صفات نار جهنم
نار جهنم وصفاتها
النار في اللغة: اللَّهب المحسوس، والحرارة المُحرقة، وفي الاصطلاح: هي المقرُّ الذي أعدّه الله -تعالى- لمن عصاه وكفر به -سبحانه-، ولها العديد من الأسماء والصفات سنبينها في هذا المقال.
شدة نار جهنم وقوة احتراقها
من صفات نار جهنم أنَّها شديدة الحرِّ، حتى أنّ أشدّ الحرّ في الدنيا إنّما هو من فيح نار جهنم، والدليل على هذا ما سيأتي:
- ما رواه أبو سعيد الخدري ، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَبْرِدُوا بالصَّلَاةِ فإنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِن فَيْحِ جَهَنَّمَ).
- ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا فَقالَتْ: رَبِّ أكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فأذِنَ لَهَا بنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ في الشِّتَاءِ ونَفَسٍ في الصَّيْفِ، فأشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وأَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِير).
ظلمة نار جهنم وشدة سوادها
روى أبو هريرة -رضي الله عنه-، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ( أُوقِد على النَّارِ ألفَ سنةٍ حتَّى احمرَّت، ثمَّ أُوقِد عليها ألفَ سنةٍ حتَّى ابيضَّت، ثمَّ أُوقِد عليها ألفَ سنةٍ حتَّى اسودَّت فهي سوداءُ كاللَّيلِ المُظلِمِ)، وفي هذا الحديث دليلٌ صريحٌ على أنَّ جهنم شديدة الظُّلمة.
شدة أهوال نار جهنم
نار جهنم نارٌعظيمةٌ في حجمها، شديدةٌ في حرِّها، حتى أنَّ شِدَّتها تُنسي الإنسان كلّ ما تنعمه في الحياة الدنيا، ودليل ذلك من الأحاديث الآتية:
- روى أبو هريرة -رضي الله عنه-، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(نارُكُمْ هذِه الَّتي يُوقِدُ ابنُ آدَمَ جُزْءٌ مِن سَبْعِينَ جُزْءًا، مِن حَرِّ جَهَنَّمَ قالوا: واللَّهِ إنْ كانَتْ لَكافِيَةً، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّها فُضِّلَتْ عليها بتِسْعَةٍ وسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّها مِثْلُ حَرِّها، وفي رواية: كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّها).
- روى أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(يؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا، مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ).
اختلافها عن نار الدنيا
يُحذِّر الله -تبارك وتعالى- من نار جهنم فقال -تعالى-:(فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)، يتضح من هذه الآية الكريمة أنّ نار جهنم -والعياذ بالله- تختلف عن نار الحياة الدنيا فيما يأتي:
- إنَّ نار الدنيا وقودها الخشب، أمّا نار الآخره فوقودها الناس والحجارة.
- إنَّ نار الدنيا تستعمل للطهي والتدفئة، أما نار الآخرة أُعدت عقاباً للذين يكفرون بآيات الله -تعالى-.
- إنَّ نار جهنَّم أشدَّ حراً من نار الدنيا، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه-، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (نارُكُمْ هذِه الَّتي يُوقِدُ ابنُ آدَمَ جُزْءٌ مِن سَبْعِينَ جُزْءًا، مِن حَرِّ جَهَنَّمَ قالوا: واللَّهِ إنْ كانَتْ لَكافِيَةً، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّها فُضِّلَتْ عليها بتِسْعَةٍ وسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّها مِثْلُ حَرِّها. وفي رواية : كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّها).
دوام عذابها وملازمته لأهلها
يقول الله -تبارك وتعالى- واصفاً عذاب جهنّم : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً)، وغراماً: تعني أنَّه مُلازمٌ لها ما دامت السموات والأرض.
عظم حجمها
وقد وصف لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عِظم حجم جهنم، ففي السنة النبوية جاء ما يأتي:
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم فيما روى ابن عبّاس: (قالَ ابنُ عبَّاسٍ أتَدري ما سَعةُ جهنَّمَ؟ قلتُ: لا، قالَ: أجَل واللَّهِ ما تدري أنَّ بينَ شَحمةِ أُذنِ أحدِهِم وبينَ عاتقِهِ مَسيرةَ سبعينَ خَريفًا تَجري فيها أوْديةُ القَيحِ والدَّمِ قلتُ أنهارًا قالَ لا بلْ أوْديةً).
- (ثمَّ قالَ أتدرونَ ما سَعةُ جهنَّمَ، قلتُ: لا، قالَ: أجَل واللَّهِ ما تَدري حدَّثتني عائشةُ أنَّها سألَت رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ- عن قولِهِ وَالْأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ فأينَ المؤمنون يومئذٍ يا رسولَ اللَّهِ قالَ علَى الصراط يا عائشة).
- وروى أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا مع رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، إذْ سَمِعَ وَجْبَةً، فَقالَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: تَدْرُونَ ما هذا؟ قالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: هذا حَجَرٌ رُمِيَ به في النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَهو يَهْوِي في النَّارِ الآنَ، حتَّى انْتَهَى إلى قَعْرِهَا).
يحرسها ملائكة غلاظ شداد
على النار عدد من الملائك ة، يقول الله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، ففي هذه الآية الكريمة يُبيّن لنا الله -تعالى- أنّ لنار جهنم ملائكة يحرسونها، وبيّن لنا صفاتهم وهي كما يأتي:
- إنهم على النّار، وهذا يعني أنَّهم مُستعليين عليها مُتمكِّنين.
- غلاظ، أي أنَّهم يتَّصفون بالقسوة، وعدم اللين.
- شِداد، الشِّدَّة بمعنى القوّة، فهم أقوياء في التعامل مع أهل النار .
- لا يعصون الله، بمعنى أنّهم مأمورون يُطيعون الله طاعةً مطلقةً، فينفذون كلّ ما يؤمرون به.
أسماء نار جهنم
من أسماء نار جهنم ما يأتي:
- الحُطمة، فالله -تبارك وتعالى- يقول: (كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ* نَارُ اللَّـهِ الْمُوقَدَةُ).
- الجحيم، فالله -تبارك وتعالى- يقول: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) .
- لظى، فالله -تبارك وتعالى- يقول: (كَلَّا إِنَّهَا لَظَى).