أسباب ندرة المياه في شبه جزيرة العرب
ما هي أسباب ندرة المياه في شبه الجزيرة العربية؟
تعد مناطق شبه الجزيرة العربية إحدى أكثر المناطق جفافًا في العالم، فشحُّ موارد المياه المتجددة، مقارنةً مع الطلب المتزايد على المياه، أصبحت تشكّل تحديًا كبيرًا لدول شبه الجزيرة العربية، ومن أبرز أسباب ندرة المياه في هذه الدول ما يأتي:
تسارع النمو السكاني
يعد النمو السكاني في شبه الجزيرة العربية من أعلى المعدلات في العالم، وأدى النمو السكاني المرتفع إلى زيادة استهلاك المياه، وعند ارتفاع متوسط معدل النمو السكاني لا يقتصر استهلاك المياه على الاستهلاك الفردي فقط، بل يؤدي أيضًا إلى زيادة الطلب على المنتجات الصناعية والزراعية، بالإضافة الى زيادة الطلب على الطاقة.
يعود السبب في التسارع الكبير في النمو السكاني لمناطق شبه الجزيرة العربية إلى زيادة عائدات النفط، ممّا عزّز الوضع الاقتصادي، الذي بدوره حسّن من مستوى المعيشة، وأدى إلى تضاعف عدد سكان هذه المناطق، إضافةً إلى وصول أعداد كبيرة من الوافدين للعمل في دول شبه الجزيرة العربية بهدف تحسين ظروف معيشتهم.
زيادة استهلاك المياه
أدى تسارع النمو السكاني العالي إلى زيادة الطلب على المياه للأغراض المنزلية وللغذاء، وعلى الرغم من ندرة المياه في مناطق شبه الجزيرة العربية إلّا أنّه يوجد هدر وإفراط في استهلاك المياه بالمنطقة.
ويعود السبب إلى الانخفاض الكبير في أسعار المياه، نتيجة الدعم الحكومي لها، فرسوم استهلاك المياه الشهرية رمزية، ولا تصل إلى من متوسط تكلفتها، مما أدى الى الإفراط في استخدام المياه، بالإضافة إلى عدم وجود تدابير صارمة تمنع هدرها.
تغير المناخ
تتميز منطقة شبه الجزيرة العربية بمناخ جاف، ومعدّل هطول أمطار منخفض، بالإضافة الى أن معدّلات التبخّر مرتفعة للغاية، كما أنها تعاني من انخفاض معدّل تغذية المياه الجوفية، وعدم وجود مصادر مياه سطحية دائمة.
وبسبب شح المياه وندرتها؛ يزداد تعرض المنطقة للتغيّر المناخي، مما يؤدي إلى زيادة درجات الحرارة باستمرار، وبالتالي انخفاض معدل هطول الأمطار وزيادة الجفاف والتصحر.
التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية
مع استمرار معدلات النمو السكاني المرتفع، والإسراف في استخدام المياه، سيزداد الطلب بارتفاع كبير على المياه، وستصبح المياه سلعة نادرة بمرور الوقت، وبالتالي ستكون عائقًا أمام التنمية الاجتماعية والصناعية والزراعية في المنطقة، إذا لم تُتّخذ إجراءات تغيّر السياسات المعمول بها.
توجّهت بعض دول شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط إلى تنويع مواردها الاقتصادية القائمة على النفط، وبدأت تركّز على قطاع الخدمات، ومن أبرزه قطاع السياحة، ولكن تحتاج المرافق السياحية بمختلف أنواعها إلى المياه، مث؛ل الحدائق، والفنادق، والمنتجعات المائية، والمرافق الترفيهية، ممّا يزيد الطلب على استهلاك المياه، لا سيما عند ازدياد الأنشطة السياحية.
محدودية موارد المياه الجوفية المتجددة
تعد المياه الجوفية المتجددة المصدر الرئيسي للمياه في دول شبه الجزيرة العربية بالإضافة إلى الأمطار، إلا أنّ المياه الجوفية المتجددة محدودة، كما أنّ بعض مصادر المياه الجوفية العميقة تحتوي على نسبة مرتفعة من بعض العناصر مثل أملاح الكالسيوم والمغنيسيوم، وكبريتيد الهيدروجين وغازات ثاني أكسيد الكربون، ممّا يجعلها غير صالحة للشرب وتحتاج الى المعالجة.
على الرغم من ندرة مصادر المياه الجوفية المتجددة بسبب تغير المناخ، فإنّ استخراج المياه الجوفية غير خاضع للرقابة أو التخطيط، ممّا يزيد من محدوديتها وندرتها، إضافةً إلى زيادة تلوثها، وبالتالي اقتصار استخدامها على الأغراض المنزلية والزراعية.
تزايد الطلب على المياه في قطاع الزراعة والصناعة
نظرًا لزيادة النمو السكاني وارتفاع الطلب على الغذاء، زاد معدل استهلاك القطاع الزراعي والصناعي للمياه، ويذكر أنه نتيجة تعرّض هذين القطاعين للضغوطات المتزايدة، أصبح هناك توجه للتوسّع في الأراضي الزراعية وزيادة الإنتاجية؛ وذلك لمواكبة التسارع السكاني المستمر، وبالتالي زاد استهلاك المياه لأغراض الري والزراعة والصناعة.
حلول مشكلة ندرة المياه في شبه الجزيرة العربية
هناك بعض الحلول والاسترتيجيات الواجب اتباعها لمواجهة مشكلة ندرة المياه في شبه الجزيرة العربية، ومعالجة المشكلة قبل أن تتفاقم وتزداد سوءًا في المستقبل، وفي ما يأتي أبرز الحلول لمشكلة ندرة المياه في دول شبه الجزيرة العربية:
التعليم والتوعية لترشيد استهلاك المياه
يتطّلب مواجهة مشكلة ندرة المياه أولًا التعليم والتوعية على أساليب وسلوكيات ترشيد المياه، لذلك يجب اتخاذ اجراءات صارمة وشاملة للحد من هدر المياه في جميع أشكال استهلاكها، بدءًا من الاستخدام الفردي، ووصولًا إلى الاستخدامات الصناعية الكبرى، وقبل كل شيء يجب إطلاع الجميع على أبعاد المشكلة ونتائجها المستقبلية المحتملة.
معالجة مياه الصرف الصحي
إنّ محاولة تبنّي مشروع معالجة مياه الصرف قد يكون أحد الحلول الناجحة في علاج مشكلة ندرة المياه في دول شبه الجزيرة العربية، ويتمثّل هذا الحل في إعادة تدوير و معالجة مياه الصرف الصحي ، لسد بعض الاحتياجات المائية، مثل الاحتياجات الزراعية والصناعية، وبالتالي ستقل مشكلة قلة المياه.
تحسين البنية التحتية
يتسبّب سوء البنية التحتية في خلق آثار سلبية على قطاعي الاقتصاد والصحة، فيؤدي إلى هدر الموارد، وزيادة التكاليف، بالإضافة إلى التقليل من جودة الحياة، كما قد يسبب الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، التي يمكن أن تُصيب الفئات الأضعف، مثل الأطفال، لذلك يجب العمل على تحسين وإصلاح البنية التحتية، لتقليل هدر المياه، ومواجهة مشكلة ندرتها.
تطوير محطات تحلية موفرة للطاقة
تعد محطات تحلية المياه حل جيد وفعال لمواجهة مشكلة ندرة المياه، وذلك من خلال استغلال الطاقة في إنشاء محطات لتحلية المياه، وقد تبنّت السعودية مؤخرًا مشروعًا لبناء محطات تحلية باستخدام الطاقة الشمسية.
التخفيف من آثار تغير المناخ
نظرًا للعلاقة الوثيقة بين تغير المناخ وندرة المياه، فإنّه يجب اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للحد من آثار تغير المناخ، مثل التقليل من انبعاث غازات الاحتباس الحراري، والنظر في زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية.
العواقب المستقبلية المحتملة نتيجة ندرة المياه
الماء هو حاجة أساسية للإنسان ، وندرته لها عواقب اجتماعية وسياسية واقتصادية وخيمة، لذلك إذا لم توضع حلول فعالة لمشكلة ندرة المياه في منطقة شبه الجزيرة العربية، فإنّ المنطقة ستواجه قضايا يصعب حلّها مستقبلًا، بسبب ازدياد شح المياه، من أبرزها ما يأتي:
- افتقاد جزء كبير من الأراضي الزراعية، نتيجة عدم وجود مياه كافية للري وذلك في حال استمرار ندرة المياه الحالية في الازدياد.
- انخفاض حصة الفرد من المياه لدرجة كبيرة.
- زيادة معاناة المنطقة من الجفاف والتصحر وقلة الأمطار، بسبب ازدياد درجة الحرارة الناجمة عن تغير المناخ.
- إحداث خسائر اقتصادية كبيرة بسبب نقص المياه مستقبلًا في المنطقة.
- انعدام الأمن المائي مستقبلًا يمكن أن يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي أيضًا وإحداث العديد من الصراعات الإقليمية.
- ارتفاع معدل الهجرات الناتج بفعل زعزعة الاستقرار في المنطقة.
- تهديد حجم إنتاج النفط، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعاره للغاية.