صفات علي بن أبي طالب
صفات عليّ بن أبي طالب الخَلقيّة
كان عليّ بن أبي طالب رجلاً رِبعةً في القامة*، ذا لحيةٍ بيضاء عظيمة تصل إلى صدره، كما كان عظيم الذراع؛ إذ كانت ضخمةً، وكذلك كانت ساقه، وهامَته*، وشُبِّه وجهه بالبدر، وهو صغير العينَين، كثير شَعر الصدر والأكتاف، وعريض المنكبَين*، أصلع الرأس إلّا من شَعر أبيض من خلفه، وقد كان أقرب إلى السُّمنة، ولا يمكن تمييز عَضده من ساعده، ويُشار إلى أنّه -رضي الله عنه- كان يُعرَف بشدّة ساعده ويده؛ فقد كان يُمسِك الرجل فلا يستطيع التنفُّس؛ لشدّة قبضته.
صفات عليّ بن أبي طالب الخُلقيّة
علم وفقه علي بن أبي طالب
كان عليّ بن أبي طالب ذا مكانةٍ عاليةٍ من الحِكمة، والمعرفة بما يتعلّق بأسرار نُبوّة محمّدٍ -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد كان المرجع الأساسيّ للمسلمين في أمور القضاء والفتوى؛ إذ كان له رأيٌ في أغلب المسائل المُتعلِّقة بأمور الشريعة، كما أنّه حَظِي بمكانةٍ مُهمّةٍ عند كبار الصحابة ومن تَبِعَهم؛ إذ كانوا يستشهدون بأقوال سيدنا علي ، ولم يردّوا أو يخالفوا أيّ قولٍ أو فتوى صدرت عنه، وقال فيه عبدالله بن عبّاس -رضي الله عنهما-: "كنّا إذا أتانا الثَّبْت عن علي -رضي الله عنه- لم نَعْدل به"، وقال ابن شُبرُمة: "إذا ثبت لنا الحديث عن علي -رضي الله عنه- أخذناه وتركنا ما سواه"، بالإضافة إلى أنّه عُرف ببلاغته، وعِلمه الكثير، وفِراسته*، وفِطنته، فقد كان أكثر الناس عِلماً في زمانه، إلى جانب أنّه امتلك المقدرة على فَهْم الكلام الغامض، ولغة الوجه، وتميّز بسرعته في الردّ القويّ السليم.
وكان -رضي الله عنه- من أكثر الصحابة معرفةً بأمور القضاء، فقد ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (أرحمُ أمَّتي بأمَّتي أبو بَكرٍ وأشدُّهم في دينِ اللَّهُ عمرُ وأصدقُهم حياءً عثمانُ وأقضاهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ)، ويُعَدّ عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- صاحب قَدْرٍ كبيرٍ عند الصحابة؛ إذ كانوا يرجعون إليه ويستشيرونه؛ فقد استشاره أبو بكر الصدّيق في أهل الردّة، فقال له علي: "إنّ الله جمع بين الصلاة والزكاة، ولا أرى أن تُفرّق بينهما"، كما أخذ بمشورته عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما-، أمّا في ما يتعلّق بمجالات عِلمه -رضي الله عنه-، فمنها: الأحكام المُتعلِّقة بالعبادات، مثل: الصلاة، وحُكم من لم يُصلِّ، وكيفيّة قضاء ما فات المسلم من صلواتٍ، والأحكام التي تتعلّق بصلاة التراويح، وصلاة العيد، والغُسْل، والطهارة، وما يُنقض الوضوء، ومَن نام وهو جالسٌ، وحُكم قراءة القرآن على جنابةٍ، وغيرها من الأحكام، والفتاوى.
كرم علي بن أبي طالب
عُرِف عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- بكرمه، وسخائه؛ فكان يرى أنّ قضاء حاجة الآخرين أحبّ إلى قلبه ممّا في الأرض من ذهبٍ وفضةٍ، وقد بلغت الأوقاف التي أوقفها أربعين ألف ديناراً، ورُوِي عنه أنّه قال: "ما أدري أي النعمتين أعظم عليّ مِنّةً: من رجلٍ بذل مُصاص وجهه إليه فرآني موضعاً لحاجته، وأجرى الله قضاءها أو يسّره على يديّ، ولأن أقضي لامرئٍ مسلمٍ حاجةً أحبّ إلي من ملء الأرض ذهباً وفضةً".
تواضُع علي بن أبي طالب
امتاز عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- بتواضُعه؛ إذ كان يرفض مساعدة أيّ أحدٍ له في أبسط الأمور، وكان يسير وحده في الأسواق حين كان خليفةً للمسلمين؛ يُرشِد من كان ضالّاً طريقَه، ويُساعد الضعيف، ويحثّ التجّار على العدل، وعدم الغِشّ، وإيفاء المكيال والميزان، وتقوى الله، وينهاهم عن حلف اليمين في البَيع؛ لما فيه من إنقاصٍ للبركة، ومن تواضُعه -رضي الله عنه- أنّه كان يُقدّم أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- عليه، ويوبّخ كلّ من قال بأفضليّته عليهما، وبيّن أنّهما خير الناس وأفضلهم بعد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.
زهد علي بن أبي طالب
تأثّر عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- بملازمته للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وتعامله مع القرآن الكريم؛ فقد أدرك أنّ الحياة الدنيا مجرّد اختبارٍ وابتلاءٍ، وأنّ الآخرة هي الحياة الخالدة؛ ولذلك زَهِد في ما في الدنيا من نعيمٍ وزينةٍ، ولم يجعل الدنيا تسيطر عليه، وكان زاهداً أيضاً في طعامه؛ فكان يربط حجراً على بطنه من شدّة الجوع.
صبر علي بن أبي طالب
صبر عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في حياته كثيراً، وذلك منذ صِغره حين أسلم مع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في المرحلة السرّية من الدعوة، وفي ما تعرّض له في الغزوات والسرايا، والفِتن التي واجهها أثناء خلافته، وكان يحثّ الصحابة على الصبر، وقد رُوِي أنّه قال للأشعث بن قيس: "إنّك إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأزور"، ويُشار إلى أنّه -رضي الله عنه- تحلّى بالصبر في كلّ مرحلةٍ من مراحل حياته.
شجاعة علي بن أبي طالب
عُرِف عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- بشجاعته، ومن المواقف الشاهدة على ذلك توشّحه رداء النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ونومه في فراشه طوال الليل؛ حماية له من القوم الذين يتربّصون به لقتله، وذلك عند هجرته -عليه السلام-، وتعرُّضه للحبس والضرب من قِبلهم؛ بسبب فِعله.
عبادة علي بن أبي طالب
امتثل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لعبادة الله -تعالى- الشاملة في كلّ جوانب حياته؛ فكان من أصحاب التهجُّد في الليل، يحثّ غيره على مخافة الله، واستشعار مراقبته لهم، والتوجّه إليه خوفاً من عقابه، ورجاءً لرحمته، مُبيّناً لهم أنّ النفع والضرّ بيده وحده، وأنّه المُنعِم الوحيد عليهم، ومالك كلّ شيءٍ.
للمزيد من التفاصيل عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الاطّلاع على المقالات الآتية:
- (( سيرة علي بن أبي طالب )).
- (( قصة علي بن ابي طالب )).
- (( أهم أعمال علي بن أبي طالب )).
الهامش
*رِبعَة القامة: صفةٌ تُقال للذكر والأنثى تدلّ على التوسُّط في الطول؛ أي أنّ المُتّصِف بها ليس بالطويل ولا القصير.
*عريض المنكبين: يُراد بلفظ العريض؛ الواسع، والمنكب هو الموضع الذي يجتمع به رأس العَضد مع الكتف.
*الفِراسة: المهارة التي يمتلكها شخصٌ ما في معرفة بواطن الأمور من ظواهرها.
*الهامة: الرأس.