة الكوثر مكية أم مدنية؛ فالجمهور على أنّ سورة الكوثر سورة مكّية وحجّتهم في هذا أنّها نزلت في العاص بن وائل السهمي، فهذه الحادثة وقعت في مكة وإذا صحّ أنّها سبب نزول للسورة فستكون السورة قد نزلت أيضًا في مكة.
كما أنّ القائلين بأنّ سورة الكوثر هي سورة مدنية ومنهم الحسن البصري وقتادة ومجاهد وعكرمة -رحمهم الله- قد استدلّوا على قولهم هذا بالحديث الذي في صحيح مسلم والذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- ويذكر فيه أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- غفى إغفاءة ثمّ أخبرهم بنزول سورة الكوثر عليه، وأنس أسلم في بداية هجرة النبي إلى المدينة، وقد رجّح ابن عاشور هذا القول.
سبب تسمية سورة الكوثر بهذا الاسم
سُميّت سورة الكوثر بهذا الاسم لورود ذكر الكوثر فيها، حيث قال الله تعالى في مطلعها: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)، وقد ذكر ابن عاشور أنّها سُميّت بسورة الكوثر في جميع المصاحف، فهي من السور التي ليس لها إلّا اسم واحد، وقيل إنّها تُسمّى بسورة النحر.